منح مجلس النواب أول أمس الأربعاء الثقة لحكومة أخنوش، بعد المصادقة بالأغلبية على برنامجها الحكومي الذي قدمه رئيس الحكومة الاثنين الماضي أمام مجلسي البرلمان، وناقشه كل من مجلس المستشارين ومجلس النواب أول أمس الأربعاء، لتنصب الحكومة فعليا وفق الدستور. وصوت لصالح البرنامج الحكومي 213 نائبا مقابل معارضة 64 نائبا وامتناع نائب واحد، لتحصل الحكومة على ثقة البرلمان بالأغلبية المطلقة، وبهذا يكون المجلس قد منح ثقته للحكومة الجديدة بناء على ما ينص عليه الدستور في فصله 88 الذي جاء فيه «تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح برنامج الحكومة». وبعد مصادقة مجلس النواب على البرنامج الحكومي، تكون الحكومة الجديدة قد استكملت شروطها الدستورية لتمارس صلاحياتها وتصبح مسؤولة عن أعمالها أمام البرلمان. وكان عزيز أخنوش رئيس الحكومة جدد، في معرض تفاعله مع مداخلات الفرق والمجموعة النيابية حول البرنامج الحكومي، التأكيد على واقعية البرنامج الحكومي القائم على توافقات بين الأحزاب الثلاثة المشكلة للأغلبية الحكومية، مؤكدا على ضرورة تضافر جهود الجميع، أغلبية ومعارضة، للمضي قدما في سبيل تحقيق التنمية المرجوة في ظل الظرفية الراهنة التي تتسم بجائحة كوفيد-19. وفي هذا الصدد، شدد على الحاجة إلى تعزيز الاستثمارات من أجل خلق فرص الشغل وتحقيق التنمية للبلاد والرخاء للمواطنين، مشيرا إلى أن جميع الجهات والجماعات الترابية بالمملكة يجب أن تكون امتدادا للبرامج والأوراش الوطنية قصد تنزيلها بالشكل الأمثل على أرض الواقع، مؤكدا أن البرنامج الحكومي يتعهد بالرفع من وتيرة النمو الاقتصادي الوطني إلى معدل 4 في المائة للفترة ما بين 2021 و2026، وإحداث مليون منصب شغل صاف على الأقل خلال الخمس سنوات المقبلة. كما ذكر بأن هذا البرنامج يقترح، ابتداء من 2022 ولمدة سنتين، حزمة من الأوراش العامة، صغرى وكبرى، في إطار عقود مؤقتة، على مستوى الجماعات الترابية وبشراكة مع جمعيات المجتمع المدني والتعاونيات المحلية، دون اشتراط مؤهلات، موضحا أن هذا البرنامج سيمكن من خلق ما لا يقل عن 250 ألف فرصة شغل مباشر في غضون سنتين. وأبرز أخنوش أن الإجراءات الفورية والملموسة التي تعتزم الحكومة اتخاذها، كما جاء في البرنامج الحكومي، تمنح فرصا للجميع، وخاصة للشباب، كجزء من السعي لإنعاش الاقتصاد الوطني والتخفيف من آثار الأزمة الصحية على التشغيل. وسجل أيضا، أن البرنامج الحكومي يأتي للاستجابة لقضايا اعتبرها أولويات واضحة وشفافة ذات أهداف وتدابير محددة، كما يقدم إجابات واقعية وطموحة للخروج من الأزمة واستشراف المستقبل بعزيمة وثبات، من خلال حزمة إجراءات تروم تقديم إجابة صريحة على أولويات المواطنات والمواطنين. وفي معرض رده على تدخلات الفرق البرلمانية بمجلس المستشارين، قال أخنوش إن البرنامج الحكومي ليس فقط التصريح الذي قدمه أمام مجلسي البرلمان يوم الاثنين الماضي «ولكنه برنامج من 80 صفحة يتضمن أرقاما ومؤشرات على كل ما التزمت به الحكومة». وأضاف