امتزج الفرح بالاستياء عند شروع حافلات "فوغال" في تقديم خدماتها بالقنيطرة وضواحيها. فبقدر ما سعد المواطنون بهذه الانطلاقة، بقدرما عبروا عن انزعاجهم من الارتباك والتخبط، اللذين صاحبا انطلاقتها الفعلية، من أجل حل أزمة النقل التي عاشتها المدينة لعامين متتاليين. وعاينت "الصحراء المغربية" خلال الأيام الأولى من استئناف عمل حافلات النقل الحضري على مستوى محطات وقوفها بعدد من أحياء القنيطرة، اكتظاظا كبيرا للمرتفقين الذين عبروا للجريدة عن انزعاجهم من طول الانتظار وتأخر الحافلات، معتبرين عددها غير كاف بالنسبة للنمو الديمغرافي والتوسع العمراني الذي تشهده المدينة، إلى جانب تغيير أرقام الخطوط، ما سبب لهم الارتباك والتيه وسط مسارات حافلات النقل الحضرية. وعبر العديد من المواطنين الذين التقتهم "الصحراء المغربية" عن احتقانهم من التخبط، الذي صاحب الأيام الأولى من انطلاق حافلات النقل الحضري وعدم توجيههم لمعرفة مسارات الخطوط الجديدة، ما تسبب لهم في التأخر عن الالتحاق بوجهاتهم، وعلى وجه الخصوص التلاميذ والطلبة، الذين وجدوا أنفسهم تحت رحمة الانتظار الطويل لقدوم الحافلات، على غرار يوسف الطالب الجامعي الذي حل بمحطة وقوف الحافلات على مستوى منطقة الحراثي وسط المدينة، وظل ينتظر الخط الذي سينقله إلى جامعة ابن طفيل لمدة 50 دقيقة، موضحا "استبشرت خيرا ببدء عمل حافلات النقل الحضري والاستفادة من الانخراط الشهري الذي توفره، غير أن فرحي لم يدم طويلا وحل مكانه الانزعاج من طول الانتظار والتأخر عن الدراسة". وقال زميله إنه "في عهد حافلات نقل المستخدمين كنا نلتحق بالجامعة في الوقت المحدد، لأن عددها كبير ولا تستغرق وقتا طويلا للوصول إلى الوجهة المحددة". وصرحت منار القادمة من جماعة سيدي الطيبي ل"الصحراء المغربية" أنها اضطرت صباحا لامتطاء حافلة نقل المسافرين من أجل الالتحاق بالمؤسسة التعليمية التي تتابع بها دراستها وسط القنيطرة بعد انتظار دام لوقت طويل على قدوم الحافلة، التي تابعت مسيرها بمجرد أن امتلأت عن آخرها بالمرتفقين، ولم تتمكن هي من ركوبها وعدد من زميلاتها بالمدرسة، مشيرة إلى أن "الخطوط الأربعة التي خصصت لمنطقة سيدي الطيبي غير كافية بالنظر لعدد التلاميذ الذين يلتحقون بمؤسسات القنيطرة التعليمية". وأعرب مواطن آخر عن قلقه مما ستؤول إليه الأمور إذا لم يتم تدارك الطلب المتزايد من قبل المواطنين خاصة فئة التلاميذ والطلبة على حافلات النقل الحضري، بسبب قلة الخطوط وتغيير أرقام الحافلات ما جعل بعض المواطنين يرتبكون ويتأخرون عن الوصول إلى وجهاتهم، وهذا الأمر قد يؤدي إلى احتقان كبير لدى عموم السكان الذين عانوا غياب الحافلات واستغلال ممتهني النقل السري للفراغ الحاصل وتعريض سلامة المواطنين للخطر، حسب قوله. من جهتها، اعتبرت الهيئة الوطنية للدفاع عن المال العام بالقنيطرة استئناف الحافلات عملها مكسب لسكان المدينة، غير أن هذا الإنجاز يستوجب المواكبة والمتابعة المستمرة من أجل تفادي السقوط في أخطاء الماضي، وإشراك عموم المواطنين وفعاليات المجتمع المدني في اتخاذ القرارات التي تخص السكان. وفي هذا الصدد، قال عبد الرحمان فهمي، عضو المكتب التنفيذي للهيئة الوطنية للدفاع عن المال العام بالقنيطرة، في تصريحه ل"الصحراء المغربية" إن الهيئة لاحظت منذ انطلاق حافلات النقل الحضري بالمدينة بعض الاختلالات، التي يجب تداركها لتكون خدمة هذا المرفق الحيوي في مستوى التطلعات. ويتعلق الأمر حسب فهمي بالاكتفاء بالسائق لاستخلاص مستحقات التذاكر ما يخلف اكتظاظا واختناقا أمام باب الصعود إلى