مجلس الحكومة يتدارس مرسوماً متعلقاً ب"طنجة تيك" يوم الخميس    ديباجة مشروع المسطرة الجنائية تثير الجدل .. وهبي: "ليست مهمّة دينية"    حوض اللوكوس .. الأمطار الأخيرة تنعش حقينة السدود بأكثر من 50 مليون متر مكعب    جائزة القيادة في النوع الاجتماعي: البنك الدولي يكرم لُبنى غالب، عضو مجلس إدارة مجموعة طنجة المتوسط    الإيرادات العادية للمغرب ترتفع بأكثر من 95 مليار درهم في ثلاث سنوات    مطالب برلمانية بالكشف عن أسباب ارتفاع صادرات زيت الزيتون رغم تراجع الإنتاج    استمرار الأمطار والثلوج بالمملكة غدًا الأربعاء.. وطقس بارد مع رياح قوية في عدة مناطق    العواصف تُعرقل حركة السفر بين طنجة والجزيرة الخضراء عبر خط طنجة – طريفة    نشرة إنذارية: أمطار قوية وأحيانا رعدية وتساقطات ثلجية اليوم الثلاثاء بعدد من مناطق المملكة    طنجة-تطوان-الحسيمة: التعبئة القوية مكنت من فتح الطرق المغلقة بسبب الثلوج    مركزية ONCF بالمغرب تضع أطر وإدارة محطة القطار بالجديدة في مواجهة احتجاجات الزبناء بحكم الأعطاب المتكررة وغياب جودة الخدمات    القنيطرة .. العثور على جثة طفلة داخل حاوية نفايات    إسبانيا تلغي احتفالات "إنزال الحسيمة" لتجنب توتر دبلوماسي مع المغرب    الأداء السلبي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    العراق يملك واحدا من أعلى احتياطيات الذهب عربيا ب162طنا    الرئاسة المغربية لمجلس السلم والأمن لشهر مارس.. المملكة تدعو إلى تعزيز دور لجنة الحكماء    سقوط طبيب ومروج ل"القرقوبي" في يد أمن بركان    أمطار غزيرة ورعدية تتراوح بين 50 و70 ملم تهدد مناطق بالمملكة    انتخاب بوعياش بالإجماع لرئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان    تلوث الهواء يطال 14 مدينة هندية    مسؤولون يترحمون على محمد الخامس .. باني الأمة ومضحي للاستقلال    الناصيري ينفي الإساءة إلى حجيب    الشابي يشيد بقتالية الرجاء بعد الفوز على النادي المكناسي    الحبس والطرد من الإمارات.. تفاصيل قضية الفاشينيستا روان بن حسين في دبي    صيدلاني يشجع الشك في "الوعود الدعائية" للعقاقير الطبية    علماء: الإكثار من الدهون والسكريات يهدد المواليد بالتوحد    المسرح يضيء ليالي الناظور بعرض مميز لمسرحية "الرابوز"    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    عمر الهلالي يعرب عن رغبته في تمثيل المنتخب المغربي    نهضة الزمامرة يعيّن الفرنسي ستيفان نادو مدربًا جديدًا خلفًا لبنهاشم    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم مشاريع النشر والكتاب هذا العام    انتقادات لاذعة تطال نيمار لمشاركته في "كرنفال ريو"    توقعات أحوال الطقس ليوم الثلاثاء    الوداد الرياضي يستعد لمواجهة اتحاد طنجة بغيابات وازنة    كيف يؤثر الصيام في رمضان على الصحة ويحسنها؟    ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. باريس سان جرمان يسعى للثأر من ليفربول    كاف تفتح طلبات البث التليفزيوني لبطولاتها    غواتيمالا.. إعلان حالة التأهب وإجلاء المئات إثر ثوران بركان فويغو    الصين تختم اجتماعات القيادة السنوية    تناول السمك يتيح تطور الشخصية الاجتماعية عند الأطفال    الجزائر بين العزلة الدولية وسراب النفوذ أوحينما لا تكفي الأموال لصناعة التحالفات    حتى ‬لا ‬تبقى ‬الخطة ‬العربية ‬الإسلامية ‬لإعمار ‬غزة ‬معطلة ‬    قمة ‬جزائرية ‬تونسية ‬ليبية ‬لنسف ‬القمة ‬العربية ‬الطارئة ‬في ‬القاهرة    الصين: متوسط العمر بالبلاد بلغ 79 عاما في 2024 (مسؤول)    تنظيم الملتقى الأول ل''رمضانيات السماع و المديح للجديدة    الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.. من الشعارات الانتخابية إلى محكّ السلطة    دليل جديد يتوخى توعية المغاربة بمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب    ‬"وترة" يدخل دور العرض بعد رمضان    شخصيات عربية وإفريقية وأوروبية بارزة تنعى الراحل محمدا بن عيسى    الجديدي يفرض التعادل على الحسنية    برعاية إبراهيم دياز .. أورنج المغرب تطلق برنامج Orange Koora Talents    جماعة بني بوعياش تنظم ورشة لإعداد برنامج عمل الانفتاح بحضور فعاليات مدنية ومؤسساتية    بعثة تجارية ألمانية لتعزيز التعاون الاقتصادي في قطاع الفواكه والخضروات    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    دراسة: الكوابيس علامة مبكرة لخطر الإصابة بالخرف    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القنصلية الإسبانية قنطرة العبور إلى الفردوس الأوروبي

رغم ما لحق عمل القنصلية الإسبانية من تغيير صب في مجمله في خدمة الزائر وتسهيل عملها كذلك, إلا أنها لم تتمكن من إقصاء كل المعيقات وتذليل كافة العقبات أمام زوارها, وأولى المشاكل تهم ضيق الفضاء الذي توجد به القنصلية بالأساس, حيث ضاقت "زنقة الجزائر "بسيارات زوار القنصلية وشكل تنظيم المروربها, بالإضافة إلى مشكل الوسطاء الذي أخرج الأمن من دوره الروتيني في حماية القنصلية إلى تنظيم الحركة المرورية أمامها مشكل الوسطاء وإن كان هو الظاهر للعيان فان العقبة الأكبر منطلقها القنصلية نفسها, فالإجراءات التي تسير في اتجاه المزيد من التعقيد تشكل كبرى هواجس الزائر الذي يرغب في الحصول على تأشيرة سفر إلى الأراضي الاسبانية, وبالتالي يصدق الشعار القائل بأن مجرد طلب التأشيرة لا يعطي الحق في الحصول عليها، وتمنح 60 تأشيرة يوميا وتتلقى ما يقارب 300 طلب.
الساعة تشير إلى السادسة والنصف صباحا, السكون يخيم على"زنقة الجزائر“المتفرعة عن شارع“الراشدي“بالبيضاء, يصل“سعيد“ متأبطا محفظته اليدوية, ينزوي قرب الحائط المقابل للقنصلية الإسبانية, المستقرة بالمكان, يستلقي"سعيد", الشاب ذو الرابعة والثلاثين سنة وينتظر في صبر, لربما هو طالب تأشيرة
ينتظر كغيره أن تفتح القنصلية أبوابها, ذلك أنه بعد لحظات قليلة, بدأت الحياة تدب في أوصال المكان. أناس من هنا وهناك يتوافدون على مدخل القنصلية في انتظار أن تفتح أبوابها لاستقبالهم على الساعة الثامنة صباحا, إلى ذلك الحين يبدأ "سعيد" في التحرك جيئة وذهابا أمام مبنى القنصلية، حاملا معه حزمة أوراق وقلما, يخال
للناظر,أنه احد مسؤولي القنصلية المكلف بتنظيم الزيارات, لكن مرور الدقائق بدد هذه الفرضيات ف"سعيد“الشاب الثلاثيني أماط اللثام عن هويته وهو ينادي بصوت خفيض“خاصك شي دوموندا صاحبي.
عمل“سعيد“الحقيقي, فهو محرر طلبات أمام القنصلية ووسيط يعمل على إعداد ملفات طلب التأشيرة, يقول هنا "بدأت العمل بهذه الحرفة وأنا صغير من باب مساعدة الذات حتى تحولت فيما بعد إلى مهنتي الأساسية التي أعيش منها“.
"كلشي ولى بالرانديفو" شهدت القنصلية الإسبانية عدة تغييرات طالت مختلف جوانب عملها, فبعد أن كانت تصنف من بين القنصليات الأكثر ازدحاما وتكدسا, صارت اليوم نموذجا معقولا في الاستقبال والتنظيم.
