لم يستطع الدعم الاستثنائي الموجه لمهني النقل، والذي يشهد تعثرا في عملية صرفه، التخفيف من وقع حجم الارتفاعات المتتالية التي شهدتها أسعار المحروقات (تجاوزت اليوم الثلاثاء عتبة 15 درهما)، ما جعل جبهة الاحتجاج ضد غلاء الغازوال تتقوى. فبعد أن قررت هيئات نقابية التوقف عن العمل ابتداء من الغد، اختار التنسيق الرباعي لنقابات مهنيي النقل الطرقي للبضائع مراسلة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، قصد التدخل ل"محاسبة المتلاعبين بأسعار المحروقات"، وإعادة الأمور إلى نصابها. واشتكى التنسيق النقابي المكون من المكاتب الوطنية لنقابات مهنيي النقل الطرقي للبضائع المنضوية تحت لواء المركزيات النقابية (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل -الاتحاد العام للشغالين بالمغرب - الاتحاد المغربي للشغل - الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب)، (اشتكى) لرئيس الحكومة ما أسماه "بعض الممارسات المخالفة للقانون، والتي تعتمدها جمعية مزودي محطات الوقود، حيث عمدت إلى الرفع من ثمن المحروقات في 4 مناسبات خلال شهر مارس المنصرم، في خرق صريح وواضح لما التزمت به الحكومة إبان تحرير أسعار المحروقات". كما وضع التنسيق رئيس الحكومة أمام "وضعية الأزمة الخانقة التي يتخبط فيها العاملون بالقطاع، جراء حجم الارتفاعات المتتالية التي عرفتها أسعار المحروقات"، مبرزا أن "الكلفة المرتفعة للمحروقات أضحت تلتهم هامش الربح الضيق، وأخلت بالتوازن المالي للمقاولات النقلية المهددة بالإفلاس في أي وقت، إذا استمر الحال على ما هو عليه، دون تدخل السلطات الحكومية". ونبه التنسيق، أيضا، إلى أن استمرار الوضع على حاله سيضطر المهنيين إلى خوض أشكال نضالية غير مسبوقة. وأمام هذا الوضع "المتأزم الذي يزداد تفاقما يوما عن يوم" بحسب وصفه، طالب التنسيق رئيس الحكومة ب"التدخل لإعادة الأمور إلى نصابها، وفتح تحقيق يستهدف كشف ومحاسبة تجار الأزمات المتلاعبين بأسعار المحروقات". من جهة أخرى، التحقت الجمعية المغربية للنقل الطرقي عبر القارات، بصفوف كل من الجامعة الوطنية للنقل المتعدد الوسائط، والجمعية المغربية للنقل واللوجستيك، وجمعيات مهنيي نقل المستخدمين لكل من طنجةوتطوان، الذين قرروا التوقف المفتوح عن العمل ابتداء من يوم غد الأربعاء إلى حين تحقيق المطالب. وعلمت "الصحراء المغربية" أن محمد عبد الجليل، وزير النقل واللوجستيك، دخل على خط الإضراب المقرر تنفيذه اليوم، ودعا مسؤولي الجامعة الوطنية للنقل المتعدد الوسائط، وممثلي باقي الهيئات المشاركة في التوقف عن العمل، إلى جلسة حوار، ظهر اليوم الثلاثاء، قصد التوصل إلى حلول للمشاكل العالقة، وإقناعها بتعليق قرار الإضراب، الذي ستكون له تداعيات كبيرة، خصوصا على نشاط الشركات والوحدات الإنتاجية بالمناطق الصناعية بتطوانوطنجة. وكانت جمعيات مهنيي نقل المستخدمين لكل من طنجةوتطوان (جمعية الوحدة لأرباب شركات نقل المستخدمين بطنجة، وجمعية اتحاد شركات نقل العمال بتطوان، وجمعية الأمل لأرباب نقل المستخدمين بطنجة)، راسلت رؤساء المناطق الصناعية بجهة طنجةتطوانالحسيمة، لإخبارها بالتوقف عن العمل ابتداء من يوم غد على الساعة العاشرة صباحا. من جانبها، اعتبرت الجامعة الوطنية للنقل المتعدد الوسائط أن "الارتفاع الحاصل كان له انعكاس جلي على تكلفة النقل بالشكل الذي أصبح يهدد المقاولة النقلية الوطنية، ويخل بتنافسيتها، وبمدى قدرتها على الاستمرار". وأكدت الجامعة أنه رغم تخصيص الحكومة لدعم استثنائي للعاملين في مجال النقل، إلا أنه يبقى إجراء حكوميا يطبعه الكثير من القصور بشكل يجعل منه غير قادر على التخفيف من معاناة المقاولة النقلية. كما أعلنت، في بلاغ لها، أن هذا الوضع المتأزم الذي أصبحت معه المقاولة النقلية غير قادرة على تغطية أعبائها المالية بفعل التهام ارتفاع التكلفة الطاقية لهامش الربح، جعل معظم هذه المقاولات مهددة بالإفلاس. وحسب الجامعة، فإن قرار الإضراب سيظل قائما إلى حين تحقيق المطالب المسطرة من طرف المهنيين، والمرتبطة بالإسراع في إخراج إطار قانوني وتنظيمي خاص بمؤشر الغازوال يهدف إلى تقنين تقلبات سعره. بدورهم، راسل مهنيو سيارات الأجرة الصنف الثاني بفاس، والي جهة فاسمكناس- عامل عمالة فاس، مطالبين إياه بالتدخل وبصفة استعجالية لا تحتمل أي تأجيل لمراجعة تسعيرة الركوب، لإنقاذ القطاع من إفلاس وشيك. واعتبرت الرسالة أن الزيادات الصاروخية والمتتالية في أسعار المحروقات، والتي لم يسبق لها مثيل، ومعها جميع المواد الاستهلاكية، أدت إلى تدهور القدرة الشرائية لمهنيي القطاع، خصوصا أنهم لم يعودوا قادرين على تحمل فارق تكلفة الاستغلال. وأضافت الرسالة أن المهنيين أصبحوا أيضا عاجزين عن تسديد مبالغ باقي الالتزامات (واجب كراء المأذونية، التأمين، أقساط ديون البنوك"، مما يدفع بشريحة واسعة منهم إلى الإعلان عن إفلاسها وبوتيرة لم تكن متوقعة.