وضعت مسودة مشروع قانون رقم 01.18 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية عددا من المستجدات بخصوص مقتضيات "الأمر بإلقاء القبض دوليا وكذا نقل المحكومين من المغرب" إلى الخارج والعكس، وهو ما رآه مختصون في القانون "إعمال أكثر من المشرع المغربي لسمو الاتفاقيات الدولية ولالتزامات المغرب في هذا الشأن". وضمنت وزارة العدل في المسودة التي تتشاور حاليا بشأنها مع باقي مكونات العدالة قبل احالتها على مجلس الحكومة الباب التاسع والعاشر من مسودتها المكونة من 151 صفحة، اطلعت "الصحراء المغربية " على نسخة منها، مقتضيات ما يتعلق بإلقاء القبض دوليا ونقل المحكومين إلى الخارج، وأوجبت أن يتضمن الأمر الدولي بالبحث وإلقاء القبض عددا من البيانات راعت فيها ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية وتتمثل في: "ملخص الأفعال وتحديد تاريخ ومكان ارتكابها وتكييفها القانوني النصوص القانونية المطبقة على الأفعال الجرمية الهوية الكاملة للشخص مع الإشارة إلى أوصافه ولكل المعلومات المتوفرة التي من شأنها التعريف بهويته الأمر الصادر بضبط الشخص وإلقاء القبض عليه الجهة القضائية المصدرة للأمر وتوقيعها والنصوص القانونية التي تمنحها الاختصاص". وأضافت أن الجهة القضائية المختصة هي من تتكفل بإحالة الأمر الدولي بإلقاء القبض إلى الشرطة القضائية التي توجهه إلى المديرية العامة للأمن الوطني لنشره من قبل المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الانتربول" وبكل الوسائل الأخرى المعمول بها كما تحال نسخة منه إلى رئيس النيابة العامة ووزير العدل. وفي حالة إلغاء أمر دولي بالبحث وإلقاء القبض أو تعديل بمقتضياته، يتعين على السلطات القضائية التي تقوم بالإلغاء أن تشعر بذلك فورا مصالح الشرطة القضائية المشار إليها في الفقرة الثانية من هذه المادة ورئيس النيابة العامة ووزير العدل. فيما، أبرزت أنه يتعين على السلطات المختصة قبل تنفيذ الأوامر الدولية الصادرة عن السلطات الأجنبية أن تتأكد من احترامها للشروط القانونية المنصوص عليها في هذا القانون ولا سيما مقتضيات المواد 719 و720 و721، ويمكن لها تحديد أجل لمطالبة السلطات الأجنبية بكل معلومة تراها مناسبة. وبالانتقال إلى الباب العاشر المرتبط نجد أن المشرع خصصه لمقتضيات "نقل الأشخاص المحكوم عليهم بالخارج إلى المغرب أو نقل الأشخاص المحكوم عليهم بالخارج إلى المغرب"، مجيزا لوزير العدل بشكل تلقائي أو بناء على طلب المحكوم عليه المغربي أن يقدم إلى الدولة الأجنبية التي يتم فيها تنفيذ العقوبة طلبا بنقله إلى المغرب لقضاء عقوبته أو ما تبقى منها. كما أجاز أيضا للدولة الأجنبية بناء على طلب منها نقل المحكوم عليه بعقوبة سالبه للحرية بمقتضى حكم صادر عن قضائها وذلك لتنفيذ العقوبة أو ما تبقى منها في المغرب إذا كان المحكوم عليه مغربيا وتوفرت الشروط، التي حددها في: "أن يوافق المحكوم عليه كتابة على النقل أو بواسطة من يمثله قانونا طبقا لمقتضيات القانون المغربي أو قانون الدولة الأجنبية أن يكون الحكم الصادر في حقه مكتسبا لقوة الشيء المقضي به أن يكون الفعل الصادر من أجله حكم الإدانة جريمة في القانون