يقول م.ع، 56 سنة، زائر“كلشي ولى بالرنديفو", أي نظام الموعد المسبق الذي اعتمدته القنصلية منذ مدة وأعطى ثماره من خلال السرعة التي باتت تطبع عملها, هذا بالإضافة إلى زيادة عدد شبابيك الاستقبال الذي وصل إلى حدود 6 شبابيك، مما أضفى على عملية الاستقبال مرونة وفعالية.
نعود إلى“سعيد “الذي أعياه المشي واستقر مجددا بإحدى الزوايا, يتجاذب أطراف الحديث مع زميل له الذي رفض الإفصاح عن اسمه“كاين غير الفيزا توريس“و بدا متضايقا قليلا وهو يتذمر من سوء أحوال عمله, بات الإقبال على القنصلية الاسبانية قليلا نسبيا بما كانت عليه خلال مطلع التسعينيات حين فتح باب الهجرة إلى الأراضي الإسبانية على مصراعيه أمام المغاربة, وصارت الآن طلبات الحصول على التأشيرة في حدودها
الدنيا مقارنة بما مضى يحصل"سعيد"على زبونه الأول, رجل في آواخر عقده السادس، أبيض البشرة تعلو خديه حمرة وتنم ملابسه عن أصله البدوي, الحاج )م.ك( يريد الحصول على تأشيرة لزيارة ابنه في اسبانيا, يقول“قدمت من منطقة بني ملال إلى هنا ولا أعرف أين أذهب أو كيف أصرف أموري من أجل الحصول على هذه التأشيرة“, وهذا دور“سعيد“ وغيره من الوسطاء الذين يعملون على مساعدة الناس كما يصفون هم مهمتهم, حيث يصف سعيد الأمر على هذا النحو, فهو يقوم بداية بتحرير طلب الحصول على التأشيرة باللغة الفرنسية التي لا يبدو أنه متمكن منها بالمعنى الحقيقي المعروف, بعد ذلك يقوم بجمع الأوراق اللازمة وله في
ذلك خبرة واتصالات عديدة، إذ تربطه علاقات بوكالات الأسفار المنتشرة في محيط القنصلية وبمكاتب الترجمة التي تعتمدها القنصلية وعددها مكتبان, باختصار يقوم سعيد بمتابعة ملف الطلب والزبون من البداية إلى حصوله على النتيجة إما بقبول طلبه أو رفضه.
أمام مبنى القنصلية نصبت سقيفة صغيرة مكونة من 4 حارات للانتظار، مقسمة وفقا لنوعية طلب التأشيرة, خلافا لما كان عليه الأمر في الماضي, يقول )ج.س( عمره 43 سنة زائر"كنا عرضة للشتاء والشمس أما الآن فالانتظار بات يمر في ظروف أحسن", زيادة على ذلك فتعاقد القنصلية مع شركة خاصة للحراسة ارتقى بالعملية التنظيمية أمام مدخلها وصارت أكثر انضباطا، وستة عناصر متوزعين على طول شبابيك الاستقبال ساهم في إنجاح العملية, علما أن الأمن كان حاضرا وما يزال وجوده قويا, عناصر الأمن الرسمية هي
في حدود ثمانية عناصر، بالإضافة إلى دوريات تفقدية مبرمجة للمرور من حين إلى آخر لمراقبة النظام أمام القنصلية, لكن هناك من يخرق هذا الطوق الأمني ويتمكن من الدخول إلى محيط القنصلية والخروج منه بكل حرية, إنهم أطفال روض"لاكولومبيي"، المحاذي لمبنى القنصلية وهي صورة غريبة من صور أغرب يحفل بها محيط هذه القنصلية البيضاوية.
الرجل «المحمول»
لكن أغرب ما يشد اهتمامك هناك رجل في عقده السادس ضربت السنون في قسمات وجهه عميقا, أسمر البشرة ولعل السبب لفحات الشمس المتواصلة, التي يتعرض لها وهو جالس في مكان لا ظل به. غرابة هذا الرجل طبعا ليست في شكله, ف"بنعيسى" اكتسب شهرته من شيء آخر, إنه أشبه بمستودع بشري متنقل, ذلك أن لوائح القنصلية الإسبانية واضحة "ممنوع إدخال الهاتف المحمول" من هنا اكتسب الرجل مهنته كمستودع للهواتف المحمولة والأمتعة والحقائب ووسع نشاطه ببيع فناجين القهوة الساخنة للزوار.
