تشير المعطيات الوبائية الحالية إلى ترقب تسجيل مزيد من الحالات المصابة بعدوى المتحور الجديد "أوميكرون" في المغرب، في أفق أن يصبح المتحور هو السائد والمعوض للمتحور دلتا، الأكثر انتشارا حاليا على الصعيد الوطني بنسبة تفوق 95 في المائة، في حالة الاستمرار في حالة التراخي وعدم بلوغ المناعة الجماعية. وتأتي هذه التوقعات بعد اكتشاف الحالة الأولى للإصابة بالمتحور "أوميكرون" في المغرب، والتي يحتمل معها اكتشاف حالات جديدة، خلال الساعات المقبلة، وفقا لعملية التحري الوبائي الجارية، حاليا، وسط مخالطي الحالة المصابة، والتي تشمل المنتمين إلى الدائرة الأولى، المعتبرين من المخالطين المباشرين لها، قبل الانتقال إلى المنتمين إلى الدائرة الثانية من المخالطين غير المباشرين، يفيد البروفيسور مصطفى الفاهيم، مسؤول المنصة الجينومية للمركز الوطني للبحث العلمي في الرباط، في تصريح ل"الصحراء المغربية". وبالموازاة مع ذلك، تشمل عملية التحري الوبائي البحث عن معطيات حول ما يصطلح عليه ب"الشجرة الوبائية" لرصد العلاقة السببية بين الإصابة الحالية وفرضية السفر إلى الخارج أو مخالطة أشخاص قادمين منه، إذ ترتكز العملية على استفسار المصابة الأولى بالمتحور حول تاريخ تنقلاتها الأخيرة أو علاقاتها الاجتماعية التي قد تكون صادفت خلالها حالات لمصابين قادمين من الخارج، بغرض تحديد أصل الإصابة بأوميكرون في المغرب، يوضح الفاهيم. وأكد مسؤول المنصة الجينومية استحالة تولد "أوميكرون" عن المتحور دلتا السائد في المغرب لاعتباره متحورا محليا، أخذا بعين الاعتبار سيادة المتحور دلتا وطنيا، طيلة 6 أشهر الأخيرة. في مقابل ذلك، تتوفر مجموعة من الفرضيات حول أصل ظهور هذه الحالة المحلية، في سياق إغلاق الحدود الجوية والملاحية في وجه الرحلات، أولها فرضية انتشار المتحور "أوميكرون" منذ شهر أبريل من سنة 2020 على الصعيد العالمي، إلا أن اكتشافه جاء متأخرا بعد فترة ظل خلالها يتكاثر وينتشر بين الناس، لا سيما وسط ضعاف المناعة. وتوصف هذه الفرضية بالضعيفة والمستبعدة من قبل الباحثين، بالنظر إلى أن استهداف المتحور لضعاف المناعة، كان سيساهم في رفع نسب الوفيات وسطهم وبالتالي لفت الانتباه إلى هذه التطورات الوبائية، يضيف الفاهيم. أما الاحتمال الثاني، فيسير في اتجاه وجود حالات مصابة سابقا بالمتحور، وساهمت في نشره، من دون أن تظهر علامات مرضية على المصابين، يبرز الفاهيم. وتحدث مسؤول المنصة الجينومية عن سيادة المتحور يظل فرضية واردة في حالة عدم احتواء انتشاره وعدم تكثيف عملية الإقبال على التلقيح ضد كوفيد19، بالاستناد إلى مجموعة معطيات علمية ووبائية، منها سرعة انتشاره التي تفوق بكثير سرعة انتشار المتحور "دلتا"، ثم سيادته في بلد اكتشافه، جنوب إفريقيا، حيث وصلت 90 في المائة، مقابل 60 في المائة في بريطانيا، ما قد لا يجعل المغرب استثناء بخصوص سرعة انتشار "أوميكرون". ولتفادي الانتشار السريع للمتحور الجديد، الذي قد يهدد المنظومة الصحية بالإنهاك والحالة الوبائية بالانتكاسة، شدد الفاهيم على ضرورة رفع وتيرة الإقبال على التلقيح بالجرعتين وتعزيز المناعة بالجرعة الثالثة، تحسبا لتطوير المتحور لميكانيزمات الهروب من المناعة التلقيحية، لأجل المساهمة في خفض الطلبات على الاستشفاء داخل أقسام العناية المركزة والإنعاش. وينضاف إلى ذلك ضرورة مواصلة احترام التدابير الاحترازية من ارتداء الكمامة والتباعد الجسدي وغسل اليدين وتعقيمهما بالمطهر الكحولي، يبرز مسؤول المنصة الجينومية. وفي ظل هذه المستجدات الوبائية، رفع ائتلاف اليقظة الجينومية في المغرب، تحت إشراف وزارة الصحة، من مستوى الرقابة وعدد التحاليل حول أوميكرون وباقي التحاليل الجينومية، بشكل يومي، للرصد الجينومي المبكر عن حالات محتملة جديدة لأوميكرون، باستعمال تقنية خاصة بقراءة تسلسل الحامض النووي PCR ثم تقنية خاصة بالقراءة الجينومية عن "أوميكرون"، التي يتوفر عليها المغرب، حاليا، وهو ما يمكن من التعرف على كل تغير في القواعد الأزوتية لجميع المتحورات والطفرات الممكنة، سواء كانت معروفة أو حديثة الاكتشاف، يضيف المسؤول نفسه.