أكد مهتمون بالشأن التربوي أن المهام الكبرى لإدارة المؤسسة التعليمية، "أكبر بكثير من الحمولة التدبيرية لدى الإداري في مجال التعليم، المفروض فيه أن يكون حازما في قراراته، لبقا في معاملاته ومتبعا لأهم التحولات التي يشهدها الحقل التربوي ومستجداته".النهوض بالمدرسة المغربية رهان وطني يجب تحقيقه وأبرزوا في حديثهم ل"المغربية"، أن التكوين الأساسي الذي تلقاه المديرون، خلال السنة الأولى من التحاقهم بمنصبهم الجديد، "لا يمكنهم من اكتساب الكفايات الضرورية لأداء المهام المنوطة بهم، نظرا لمدة التكوين الوجيزة وضعف مضمونه، علاوة على غياب التكوين المستمر، خلال فترة مزاولة مهامهم". هذا ما أكده العديد من أطر الإدارة التربوية ممن استقت "المغربية" آراءهم، وأضافوا أن تأطير وتدريب المديرين الجدد، "يجري عبر دروس نظرية لا تتجاوز القراءات المكررة للمذكرات والقرارات الوزارية وتمرير بعض المصوغات النظرية، في غياب شامل لتكوين إداري تقني، يعتمد على الوسائط الإعلامية والتدبير الإداري والمالي والمادي والمحاسباتي، وقانون الشغل الوظيفي وعلم النفس الوظيفي، الأمر الذي يؤدي في نهاية الأمر إلى تسيير إداري– تربوي سلبي". إن هيئة الإدارة التربوية، تقول المصادر ذاتها "تناط بها مسؤوليات عدة، إدارية وتربوية واجتماعية ومادية، تقوم على التنظيم والتدبير والتسيير ومساندة الأنشطة التربوية وتقوية التواصل بين الفاعلين التربويين أنفسهم وبينهم وبين جميع المتدخلين في العملية التربوية، إضافة إلى تقوية العلاقة بين المؤسسة التعليمية ومحيطها بتوفير شروط الانفتاح والاندماج". ومن هنا، يرى العديد من المهتمين بالشأن التربوي أنه إذا كان المحرك الأساس للمنظومة التربوية في شكلها الجديد مرتبط بالإدارة التربوية كرابط بين التنظير والبرمجة والتشريع والانفتاح، "فعلى الجهات المعنية بالشأن التعليمي أن تعيد النظر في نظرتها الكلاسيكية والعتيقة للتسيير التربوي، عبر إخضاع الإداريين لتكوين تربوي يحيطون من خلاله بأهم آليات التواصل مع محيطهم العلمي، من أجل تسهيل وتيسير العلائق بين مكونات المؤسسة التعليمية من مدرسين وتلاميذ ومفتشين ومنشطين تربويين، وفي الجانب الإداري، بما يضمن لهم أن يكونوا على إلمام بالتدبير القانوني لبعض القضايا" . إن المحاور الأساسية المتضمنة لبطاقات تكوين مديري المؤسسات التعليمية، في إطار برنامج "بروكاديم"، يقول عبد الكبير اجميعي، أستاذ باحث في علوم التربية، "تلامس في شقها النظري الأدوار الطبيعية لمهام الإدارة التربوية، وما ينتظرها من تحديات على مستوى أجرأة متطلبات المدرسة الحديثة، باعتبارها لبنة أساسية في تعزيز البناء التربوي داخل المؤسسات التعليمية، وتجسيدا حقيقيا للبعد اللامركزي في السياسات العامة لسلطة التربية والتكوين، وصلة وصل أساسية في الانتقال الوظيفي، بين القرارات المركزية وتصريف مضامينها بشكل سلس وذي جدوى داخل المؤسسات التعليمية". وبهذا الخصوص تبرز مصادر "المغربية" من الوزارة، أن "اعتماد مبدأ التعاقد كمفهوم جديد لتحديد مهام المتدخلين في العملية التربوية، وكذلك خلق منصب مساعد مدير في الوحدات المدرسية وإشراك مجلس التدبير في تسيير المؤسسة، وخلق جمعيات دعم مدرسة النجاح، كلها جهود ترمي إلى إصلاح الإدارة التربوية"، لكن عدم تفعيل أدوار مجلس المؤسسة، تؤكد مصادرنا "جعل مهام المشرفين على تسيير المؤسسات التعليمية غير واضحة، فتارة يكون المدير متسلطا، باعتباره رئيس المؤسسة، فيقوم بتصفية الحسابات في عدة محطات، كوضع النقطة المهنية ومراقبة الغياب في حين يمنح لنفسه حق التغيب لفترات طويلة، دون حسيب ولا رقيب، وتارة أخرى يكون منفذا لأوامر المصالح الخارجية بطريقة آلية ومحاسبا على تنفيذها". وتبقى الإدارة التربوية، حسب رأي العديد من أطرها "دعامة أساسية للعملية التعليمية التعلمية، ونجاح أي إجراء تربوي، رهين بوجود إداريين شرفاء، يشتغلون بمنطق التدبير العقلاني والإصلاحي، يستطيعون من خلال موقعهم أن يسهلوا مأمورية المدرس في استقبال تلميذ قابل للتعلم والاستيعاب، عبر اعتماد استراتيجية جديدة في مراقبة وتتبع مساره الدراسي وفتح حوار معه في حالة ما إذا لوحظ أي تغيير في سلوكه ونتائجه"، من جهة أخرى، تشدد المصادر نفسها على ضرورة أن تكون الإدارة التربوية "قريبة أكثر من المدرس، متواصلة معه لتحسيسه بأهمية الدور الذي يقوم به وتحفيزه وتشجيعه، من أجل تحقيق الجودة في الأداء، التي من الصعب الحصول عليها، إذ لم تكن العملية التعليمية والتربوية مرتبطة عموديا في جميع جوانبها الإنسانية والمهنية"، وهذا ما يلزم، حسب المتحدثين، أن "تحققه مشاريع البرنامج الاستعجالي، التي نأمل أن تكون القاطرة التي ستجر إصلاح المنظومة التربوية ليحقق النتائج المتوخاة منه" .