إلهام أبو العز المصطفى بنجويدة نظمت مجموعة لوماتان، أمس الجمعة، الندوة الثانية في إطار سلسلة ندواتها حول موضوع الرهانات الجديدة للرقمنة، حيث تطرق المتدخلون إلى محور "الديجتال: أية منظومة لإضفاء الدينامية على الاقتصاد". واستهل محمد الهيتمي، الرئيس المدير العام لمجموعة لومتان اللقاء بكلمته الافتتاحية، أكد فيها أن محور هذه الندوة يحيل على ثلاث عناصر تتمثل في الديجتال، والمنظومة، والاقتصاد، "ما يفرض تحليل زوايا هذه المجالات وأبعادها وتشخيص ترابطها"، مبرزا أن كلمة اقتصاد مثلا تحيل على المجتمع والدولة والأسرة وعالم المقاولة، وقال "مصطلح اقتصاد مرتبط في عمقه بالدخل، أي بكل هذه العناصر". أما الديجتال فهو مصطلح يحمل بين ثناياه معنى "الاضطراب" الذي يفرضه للمرور إلى قوانينه وأعرافه الجديدة التي أصبحت تهيمن على جميع القطاعات، في حين لخص مصطلح "منظومة" في مجموعة من الكائنات التي تتفاعل فيما بينها ومع محيطها في سياق طابع إدماجي وشمولي وفي بنية متكاملة. وأضاف الهيتمي أن الحديث عن منظومة الديجتال ودورها في تعزيز دينامية الاقتصاد، هو حديث يتعلق برؤية المدى الذي يمكن أن يصل إليه هذا الاضطراب، واستطرد قائلا "أعتقد أنه بالنسبة لاقتصاد مثل اقتصادنا، من المهم إجراء تحليل آثار الاضطراب الرقمي على مكوناته. لتقييم عناصر قدرتنا على الصمود ولتحديد كيف سنتعامل مع هذا الوضع"، خاصة أن كل اضطراب يسفر عن ضحايا. ودعا الهيتمي في الوقت ذاته إلى أهمية التركيز على هذه النقطة بالنسبة للاقتصاد المغربي، من خلال تحليل هذا الاختلال الرقمي ومدى التجاوب معه وتقييم مستوى الصمود واستيعاب تجلياته وفق ما يخدم المشهد الاقتصادي. كما تساءل الهيتمي هل الظروف مجتمعة للقيام بذلك، قبل أن يشير إلى أن الأمور حسمت في هذا الاتجاه موضحا الزخم الكبير الذي كرس المنظومة الرقمية بالمغرب خلال الأزمة الصحية. وأبرز الهيتمي أن الواقع فرض نفسه، و"الهيمنة مثبتة بشكل لا رجعة فيه وتعمل وفق دائرة فاضلة تبرزها يوما بعد يوم". وقال إنه يكفي أن نرى دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تحاول فرض ضريبة لا تبلغ 40 في المائة ولا 30 في المائة أو 25 في المائة فقط من 15 في المائة على هذه الشركات العملاقة GAFA وغيرها. في مقابل ذلك تساءل الهيتمي عن إمكانية التخلي عن الديجتال من عدمه، ليخلص إلى أن الأمر سيعدو انتحارا وليس واقعيا، بل مستحيلا. وأوضح أنه "بإمكاننا التفكير في النظام الرقمي الخاص بنا والعمل على المتطلبات الأساسية والخطوات الأولية والرقمنة التي نريدها". واعتبر الهيتمي أن الرقمنة من شأنها تعزيز الإدماج ومحاربة الريع، معبرا عن قناعته بأن المغرب يمكنه من خلالها وبفضل الانخراط فيها من تملك رافعة اقتصادية ناجعة. وتطرق المتدخلون خلال هذا اللقاء إلى أبرز السيناريوهات التي من شأنها إنجاح المنعطف الرقمي ببلادنا، حيث شددوا على أهمية التكوين وملاءمته مع سوق الشغل وفق المعايير الجديدة التي تفرضها المنظومة الرقمية، مع التركيز على ضرورة دعم المقاولات الناشئة الفاعلة في مجالات الديجتال، والابتكار الرقمي وتصدير العرض المغربي من حلول الديجتال، والانفتاح المتوازن على كل التجارب، كما دعا هؤلاء إلى أهمية ملاءمة الإطار التنظيمي والضريبي للدفع بهذا المسار، مؤكدين أن القوانين المناسبة تكون أساس التحفيز، دون إغفالهم لأهمية الاستثمار في البنية التحتية ضمانا للسيادة الرقمية ببلادنا.