انطلقت، السبت بالمدينة العتيقة لمراكش، فعاليات الدورة الأولى من مهرجان مراكش الدولي لفن الحكي "موسم الحكايات"، بتقديم عروض في الحكي تربط الحاضر بالماضي، جرى سردها على لسان "شيوخ الكلام" المغاربة والاجانب من كلا الجنسين المشاركين بمختلف اللغات من قبيل الإنجليزية والفرنسية، إضافة إلى الدارجة والأمازيغية، لإبراز تقارب الشعوب في ما بينها بخصوص الموروث الثقافي الشفوي للبلدان المشاركة. وجرى تقديم العرض الأول من برنامج المهرجان الذي يمتد على مدار أسبوع، في مقهى مخصص لرواية القصص "وورلد ستوري تيلينغ كافي" الواقعة قرب مدرسة بن يوسف التاريخية، أسستها البريطانية لوسي أندرسنوود الاخصائية في العلاج النفسي، التي تؤمن بالفضائل العلاجية لسرد القصص، تبعا لمشروع إلكتروني ناجح بث أزيد من 1000 ساعة من الحكي خلال الجائحة. وعاش الجمهور المراكشي وهواة الحكاية، خلال اليوم الأول من المهرجان المنظم بدعم من عدة شركاء، من بينهم سفارة المملكة المتحدة، وجمعية اتحاد الحكواتيين للإبداع الثقافي وفن الحكاية بمراكش، وجمعية منية مراكش لاحياء تراث المغرب، و24 رياضا بالمدينة، لحظات من التشويق خلال متابعتهم لأحداث الحكايات، والأساطير، وقصص البطولات والخوارق التي روجها الرحالون والمغامرون والمستكشفون بعد عودتهم من رحلاتهم في أقاصي بقاع الدنيا في كل الأزمان. وتتضمن الحكايات التي روج لها الرحالة والمغامرون، أحداثا تاريخية، كما تتضمن أحداثا مبتدعة ومتخيلة ومقاطع لشخصيات خارقة وعجيبة، الخاصة بكل بلد، بالإضافة إلى القصص التي تتعلق بالحياة اليومية وتجارب الناس وتعكس اهتماماتهم. وتشكل هذه التظاهرة الثقافية المتعددة اللغات، فرصة للتبادل الثقافي وتقاسم الخبرات بين الحكاة، وتعريف المشاركين بالثقافة المغربية، إضافة إلى الترويج للمدينة الحمراء كوجهة سياحية لهذا الفن، وفتح المجال للمرأة في فن الحكاية، والقضاء على الصور النمطية بين الثقافات ونشر قيم التسامح والسلام، وتعزيز السياحة الثقافية في مراكش. ويشارك في هذه التظاهرة التفافية والفنية، 40 حكواتيا من كلا الجنسين يمثلون القارات الخمس، من ضمنهم عبد الرحيم الأزلية ومحمد باريز وإيمي دوغلاس وماريا كريدالي ودايف تونغ وكولين أوروين ومصطفى الحنش وسارة كشيريد وحجيبة مكوري، لإحياء حلقات الحكي بفضاءات شهيرة بالمدينة، على غرار ساحة جامع الفنا ومقر جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، والمقاهي الأدبية والرياضات التاريخية ودور الضيافة ودار بلارج وجامعة القاضي عياض والمركب الإداري والثقافي محمد السادس. ويتضمن المهرجان تنظيم موائد مستديرة وورشات تكوينية للحكواتيين، حيث سيشارك رواة القصص الإيرلنديين والفنلنديين، كولين أوروين وريكا بالينين، بحلقة نقاشية بعنوان "قصص وطنية"، وستشارك الحكواتية البريطانية، آمي دوغلاس، في حلقتين نقاشيتين حول "تحدي الأمومة للفنانين العاملين" و "الحفاظ على التقليد حيا". ويوفر المهرجان منصة لمجموعة واسعة من الرواة من جنسيات وثقافات مختلفة، حيث سيستضيف المهرجان بعض الضيوف في حلقات نقاش طوال فترة المهرجان. وأوضح زهير الخزناوي مدير المهرجان، أن هذا الحدث الثقافي يهدف إلى الترويج للسياحة الثقافية في مدينة مراكش، وجعلها وجهة ثقافية بامتياز، مشيرا إلى أن هذه التظاهرة ستتخللها سلسلة مناسبات تتواصل لأسبوع، وتتأسس على تقليد الحكي ذي التاريخ التليد بالمدينة الحمراء. وأضاف الخزناوي في تصريح ل"الصحراء المغربية" أن أهم ما يميز هذا المهرجان هو تنظيم كرنفال يتكون من رواة القصص انطلاقا من المدينة العتيقة لمراكش في اتجاه ساحة جامع الفنا التاريخية لإعادة الاعتبار لفن الحكاية الذي يصنف في خانة الثقافة الشفهية والشعبية، وللحكواتيين الذين ما فتئوا يكافحون من أجل الحفاظ على هذا التراث اللامادي، وضمان استمراريته، والتأكيد على أن الحكايات بمثابة الروح من جسم جامع الفنا. وأشار إلى أن هذا الكرنفال يهدف إلى نشر رسالة قوية مفادها أن رواة القصص وفن الحكاية لا يزالون حاضرين بقوة في ساحة جامع الفنا وفي المشهد الثقافي والفني المحلي ، في حين أن وباء كوفيد -19 الذي فرض إيقاف العروض في الساحة العالمية مجرد قوس قصير في تاريخ هذا المكان الرمزي. من جانبه، أكد الحكواتي عبد الرحيم الأزلية المشرف على مادة تلقين فنون الحكاية بمدرسة الحكي، أن هذا المهرجان يقام في مدينة ذات تقليد قديم في الحكايات عمرها ألف سنة، لأنها مدينة تشتهر بالنكتة وفن الحكايات والفنون الشعبية ، مشيرا إلى أن هذا النوع الفني يجتذب الآن جيلا جديدا من الشباب رواة القصص الذين فازوا بجوائز من مؤسسات التعليم العالي، بعد اخضاعهم للتكوين وتلقينهم لقواعد هذا الفن من شيوخ الحكاية رواة القصص في ساحة جامع فنا. وأوضح عبد الرحيم الأزلية أن هذا الجيل الجديد من رواة القصص قادر على بث حياة جديدة في هذا النوع الفني وبالتالي ضمان استدامته، مؤكدا أن الحكايات تعاد صياغتها كلما انتقلت من لغة لأخرى ومن مجال ثقافي لآخر ومن شعب لآخر، وفي كل مرة يتم تطعيمها بعناصر دلالية ورمزية مستوحاة من الأرضية الثقافية للحكواتيين والمتلقين.