الحافلة، حيث تتم هذه العملية بجميع محطات الوقوف مما يزيد من طول انتظار المواطنين لوصول الحافلات، إلى جانب تغيير أرقام مجموعة من الخطوط وتنويعها وزيادة عدد محطات الوقوف، موضحا "كان على الجماعة الحالية أن تفتح النقاش مع عموم المواطنين وفعاليات المجتمع المدني من أجل الوقوف على الخطوط التي تعرف إقبالا كثيفا وإعطائها الأولوية في مرحلة الانطلاق". وأضاف المتحدث ذاته، "يجب إعادة النظر في عدد الأسطول والمسافة الزمنية الفاصلة بين الحافلات بمختلف المحطات، لأن هناك تفاوتا في عدد المرتفقين بين الخطوط"، وتابع "بحكم الكثافة السكانية التي تشهدها المدينة يجب توسيع منظومة النقل والانفتاح على وسائل جديدة كالترامواي وعدم الاقتصار على شركة واحدة من أجل تغطية كافة حاجيات السكان لأن العدد الحالي غير كاف ما يستلزم إضافة خطوط جديدة للحلول دون وقوع مشاكل مستقبلا". من جانبه، اعتبر المسؤول النقابي بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل، مصطفى نعينيع، اختيار المجلس البلدي والسلطات الوصية استئناف عمل حافلات النقل الحضري قبل استكمال العدد المحدد في دفتر التحملات والتي التزمت به الشركة المفوضة لتدبير المرفق خيارا موفقا، يسمح بإنهاء أزمة النقل التي شهدتها القنيطرة لقرابة عامين وعودة اشتغال مهنيي القطاع الذين عانوا من تبعات التوقف من العمل. وأردف المتحدث ذاته قائلا " كافة الأطراف المتدخلة أخذت على عاتقها معالجة الإشكاليات المصاحبة لعملية انطلاق الحافلات حيث سيتم تعزيز الأسطول وتكييفه وإعادة دراسة الخطوط وفقا للإقبال التي تعرفها، إلى جانب تقليص الوقت ما بين الحافلات" داعيا إلى تضافر جهود جميع المتدخلين بمن فيهم المواطنون من أجل التفاعل مع الإشكاليات المطروحة بطريقة تدريجية ووضع حلول مناسبة ترضي الجميع. من جهته، أوضح نائب رئيس المجلس البلدي، الحسين مفتي، ل"الصحراء المغربية"، أن "الارتباك الذي شهدته عملية انطلاق حافلات النقل الحضري أمر طبيعي نظرا للتوقف الذي دام سنتين وتأخر دراسة الخطوط وعدم جاهزيتها للوقوف على العدد الحقيقي للمرتفقين والخطوط التي تعرف إقبالا واسعا حتى يتم الاستجابة لطلبها"، مشيرا إلى أن "المجلس البلدي سيعمل على تدارك الإشكاليات المطروحة خلال الملحق التعديلي". وأضاف مفتي أن النقل الحضري أخذ حصة الأسد من اهتمام المجلس البلدي منذ توليها رئاسة القنيطرة، من أجل الإفراج عن الحافلات في أقرب وقت ممكن وهو ما تم الاتزام به علما أن شركة فوغال التي فازت بصفقة تدبير قطاع النقل الحضري لم تتوصل بعد بمستحقاتها المالية كاملة من قبل جماعة القنيطرة وجهة الرباطسلاالقنيطرة. وأشار المتحدث ذاته إلى أن ربح رهان النقل الحضري لا يعتمد فقط على الحافلات بل يتجاوزه إلى التخطيط للتنقلات الحضرية ومعرفة العدد الحقيقي للمرتفقين داخل المجال الحضري للقنيطرة وخارجها وتحديد الخطوط والمسارات التي تعرف ضغطا كبيرا وطلبا متزايدا على حافلات النقل الحضري حتى تسهل عملية مواكبتها في ظروف جيدة وعند حسن ظن سكان المنطقة. يذكر أن عملية انطلاق حافلات النقل الحضري بالقنيطرة تميزت بمواكبة أمنية واسعة أشرف عليها والي أمن المدينة، من أجل تسهيل انطلاقتها الفعلية والحلول دون وقوع حوادث من شأنها التسبب في تخريب الحافلات أو المس بسلامة المرتفقين، وبدأ العمل بأزيد من 100 حافلة غطت 17 خطا داخل المجال الحضري وخمسة خطوط تربط مدينة القنيطرة بالجماعات المجاورة لها، حيث ستجوب 577 محطة لنقل نحو 28 مليون مرتفق سنويا. أسماء إزووان حافلات فوغال تشرع في تقديم خدماتها بالقنيطرة