أخنوش، خلال الجلسة العمومية التي عقدها مجلس المستشارين، أول أمس الأربعاء لمناقشة البرنامج الحكومي والاستماع لرد رئيس الحكومة، أنه «مباشرة بعد الانتخابات وبعد ظهور النتائج التي بوأت ثلاثة أحزاب المراتب الأولى، قررنا احترام إرادة الناخبين وتشكيل الحكومة من ثلاثة أحزاب، ومباشرة قمنا بالعمل وفق مقاربة تشاركية على البرنامج الحكومي عبر توضيح النقاط التي يجب التركيز عليها وكذا نقاط تقاطع البرامج الانتخابية لهذه الأحزاب الثلاثة، كما اتفقنا على تقديم الأحزاب الثلاثة للكفاءات، سواء من الأحزاب نفسها أو من خارجها بالبحث عن كفاءات من المغاربة الذين أبانوا عن جدارتهم وليس لدينا أي إشكال في هذا الأمر». ودعا رئيس الحكومة المستشارين إلى دعم الحكومة بالنظر إلى الظرفية الحالية، التي ما زالت تطبعها الشكوك، مؤكدا أنه «رغم تحسن الوضعية، إلا أن الوضعية غير مستقرة وبها ضبابية ولا نعرف مدى تطور هذا الوباء أو متى سيقف» وشدد أخنوش على ضرورة فهم نتائج اقتراع 8 شتنبر، «لأن كل المغاربة كانوا يطوقون للبديل وعبروا عن ذلك عبر صناديق الاقتراع»، داعيا رجال الأعمال إلى دعم الحكومة من أجل الإيفاء بالتزاماتها خصوصا على مستوى التشغيل، مؤكدا في الصدد نفسه، على ضرورة الأداء الضريبي. وقال رئيس الحكومة «نحن في حاجة إلى رجال الأعمال ينوضو يتحزمو، لأن الناس ينتظرون منهم الكثير، ليس لربح المال بل لتوفير فرص الشغل، خصوصا أن مناخ الأعمال في المغرب مشجع على الاستثمار، كما يجب الالتزام بأداء الضرائب، من أجل توفير الموارد المالية لتمويل المشاريع الاجتماعية، وخاص كل شي يدخل للصف ويخلص الضريبة، لأننا بحاجة إلى تجنيد الإمكانيات لضمان إنجاح الحماية الاجتماعية، واللي كان كيدير هاكا وهاكا خصو يشد الطريق». كما طالب أخنوش النقابات بمد يدها للحكومة والاشتغال معها ضمن شراكات «نحن نريد من النقابات أن تكون شريكة للحكومة وجئنا ببرامج لها، وسنفتح معها مجال الحوار ونتحدث فيه عن كل ما يمكن أن نقوم به بكل صراحة وما لا يمكن أن نقوم به». وقال أخنوش إن البرنامج الحكومي «برنامج اجتماعي يجب العمل عليه سويا»، موضحا أن الحكومة ستجلس إلى طاولة الحوار مع النقابات بخصوص ملف المتعاقدين، لطيه بصفة نهائية. وبخصوص نتائج الاقتراع المحلي، قال أخنوش إن صناديق الاقتراع هي التي حددت حصول الأغلبية الحكومية على نتائج مهمة بها، مؤكدا «يجب أن تكون للحكومة الأغلبية على المستوى المحلي باعتبار الجماعات المحلية منجما للتنمية الاقتصادية، ويجب العمل من أجل استغلاله بشكل أفضل». وفي رده على انتقادات التزام الحكومة بتحقيق معدل نمو 4 في المائة، أبرز رئيس الحكومة، أنه لا يمكن الحديث عن رقم أكبر بالنظر إلى الظرفية الحالية التي تطبعها شكوك كبيرة بسبب جائحة كورونا، مؤكدا أن الحكومة لها طموحات أكبر لترجمة طموح جلالة الملك وانتظارات المغاربة». وخلص أخنوش «يجب أن تكون هناك ثقة مع النقابات ورجال الأعمال والحكومة ستكون شريكة للكل من أجل الاستجابة لانتظارات المواطنين».