كانت "التشفناجت" تعد إلى وقت غير بعيد من المهن التقليدية المعروفة بمدينة الصويرة، والتي توارثها الأبناء عن الآباء وخاصة بالمدينة العتيقة، لكن هذه الحرفة أوشكت على الانقراض. فقد بات عدد "السفناجة" لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة، بينما عجلت جائحة كرونا بإغلاق جلها. ويتحسر الكثيرون ممن تحدثوا ل"الصحراء المغربية" من سكان مدينة الصويرة، عما آلت إليه وضعية "الشفناجة" أمام المنافسة الشرسة وغير المتكافئة التي يتعرضون إليها من طرف باعة الفطائر والحلويات، بحكم أن "الشفناجة" يشتغلون برساميل محدودة وضعيفة، وفي حوانيت ضيقة جدا وبيد عاملة لا تتعدى في أحسن الأحوال عاملين اثنين ("الشفناج ومساعده)، الأول بورزته البيضاء يتكفل بإعداد العجين والقلي، والثاني بقوم بوزن الإسفنج واستخلاص ثمنه من الزبناء. علال، 65 سنة، إسفنجي مشهور بأحد أزقة البلدة القديمة بالصويرة، قال ل"الصحراء المغربية" إن مهنة "تشفناجت" لم تعد تغري أحدا، وهي في طريقها إلى الاندثار، معللا ذلك، بسبب ظهور محلات عصرية مختصة في إعداد أنواع كثيرة من الفطائر ك"المسمن" و "البغرير" و"الرغايف" و"الحرشة"، إضافة إلى أشكال متنوعة من الحلويات المغربية التقليدية أو الأوروبية، يسيرها شباب من الجنسين من حاملي الشهادات من خريجي مراكز التكوين والتأهيل بالصويرة. وأضاف علال أن الكثير من "الشفناجة"، وأغلبهم من كبار السن، تخلوا عن الحرفة لمدخولها المادي الضعيف، الذي لا يكفي لسد الحاجيات الأسرية الأساسية من ملبس ومأكل وتطبيب، ناهيك عن السومات الكرائية للمحلات وتكاليف الاستغلال المرتفعة، وقال إن المهنة أضحت من ذكريات الماضي شأنها في ذلك شأن باقي المهن الشعبية التي بدأت تفقد بريقها وعشاقها، كالحمامات البلدية والأفرنة التقليدية المعروفة لدى سكان الصويرة ب"الفرناتشي"، وحرف أخرى لم تعد تؤمن الرزق لأصاحبها، في ظل التغيرات السلوكية لعامة المواطنين، والانتشار المهول لمحلات الأكلات السريعة، والزحف الملحوظ للمحلبات والمقشدات، وتفشي ثقافة الاستهلاك بين مختلف الشرائح الاجتماعية. وتحسر علال على الوضع المتأزم الذي يعيشه "الشفناج" بمدينة الصويرة في ظل جائحة كورونا، مضيفا أنهم أغلقوا محلاتهم بصفة نهائية، ومنهم من غير نشاطه التجاري إلى نشاط آخر، لتوفير لقمة العيش لأسرته، وأبرز أن هؤلاء "الشفناجة" كانوا يعولون على استئناف نشاطهم خلال شهر رمضان لتعويض بعضا من خسائرهم، لكن الإغلاق الليلي زاد الوضع تأزما، وأضاف أن أغلب "الشفناجة" خاصة المسنين منهم لم يستفيدوا من أية مساعدة مالية، لكونهم غير منخرطين في صندوق الضمان الاجتماعي، ولا يتوفرون على بطاقة "راميد" من جهة أخرى، مؤكدا بنبرة تفاؤلية أن الأوضاع قد تتحسن في القريب من الأيام، ونبه المواطنين إلى مواصلة الانخراط في عملية التلقيح واحترام التدابير الاحترازية.