المغربي ألا يكون قد صدر لأجل نفس الفعل حكم من المحاكم المغربية قضى ببراءة أو إدانة المحكوم عليه أو ما يفيد أنه نفذ العقوبة المحكوم بها عليه أو تقادمت أو حصل على عفو بشأنها ألا تقل مدة العقوبة المتبقية عن سنة عند تقديم طلب النقل". واشترط المشرع، أيضا، أن يقدم طلب النقل كتابة إلى وزير العدل مخولا له صلاحية قبول أو رفض طلب نقل المحكوم عليه إلى المغرب. وبخصوص نقل المحكوم عليهم بالمغرب إلى دولة أجنبية، أجازت فصول المسودة نقل المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية بموجب حكم مكتسب لقوة الشي المقضي به صادر عن محكمة مغربية إلى دولة أجنبية لتنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه أو ما تبقى منها إذا كان المحكوم عليه من رعاياها، وربطت ذلك بتوفر الشروط التالية "أن يوافق المحكوم عليه كتابة على النقل أو بواسطة ممثله القانوني أن يؤدي المحكوم عليه ما بذمته من غرامات ومصاريف قضائية وتعويضات وأي عقوبة مالية كيفما كان نوعها حكم عليه بأدائها أو الادلاء بما يفيد ابراء ذمته منها أن توافق دولة المحكوم عليه على هذا النقل". في حين تتقدم الدولة الأجنبية بطلب النقل لتنفيذ العقوبة إلى وزير العدل الذي يصدر قرارا بقبول الطلب أو رفضه، واذا قدم الطلب من قبل المحكوم عليه أو ممثله القانوني، فإن وزير العدل يبلغه إلى السلطات المختصة ببلاده عبر الطريق الديبلوماسي. وحسب المسودة، يتم توقيف تنفيذ العقوبة في المؤسسة السجنية المغربية ابتداء من تاريخ تنفيذ قرار النقل، في حين لا يجوز العودة إلى التنفيذ إذا كانت العقوبة نفذت وفق القوانين الدولة الأجنبية. في ما يتم نقل المحكوم عليهم تحت الحراسة إلى الحدود الوطنية بواسطة القوة العمومية وتتحمل الخزينة العامة نفقات التنقل داخل المملكة المغربية، طبقا للتشريع المتعلق بالمصاريف القضائية في المادة الجنائية، وتتحمل الخزينة مصاريف نقل السجناء المغاربة من الخارج لقضاء عقوباتهم بالمغرب، وبالمقابل تتحمل الدولة الأجنبية مصاريف نقل السجناء الحاملين لجنسيتها من المغرب إلى أراضيها. وفي هذا الإطار الأستاذ خالد الإدريسي، المحامي من هيئة المحامين بالرباط، أوضح إنه "بالنسبة للأمر الدولي بإلقاء القبض ونقل الأشخاص المحكوم عليهم، فهناك العديد من الاتفاقيات التي يلتزم بها المغرب والتي من المفروض أنها تسمو على القوانين الداخلية أو أن لديه التزام بمراجعة قوانينه الداخلية وفق لهاته الالتزامات، مشيرا إلى أن هذه الالتزامات عادية والمغرب منخرط فيها بناء على مجموعة من الاتفاقيات الثنائية. كما أكد الأستاذ الإدريسي أن هذا الأمر فرضه وجود الجرائم الخطيرة والجرائم عبر دولية، مضيفا أن الدول أصبحت غير قادرة على القيام بهذه الإجراءات بمفردها، وأصبح الأمر يفرض نوعا من التعاون والتآزر بين الدول، وتنسيق الإجراءات فيما يتعلق بالمتابعات أو المحاكمات وحتى في تفريق العقوبات السجنية. وبالعودة إلى مستجدات مسودة مشروع المسطرة الجنائية، قال المحامي الإدريسي في تصريحه ل " الصحراء المغربية" إنها تسير في هذا الاتجاه وتنفذ التزامات المغرب على هذا المستوى الدولي أعمالا لسمو الالتزامات الدولية".