توفيت، أول أمس الاثنين، بأحد مستشفيات الرباط، الفنانة غيثة العوفير، أول عازفة مغربية على آلة البيانو، وعضوة جوق الإذاعة الوطنية للطرب الأندلسي، عن عمر ناهز 77 سنة، وووري جثمانها الثرى عصر اليوم نفسه بمقبرة الشهداء بالرباط. الفنانة الراحلة غيثة العوفير حظيت الفنانة الراحلة غيثة العوفير بالرعاية الملكية السامية، إذ أجريت لها عمليتان جراحيتان، واستفادت من الرعاية الطبية بمستشفى الشيخ زايد بالرباط، وكانت تعيش وضعية صحية مقلقة، إلى جانب ضيق ذات اليد. ازدادت الراحلة غيثة العوفير بمدينة الرباط، سنة 1932، وترعرعت وسط أسرة مولعة بالموسيقى، إذ كان والدها متخصصاا في صناعة الآلات الموسيقية، وعضوا في الفرقة الموسيقية الأندلسية، برئاسة أحمد الوكيلي، وكان عازفا على آلة التشيلو، أو الفيولونسيل. وجعل هذا الوسط غيثة تنهل، منذ صباها، من منبع الفن الأصيل، وتسعى لتسخير أناملها لمداعبة الآلات الراقية. عشقت الراحلة الطرب الأندلسي، وسعت للتزود من أصوله على أيدي أساتذة كبار، أمثال عبد السلام الخياطي، وابنه سيدي الغالي، ومحمد طرطوش، ما أهلها لأن تكون المرأة الوحيدة، التي اخترقت عالم الرجال والجلوس إلى جانبهم للعزف ضمن فرقة كل أعضائها ذكور. تعلمت الراحلة العزف على آلة البيانو مع جوق القصر الملكي بتواركة، رفقة والدها، في خمسينيات القرن الماضي، وأجادت أداء أغاني الطرب الأندلسي، التي ما زال جلها موثقا في أرشيف الإذاعة الوطنية، كما أجادت العزف على آلتي "الهارب"، و"الأكورديون". رغم التحاقها بالإذاعة والتلفزة المغربية بين سنة 1958و1992، فإنها اشتغلت، موازاة مع ذلك، في محطة للبنزين، وتعلمت الميكانيك، لتحسين دخلها، فلم يؤثر ذلك في شخصيتها الأنثوية، ولا في حسها الفني المرهف، بل زادها إصرارا على الخلق والإبداع الموسيقي، لتصبح أول مغربية، وعربية، تعزف على آلة البيانو. وطيلة الأربعة عقود، التي عملت خلالها في المجال الفني، كانت متميزة بعزفها وأخلاقها ونكرانها للذات، وعزفت رفقة أهم الفنانين المغاربة في مجال الموسيقى الأندلسية، خاصة الراحلين، أحمد الوكيلي، وعبد الكريم الرايس، ومحمد العربي التمسماني، الذين كانوا يحرصون على وجودها ضمن مشاركاتهم في الملتقيات الوطنية والدولية، إضافة إلى مساهمتها في267 تسجيلا إذاعيا، و153 تسجيلا تلفزيا.