«لا زلت أذكر يوم اتصل الهمة بعضوين من كتابتنا العامة عام 2006، لكي يحاول أن يقنع حزبنا بأن يتظاهر أمام مقر جريدة «لوجورنال» بعد إشاعات اتهمتها بنشر رسوم مسيئة للرسول (ص)». الاتهام صريح ولا غبار عليه، وهو اتهام صدر عن مصطفى الرميد، نائب العدالة والتنمية في البرلمان تجاه فؤاد عالي الهمة. ونذكر أن هذا الأخير كان في ذلك الأوان وزيرا منتدبا في الداخلية. والواقع أنه كان الرجل الأول الفعلي في تلك الوزارة، والذي كان يجمع تحت يديه عددا من أجهزة الاستعلامات، كما أنه كان أيضا المسؤول عن مركز تمارة سيئ الصيت. لنتذكر أن جريدة «لوجورنال إيبدو» كانت قد نشرت وثائق تثبت تورط وزير الداخلية في هذه «المظاهرة» التي تحكم في خيوطها عملاء من هذه الوزارة ذاتها. ونذكر أيضا أن وسائل الإعلام الرسمية، خاصة القناة الثانية، قد ساهمت في هذه المؤامرة. وهكذا، وفي 13 فبراير 2006، بثت القناة الأولى والثانية في نشراتها الرئيسية روبورتاجا عن «وقفة احتجاجية» أمام البرلمان في الرباط، ضد «نشر» جريدة «لوجورنال» رسومات مسيئة للرسول (ص)، علما بأن الروبورتاج المذكور لم يكشف عن هوية المتظاهرين الذين شاركوا في الوقفة ورددوا شعارات مضادة للجريدة. الأكثر من ذلك، أن القناة الثانية قد رفعت دعوى قضائية ضد مدير نشر الجريدة، وبالطبع فإن العدالة قد أدانت هذا الأخير في قضية لم تتوفر فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة. وهي قضية أخرى تضاف إلى المحاكمات التي تجري على أرض «أجمل بلد في العالم». تصريح الرميد بشأن اتصال الهمة، يؤكد المعلومات التي راجت في ذلك الوقت، والتي لم يكذبها فؤاد عالي الهمة حتى الآن، والتي تفيد بأن وزير الداخلية حرض أجهزة سياسية ونقابية ضد جريدة «لوجورنال إيبدو». وهكذا، فإن الدولة، من خلال أحد وزراء السيادة في حكومتها، قد مارست نوعا من الإرهاب ضد مواطن مغربي وضد وسيلة إعلامية. إذن، فنحن أمام نوع من أنواع الشطط في استعمال السلطة. من جهة أخرى، جاءت اتهامات الرميد وصمت الهمة لكي يؤكدا ما جهرنا به دائما، وهو أن الدولة قد لعبت دورا مهما في المؤامرة التي حيكت حول جريدة «لوجورنال إيبدو». وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الحقائق التي تم الكشف عنها تأتي لتؤكد أطروحة أن المحاكمات التي أدين فيها كل من جريدة «دومان» و«لوجورنال إيبدو» و«تيل كيل»، وغيرها من الأجهزة الإعلامية التي تسمى مستقلة، هي محاكمات يقف وراءها نفس المنطق المخزني. من خلال ما سبق، لجريدة «لوجورنال» الحق في مقاضاة فؤاد عالي الهمة، على شططه في استعمال السلطة، وتحريضه على الكراهية وعدد من الاتهامات الثقيلة الأخرى. كما أن الحقائق التي كشف عنها تبين مدى «تشبث» وزير الداخلية السابق بقيم الديمقراطية والاستقلالية والعدالة وحرية التعبير. الأخطر من ذلك، أنه يبدو أن المخزن يتصف بقدر من الظلامية كالتي يوصف بها الإسلاميون المتطرفون، أو لم يكن أولئك الذين دفعتهم الداخلية للتظاهر أمام «لوجورنال» يرددون: «الموت لليهود» و«خيبر خيبر يا يهود، جيش محمد سيعود»... بعد كل هذا، من سيصدق بعد اليوم الحركة «من أجل الديمقراطيين» التي يقودها الهمة؟ على الهمة إذن أن يكذب ما صرح به الرميد إذا أراد أن يضفي على خطابه القليل من المصداقية.