تحتضن مدينة مراكش، خلال الفترة الممتدة مابين 12 و20 فبراير الجاري، فعاليات الدورة الأولى من المهرجان الدولي لرواية القصص، بمشاركة أكثر من 40 حكواتيا يمثلون القارات الخمس. وتهدف هذه التظاهرة الثقافية المتعددة اللغات، المنظمة بمبادرة من السفارة البريطانية في الرباط، بشراكة مع اتحاد رواة القصص في مراكش وجمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، و24 رياضا محليا، إلى إعادة الاعتبار لصناع الكلمة من محترفين وهاوين، بالنظر إلى كون الثقافة قاطرة للتنمية الشاملة، وبإمكانها أن تلعب دورا كبيرا في التقارب بين الشعوب. وسيكون الجمهور المراكشي وهواة الحكاية، خلال ثمانية أيام، بأماكن معروفة كساحة جامع الفنا التاريخية، ومقهى الحنة، وجامعة القاضي عياض، ودار بلارج، على موعد مع جلسات الحكي التي سيجري سردها على لسان "شيوخ الكلام"، لإبراز تقارب الشعوب في ما بينها بخصوص الموروث الثقافي الشفوي للبلدان المشاركة. وسيفتتح، يوم غد السبت، رواة القصص الإيرلنديين والفنلنديين، كولين أوروين وريكا بالينين، المهرجان بحلقة نقاشية بعنوان "قصص وطنية" بمقر جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته بالجبل الأخضر بمقاكعة مراكشالمدينة، وستشارك الحكواتية البريطانية، آمي دوغلاس، في حلقتين نقاشيتين حول "تحدي الأمومة للفنانين العاملين" و "الحفاظ على التقليد حيا". ويوفر المهرجان منصة لمجموعة واسعة من الرواة من جنسيات وثقافات مختلفة، حيث سيستضيف المهرجان بعض الضيوف في حلقات نقاش طوال فترة المهرجان. وحسب جعفر الكنسوسي رئيس جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، فإن أهمية المهرجان تكمن في جلسات الحكي التي ستحتضنها فضاءات تاريخية للاحتفاء بالموروث الثقافي اللامادي خاصة الشفهي منه، مبرزا أن الحكاية تشكل جزءا أساسيا من التراث اللامادي للشعوب، الذي يضم الحكايات، والأساطير، وقصص البطولات والخوارق التي روجها الرحالون والمغامرون والمستكشفون بعد عودتهم من رحلاتهم في أقاصي بقاع الدنيا في كل الأزمان. وأضاف الكنسوسي، أن الحكايات التي روج لها الرحالة والمغامرون، تتضمن أحداثا تاريخية، كما تتضمن أحداثا مبتدعة ومتخيلة ومقاطع لشخصيات خارقة وعجيبة، ومن ثم فإن العجائبي يشكل سمة أساسية ولازمة متكررة في معظم الحكايات. وأشار إلى إحداث مدرسة الحكي ومسرح الحكواتي بمبادرة من جمعية منية للاحتفاء بالموروث الثقافي اللامادي خاصة الشفهي منه، وتعزيز الساحة الثقافية بالمدينة الحمراء على مستوى تكوين الشباب ذكورا وإناثا، من داخل المدينة وخارجها في فن الحكاية الشعبية، مؤكدا أن المجال سيكون مفتوحا للتداريب الحكائية باللغة العربية والدارجة والأمازيغية والفرنسية والإنجليزية، وتقام هذه الدروس مجانا بمقر الجمعية. من جانبه، أوضح الحكواتي عبد الرحيم الأزلية المشرف على مادة تلقين فنون الحكاية بمدرسة الحكي، أن الحكايات تعاد صياغتها كلما انتقلت من لغة لأخرى ومن مجال ثقافي لآخر ومن شعب لآخر، وفي كل مرة يتم تطعيمها بعناصر دلالية ورمزية مستوحاة من الأرضية الثقافية للحكواتيين والمتلقين.