انطلقت، اليوم الأربعاء بمدينة مراكش، أشغال المؤتمر السادس والثلاثين للجنة الحكومية لكبار الموظفين والخبراء بشمال افريقيا، لتحديد فرص تعزيز سلاسل القيمة الإقليمية في الصناعة الدوائية والمالية الرقمية في شمال أفريقيا، وتحليل تطورها المحتمل. وشكل هذا الاجتماع، المنظم على مدى يومين، بمبادرة من مكتب شمال إفريقيا للجنة الاقتصادية لإفريقيا التابع للأمم المتحدة في صيغة مختلطة، حضورية وعن بعد، فرصة للمشاركين لتحديد فرص سلاسل إقليمية للقيم في الصناعة دوائية والمالية الرقمية، وتطوير إطار عمل مشترك لتيسير تحقيقها. وأجمع المتدخلون خلال الجلسة الافتتاحية لهذا الاجتماع، أن شمال إفريقيا بإمكانها لعب دورا طلائعيا، بعد أزمة كوفيد 19 في تفعيل أوجه التكامل الاقتصادي من خلال تطوير سلاسل القيمة الإقليمية، وتيسير تنويع شركائها التجاريين، لاسيما من خلال تعزيز التجارة مع باقي أقاليم القارة الإفريقية. وقالت سوزان سيدروفسكي مديرة مكتب شمال إفريقيا للجنة الاقتصادية لافريقيا التابعة للأمم المتحدة، في كلمة ألقتها بالمناسبة، إن هذا الاجتماع يصبو إلى إبراز مختلف الجهود المبذولة والرامية إلى تسريع تحسين مستوى التجارة داخل القارة الإفريقية وبين البلدان الإفريقية مع استغلال فرص التجارة الداخلية وتقليل الاعتماد على التجارة مع إفريقيا وإحداث منصات للتصدير لأوروبا، لان شمال إفريقيا يمكن أن تلعب أدوار طلائعية في هذا الصدد. وأكدت على ضرورة التركيز على الامتيازات المقارنة بين إفريقيا ومناطق أخرى، لأن إفريقيا لديها الريادة في الزراعة المتنقلة. وأضافت سيدروفسكي، أن تدليل العقبات التجارية تمكن الشباب الإفريقي من اللجوء إلى قطاعات موجهة نحو التصدير وهذا أمر أساسي، مشيرة إلى أن الوقوف على واقع الشركات وإنتاجياتها وأرباحها، يقود إلى الحديث عن شركات التصدير لأنها تحقق الأرباح من خلال التنافسية. وأوضحت أن إفريقيا تحتاج لان تشرك شبابها في عملية تفعيل الاتفاقية القارية، مبرزة أنه إذا كان 60 في المائة من القارة الإفريقية ليست حاملة لهذه الأجندة فإن أجندة 2063 للتنمية الأفريقية لن تكون ناجحة. وأشارت إلى أن الطموح الكبير الذي يحدو مكتب شمال إفريقيا هو الوصول إلى قارة مندمجة، بالنظر إلى أن 1.3 مليار مستهلك محتمل في القارة و5 مليارات من إجمالي الناتج المحلي. وخلصت إلى القول، إن مكتب شمال إفريقيا للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، يهدف الى تحفيز التفكير في مختلف القطاعات الصناعية التي من شأنها أن تعضد أعمال المؤسسات التنموية وإحراز التقدم. من جانبه، أكد دافيد لوك الخبير التجاري رئيس المركز الإفريقي للجنة الاقتصادية لإفريقيا، على أهمية هذا الاجتماع لكونه سيركز على سلاسل القيمة الإقليمية في الصناعة الدوائية والمالية الرقمية في شمال أفريقيا، كما سيتطرق الى القضايا المرتبطة بتدليل الحواجز غير الجمركية من أجل التكامل الاقتصادي الإفريقي وكذلك تفعيل اتفاقية التجارة القارية الحرة في افريقيا . وأضاف لوك انه بالرغم من أن التكامل الاقتصادي في إفريقيا لايتعدى 5 في المائة سنة 2019، فإن جدول الأعمال يؤكد مدى أهمية تعزيز التكامل التجاري والتصدي للقضايا والتحديات التي تعيق هذا التكامل على كافة البلدان في عملها لتفعيل الاتفاقية القارية الإفريقية مما يساعد على تعزيز التكامل التجاري من خلال التعديلات السياسية. وأوضح في هذا الصدد، أن هذا الأمر سيساعدنا من أجل الوصول إلى سوق تجارية تصل إلى 58 مليار دولار من الفرص التجارية الاستهلاكية، مشيرا إلى أن تقديم الخدمات والبنى التحتية ذات أهمية بالغة بالنسبة لهذا التكامل التجاري. وأشار الخبير التجاري إلى أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الهام بالنسبة للمنطقة، وأن صادرات إفريقيا على مدى سنوات الخمسة الماضية وصل إلى 80 مليار دولار في سنة 2018، وهذا الرقم انخفض سنة 2020 بفعل جائحة كوفيد 19 وتشديد القيود الاحترازية للحد من انتشار الجائحة. وخلص إلى القول، إن العلاقة التجارية بين شمال إفريقيا والاتحاد الأوروبي مهمة، لكنها تبقى علاقة اتكالية على سوق واحدة المتمثل في الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن شمال افريقيا لاينبغي أن يتكل على الاتحاد الأوروبي، وضرورة التصدي لهذه الاتكالية من خلال دعم التجارة البينية على مستوى شمال إفريقيا بالإضافة إلى ما تبقى من القارة الإفريقية على أساس أنها سوق واعدة من شأنها أن تساعد إفريقيا على تنويع تجارتها والابتعاد على الاعتماد على المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي. بدوره، دعا عيسى صالح المختار الوزير المفوض ممثل السفارة الليبية، إلى تظافر جهود الجميع من أجل جعل شمال إفريقيا قارة ناهضة وقوية لتفعيل أوجه التكامل الاقتصادي من خلال تطوير سلاسل القيمة الإقليمية، وتعزيز تنويع شركائها التجاريين، لاسيما من خلال تعزيز التجارة مع باقي أقاليم القارة الأفريقية. وحسب مكتب شمال إفريقيا للجنة الاقتصادية لإفريقيا التابع للامم المتحدة، فإن جائحة كورونا دمرت أنظمة الصحة العالمية وعطلت سلاسل القيمة العالمية (70٪ من التجارة الدولية)، وأظهر الوباء فرصا جديدة وسرع العديد من الاتجاهات الكبرى، مثل الرقمنة بما في ذلك تسريع التجارة الإلكترونية. وأضاف المكتب أن الأزمة كشفت عن البعد الاستراتيجي لقطاعات الصيدلة والمالية الرقمية لحماية السكان وتسريع الانتعاش الاقتصادي بعد كوفيد-19، لافتا إلى أن منطقة شمال أفريقيا تعد في وضع جيد لاغتنام فرص التحول الهيكلي التي تتيحها اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية؛ فهي موطن لبعض أفضل المناطق الاقتصادية الخاصة على مستوى العالم وتتميز بالعوامل الهيكلية المواتية للتآزر والتكامل والاندماج في قطاعي الصيدلة والمالية الرقمية، وكذلك في مجال الصناعات الغذائية، تربية الأسماك، الطاقة، والصناعات الكيماوية والصناعة الميكانيكية أو إنتاج المكونات الكهربائية.