قام أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، محفوفا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، ومرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، أمس الجمعة، بزيارة لضريح مولاي علي الشريف بالريصاني، (إقليمالرشيدية)، حيث ترحم جلالته على الروح الطاهرة لمؤسس الدولة العلوية. (ح م) كما أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، أمس، صلاة الجمعة بمسجد ضريح مولاي علي الشريف بالريصاني. وذكر الخطيب في مستهل خطبة الجمعة بأن المغرب، بعد أن خلد قبل أسبوع ذكرى ملحمة المسيرة الخضراء، سيخلد في أقل من أسبوع، حدثا جليلا آخر وملحمة جهاد الأمة بقيادة العرش في سبيل استقلالها وانعتاقها، وهو جهاد شاق ومرير أمام قوة وجبروت المحتل، الذي ووجه بالإيمان الراسخ للشعب بعدالة قضيته. وأوضح الخطيب أن الله تبارك وتعالى قيض لهذه الأمة من أبنائها الأشاوس البررة ملكا شهما أبيا آثر مرارة النفي على أبهة الملك، فقاد شعبه في سبيل الحرية والاستقلال وحقق الله على يديه الفتح المبين والنصر المكين، فاستعادت البلاد حريتها المغصوبة وكرامتها المسلوبة. وقال إن تحرير الأوطان وتشييد الحضارات وبناء أمجاد الأمم لا ينهض إلا على أكتاف العمالقة من الرجال والنساء، المتحلين بصفات المواطنة الصادقة، والغيرة الشديدة على الوطن، التي لا يعتريها ريب ولا شائبة ولا خداع ولا نفاق. وأضاف أن ذلك هو ما أكد عليه أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بكامل الصراحة وتمام الوضوح والدقة في الخطاب، الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين للمسيرة الخضراء، إذ قال جلالته: "لم يعد هناك مجال للغموض أو الخداع، فإما أن يكون المواطن مغربيا أو غير مغربي، وقد انتهى وقت ازدواجية المواقف والتملص من الواجب، ودقت ساعة الوضوح وتحمل الأمانة. فإما أن يكون الشخص وطنيا أو خائنا، إذ لا توجد منزلة وسطى بين الوطنية والخيانة". وأشار الخطيب إلى أن هذا القول الفصل والنطق البليغ استقى بيانه وصدقه ونوره الساطع من مشكاة القرآن الكريم وسنة سيد المرسلين، موضحا أن القرآن الكريم ينبه الأمة المسلمة ويحثها على تخليص صفوفها من كل العناصر المدسوسة، لأنها أشد خطرا عليها من الأعداء بما تبثه من الضعف في الصفوف، وبما تثيره من فتنة واضطراب في النفوس، وما تلقيه من وهن في الهمم والعزائم. وأكد الخطيب أنه ليس هناك أشد على الأمة ممن تقله أرضها وتظله سماؤها ويستمتع بخيراتها، ثم ينقلب عليها ليطعنها من ظهرها بخيانته، مبينا أن ذلك هو سلوك النفوس غير السوية المريضة بالجبن والخوف، الموسومة بالرياء والنفاق وحبك الدسائس، مستشهدا بقول الرسول الكريم: "أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا أؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر". وذكر الخطيب بأن الشرفاء العلويين المؤسسين، وهم يضعون اللبنات الأولى للدولة المغربية الجديدة، ناهضوا بلا هوادة وحاربوا بكل شراسة من يعيثون في البلاد فسادا ويسعون إلى تمزيقها شيعا وأحزابا، هدفهم الأسمى هو توحيد الأمة وتجنيبها كل تفريق وتشويش، مبرزا أن هذا الجهاد هو نفسه، الذي يقوده أمير المؤمنين بإيمان ثابت وعزم لا يلين ضد كل من تسول له نفسه الإضرار بالوطن والعبث بوحدته واستقلاله. وشدد الخطيب على أن الوطن بكل شرائحه يلفظ ويرفض كل متلون ومتذبذب يخالف مظهره مخبره ولا تعكس علانيته سريرته، مشيرا إلى أن آمال الوطن في الحاضر والمستقبل لا تتحقق إلا بسواعد أبنائه البررة الأوفياء، الذين ما ضعفوا يوما وما استكانوا أمام كيد المتربصين وذوي النيات السيئة الظانين بالوطن ظن السوء، الذين لن يصيبهم إلا الويل والثبور. وفي الختام ابتهل الخطيب إلى العلي القدير بأن ينصر أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصرا عزيزا يعز به الدين ويجمع به كلمة المسلمين وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى الله عز وجل، بأن يغدق شآبيب رحمته ومغفرته على الملكين المجاهدين، جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، ويجعلهما في مقعد صدق مع النبيئين والصديقين والشهداء الصالحين. من جهة أخرى، قام أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، أمس الجمعة، بزيارة لمدرسة مولاي علي الشريف للتعليم العتيق بالريصاني (إقليمالرشيدية). وبهذه المناسبة، قام أمير المؤمنين بجولة عبر مختلف مرافق هذه المؤسسة التعليمية، التي جرى تدشينها ليلة القدر المباركة 1422 ه الموافق 12 دجنبر2001 م، والتي تضم بالخصوص، مكتبا للمدير، وآخر للحارس العام، وقاعتين للتدريس، وقاعتين لتحفيظ القرآن الكريم، وقاعة للإعلاميات، ومكتبة وباحة للاستراحة. ويتردد على المدرسة، ذات النظام الخارجي، 107 تلاميذ، من بينهم 76 تلميذة، أي 71 في المائة من مجموع التلاميذ. ويسهر على تأطيرهم طاقم إداري وتربوي يتكون من المدير، والحارس العام، و9 أساتذة ومدرسين (فقيهان متخصصان في تحفيظ القرآن الكريم)، ومنشط تربوي. وفي سياق العناية التي توليها للمدارس القرآنية بمختلف جهات المملكة، خصصت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دعما للمؤسسة بقيمة مليون و390 ألف درهم، منها 863 ألف درهم للمنح والمكافآت، و530 ألف درهم للتجهيز. وشهد المسار التربوي للمؤسسة تطورا كبيرا، لاسيما بعد صدور القانون رقم13 /01 للتعليم العتيق (ما بين2001 و2002)، إذ ارتفع عدد التلاميذ بها من 40 إلى 107 طلبة، وتطبيق البرنامج الدراسي الذي اعتمدته الوزارة الوصية، إلى جانب توسيع نظام المستويات ليشمل مختلف مستويات الطور الابتدائي العتيق. ويوجد بإقليمالرشيدية أزيد من 7000 تلميذ بالتعليم العتيق، موزعين على 154 مدرسة ومؤسسة، منها 144 للطور ما قبل الابتدائي، و10 للطور الابتدائي والإعدادي. ويشرف على التأطير بهذه المؤسسات 200 مدرس. وشهد التعليم العتيق بالمغرب قفزة نوعية في السنوات الأخيرة، بفضل التعليمات السامية لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، الذي ما فتئ يدعو إلى المزيد من الاهتمام بهذا النوع من التعليم، وهو ما حرصت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على تجسيده في مؤسساته، وكان من نتائجه الطيبة الازدياد المستمر في عدد المدارس والمعاهد الدينية بمختلف جهات المملكة.