طالما شعر عزيز الكانا برباط التضامن بينه وبين رفاقه في فريق الوداد، وكذا مدربيه والمسيرين، فكانت هذه اللحمة تساعده على العطاء أكثر في المباريات، كما تساعده على الاحتفاظ أمام نفسه وأمام جمهوره بمكانته المتميزة داخل الفريقالكانا على اليسار بكسر في أنفه، رفقة جمال حمدي خلال لقاء مع المغرب الفاسي فمنذ الوقت الذي التحق بفريق الكبار، فإن الكانا بدأ يشعر، حسب قوله، بأنه الآن "لاعب كرة حقيقي"، بعد أن غمرته نشوة النجاح في بداياته الكروية، فلم يكن عنده أي شك في قدراته ومهاراته، ولكن رغم ذلك فإنه كان يملك الجرأة مع نفسه، ليؤكد أن الإبداع في ممارسة الكرة ليس رهينا بفترة معينة، بل هو إعداد مستمر. مرة أخرى أيقن الكانا أن حبه للكرة ما كان ليعبر عن نفسه تعبيرا خالصا إلا بتجسيده على أرض الملعب، فكان يركض في الملعب وهو يؤرجح الكرة بسرعة فائقة، كان يصعب معها على خصومه اللحاق به وانتزاعها منه، ولأن بنيته كانت قوية وقامته طويلة سهلا عليه الاستحواذ على الكرة للحظات طويلة أثناء اللقاءات الكروية، كما يحكي الكانا. لم يكف الكانا يوما عن التداريب للحفاظ على وتيرة سرعته واستعداده البدني، وكانت فترات التدريب تثير بهجته، ولأنه لم يكن قادرا على كتمان أفكاره، كانت دعابة روحه تضفي على الأجواء طابعا مرحا وهو يتحدث بأسلوب مسل يلهي اللاعبين عن الشعور بالتعب من التداريب، وكم كان يرتاح إليه رفاقه وهو يروح عنهم دون كلل. ذكرى طيبة عن المسيرين كان فريق الوداد مرتبطا في ذهن الكانا بفوزه في المباريات التي تجمعه بالفرق، من خلال ظهور عناصره بمستوى يليق وتطلعات جمهوره، ويتذكر عندما كان ضمن فئات الشبان واستدعي للمشاركة مع فريق الكبار للعب ضد الدفاع الحسني الجديد بملعب العبدي، حيث فاز الوداد ب 2 مقابل لا شيء، وكانت أول مباراة للكانا يحقق فيها ما طمح إليه. حمل الكانا الرقم 4 (مدافع أوسط)، وحسب ما يصف كانت الكرة لصيقة بقدميه وترفض الانزياح نحو خصومه، مرد ذلك إلى تحكمه فيها على نحو يعيق على الفريق الخصم الحصول عليها بسهولة، كان يملك طريقة فريدة في المراوغة، وكان جمهور الوداد يتتبع ذلك بشغف، حيث إنه يدقق النظر في كل حركة يؤديها اللاعبون، مادام تعلقهم بالفريق جاء بهم إلى غاية الملعب للمتابعة عن كثب. ولأن الكانا يحظى باحترام رفاقه بفريق الوداد، كان ذلك يرفع معنوياته فلا يتوانى عن دعمهم كما يفعلون ذلك، حيث يستحضر مباراة جمعت الوداد بالمغرب الفاسي سنة 1983 انتصرت الوداد ب 1 مقابل صفر، بعدما سجل هذا الهدف الوحيد في الدقيقة الثانية من بداية المباراة، وكانت عناصر فريق الوداد اجتمعت بفندق في فاس قبل أن تبدأ المباراة لمطالبة رئيس المكتب مكوار عبد الرزاق والحاج المقتدر بزيادة 100 درهم على مبلغ 700 درهم كمنحة تقدم لهم في حالة ربح مباراة خارج الدارالبيضاء، إلا أن مكوار والمقتدر كانا أكرم بكثير، حسب حكي الكانا، مع عناصر الفريق ليخصصا لهم 3000 درهم. ونوه الكانا بحسن تعامل المسيرين والمدربين مع اللاعبين، وهو سر تفوق الفريق الذي طالما كانت عناصره على قدر كبير من الانسجام والتفاهم، ويحكي أيضا أنه سنة 1984 كانت هناك مباراة ضد الفتح الرباطي، حيث تفاجأ فيها بأن الحكم أشهر ضده البطاقة الصفراء، رغم أنه لم يتركب أي مخالفة، فقط لأن الكانا معروف عنه الضرب، يقول بروح مرحة، حيث إن سرعة الكانا في الجري وعنف ضرباته، كثيرا ما كانت تؤدي إلى جرح خصومه، هذا ما عرف عنه، كما يعزز ذلك رأي صديقه أحمد البيضاوي، ليذكر أن الكانا إلى اليوم لا يزال يتمتع بتلك القوة، بحيث حذره ذات مرة في لقاء ودي جمع بين لاعبي جمعية رياضة وصداقة وصحافيين من مختلف المنابر الإعلامية من أن يوقع أحد اللاعبين ضحية لضرباته العنيفة، فكان رد الكانا: أن ممارسة الكرة لا تعترف بالوساطة، أي الهم الأكبر هو الخروج بالنصر وعن استحقاق وجدارة. عنف الحركات الكروية يعود تفوق الكانا إلى إيقاعه السريع وعنف حركاته الكروية، فما يشجعه على الركض بالكرة وسط الملعب (قوته البدنية)، كان يثير قلق خصومه من أن يتعرضوا للجرح والتوعك، والحق أنه لم يكن يقصد ذلك، كان يسعى فقط إلى تمكين فريقه من الفوز في المبارايات، ولأن معظم اللاعبين القدامى كانوا يتميزون بقوتهم البدنية، كان لا بد له أيضا من أن يكون في مستواهم أو أكثر، لمسايرة وتيرة المبارايات. كما لا ينسى الكانا الحدث الطريف الذي وقع له سنة 1988، حيث كان هناك خلاف بسيط بينه وبين فريق الوداد، فضل إثره التدرب وحده في منأى عن عناصر الفريق، ليلتقي بحكم كان اسمه "لاراش"، الذي نصحه بعدم المبالغة في اللعب إلى حد ضرب اللاعبين، وخلال مباراة جمعت الوداد بالرجاء، كان "لاراش" صدفة الحكم المسير لهذا اللقاء، وكان المسؤول عن طرد الكانا من الملعب بعد إشهار البطاقة الحمراء في وجهه. واستحضر الكانا لعبه في مباراة بين الوداد والمغرب الفاسي سنة 1980، خرج منها بأنف مكسور ينزف دما، غير أن رغبته في مواصلة اللعب كان أكبر من الإذعان لطلب الحكم الناصري آنذاك بمغادرة للملعب قصد العلاج، فكان رده الكانا على المدرب: "هذا أنفي ولا أحد مسؤول عنه غيري"، وإن كانت النتيجة النهائية صفر لمثله. ولأن اللياقة البدنية كانت تفرض وجودها على كل اللاعبين، كان الكانا كغيره يجري مسافة 10 كيلومترات، حفاظا على خفة حركاته وإعدادا قبليا للمبارايات، أما والده، الذي طالما حاصر رغبته في ممارسة الكرة، فقد اعترف للكانا بعد تألقه بأن حبه للكرة لم يكن يقل شأنا عن حبه لها، ولكن مخاوف التيه في الرياضة بدل العثور على عمل يضمن لقمة العيش كان يشوش على هذا الحب الكروي.