عشرات الهواتف المحمولة يختزنها بجيبه يوميا, والمدهش في الأمر أنه يستطيع ببساطة تذكر أصحابها وأنواعها، وما يزيد الأمر إثارة أيضا أن هذا الرجل يحمل ثروة بين يديه يوميا يستطيع التصرف فيها كما يشاء, لكن سلوك الرجل كما يبدو أكسبه ثقة الناس وصار مؤثمنا على حاجياتهم.
اقتربت "المغربية" من الرجل، لكنها لم تتمكن من معه, حيث احتجب ورفض الكلام ما إن عرف بهويتنا الصحفية, الشيء الذي أضفى على الرجل غموضا فوق غرابته ولعل هذا ما جعلنا ندعوه ب"الرجل المحمول".
«الفيزا والفاليزا »
رغم ما لحق عمل القنصلية الإسبانية من تغيير صب في مجمله في خدمة الزائر وتسهيل عملها كذلك, إلا أنها لم تتمكن من إقصاء كل المعيقات وتذليل كافة العقبات أمام زوارها, وأولى المشاكل تهم ضيق الفضاء الذي توجد به القنصلية بالأساس, حيث ضاقت "زنقة الجزائر" بسيارات زوار القنصلية وشكل تنظيم المرور بها مشكلة
كبيرة, أخرجت الأمن من دوره الروتيني في حماية القنصلية إلى تنظيم الحركة المرورية أمامها, يقول (س.ر) 25 سنة، حارس موقف السيارات بات مكتظا هنا ولا يتسع إلا لسيارات موظفي القنصلية لا غير.
زيادة على ذلك يبقى مشكل كثرة الوسطاء من بين الأشياء التي تعيق تواصل الزوار بالقنصلية, خصوصا أنه لا صفة قانونية لديهم للوجود بمحيط القنصلية , وهو الشيء الذي يضر بالزائر في أحيان كثيرة, حين يقع ضحية نصب أو احتيال أو تزوير, وبالوسيط أيضا الذي لا يخفي تضرره هو الآخر, يقول"سعيد" وسيطفي أحيان كثيرة
يتملص الزبائن من دفع أتعابنا التي لا نضع لها سعرا قارا ولا نستطيع مطالبته بها خوفا من أن تطالنا تهم النصب والاحتيال".
مشكل الوسطاء وإن كان هو الظاهر للعيان فان العقبة الأكبر منطلقها القنصلية نفسها, فالإجراءات التي تسير في اتجاه المزيد من التعقيد تشكل كبرى هواجس الزائر الذي يرغب في الحصول على تأشيرة سفر إلى الأراضي الاسبانية, وبالتالي يصدق الشعار القائل بان مجرد طلب التأشيرة لا يعطي الحق في الحصول عليها.
من جملة هذه الإجراءات المعقدة والمتغيرة من حين إلى آخر نسجل كثرة الوثائق المطلوبة وغرابة بعضها أيضا، مثلا في طلب الإقامة يشترط تقديم ضمانات الاستقرار المادي والاجتماعي بالمغرب وبالنسبة للصناع والتجار والمهنيين يفترض بهم تقديم وثيقة يثبتون من خلالها علاقاتهم التجارية بشركات اسبانية وهو الشيء الذي يصعب في أغلب الأحيان إثباته.
بالارتباط مع ما سبق يطرح مشكل التكلفة المادية لهذه الوثائق والإجراءات نفسه, فمثلا للحصول على تأشيرة سياحية عادية يلزمك ما يقارب 2000 درهم تكلفة وثائق وإجراءات,هذا بالإضافة إلى تكلفة الاتصال بالقنصلية لتحديد موعد, من خلال أرقام معينة منحت لشركات بعينها، وتستنزف كما يقول اغلب الزوار ممن صادفناهم، ميزانيتهم الصغيرة، خصوصا وأن عددا لا بأس به منهم, يأتي من مدن أخرى ويتحمل بالإضافة إلى ذلك مصاريف التنقل والإقامة، ورغم كل هذا فإن القنصلية تمنح 60 تأشيرة يوميا وتتلقى ما يقارب 300 طلب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.