لا يرقى الشك إلى اقتناعنا بأن هم الجزائر وصنيعتها "البوليساريو" هو التشويش على المغرب والنجاحات، التي يحققها على أكثر من مستوى، فبعد توالي هزائمهما، وتأكيد إخفاق مراهنتهما على أطروحة الانفصال لعرقلة مسيرة المغرب، خلق الصانع والصنيعة لنفسيهما أملا جديدا يعيشان عليه. في الواقع لا يتعلق الأمر بأمل، سوى في مخيلة الخصوم، لأننا بصدد وهم ليس إلا، إذ كانوا يمنون النفس بأن تغير الإدارة الأمريكيةالجديدة موقفها، وتتراجع عن القرار السيادي القاضي باعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بمغربية الصحراء، مع صم آذانهم عن كل الذي جرى تأكيده، بخصوص القرار التاريخي الذي وقعه الرئيس الأمريكي السابق، الذي لا يتغير بتغير الإدارة، جرى شرح ذلك عشرات المرات مباشرة بعد النصر الدبلوماسي الذي حققه المغرب، وبكل اللغات، لكن الخصوم لم يفهموا أي لغة طالما أنهم يغترفون من قاموس الحقد وجعلوا من معاداتنا عقيدة لهم. كان الهم الذي يحملانه هو شروق شمس يوم يتحقق فيه وهمهم الجديد، وكأنه سبق لأحد أوهامهم أن تحقق، ولننطلق على سبيل المثال من وهم الانفصال الذي يعرقل مسار المغرب العربي الكبير. كان إعلان إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن عن موقف مخالف للذي اتخذه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب هو الهم، هم يؤكد أن الخصوم يعيشون خارج التاريخ وأن ثنائية الهزائم والأوهام أفقدتهم القدرة على التفكير والفهم أما التحليل فهم بعيدون عنه، لأن "مشاريعهم" تظل عصية على الفهم، لأنها تبنى على دخان ورمل كما يقول الشاعر. إن هم الخصوم ليس من قبيل الذي يقول عنه الإخوة المشارقة "هم وانزاح"، إذ جرى تثبيته وتأكيده فعليا من طرف الإدارة الأمريكية الحالية، من خلال أنشطة تمثيليتها الدبلوماسية في المملكة، في مختلف المدن المغربية ومنها طبعا الداخلة التي شهدت تفعيل فتح قنصلية، فهذه التمثيلية الدبلوماسية لا تشتغل بعيدا عن قرارات ومواقف الإدارة الأمريكية الحالية، لكن جزء الكأس الذي ينظر له قادة الجزائر ومعهم المتطرفون، مختلف عن الذي ينظر له بقية الناس. الهم لم ينزح بالنسبة للخصوم لأن الإدارة الأمريكية أكدت احترامها للاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، من خلال تقرير وزارة خارجيتها حول حقوق الإنسان، واعتبار الصحراء تحت السيادة المغربية، أكيد أن صدمتهم كانت قوية لأنهم توهموا شيئا غير ذلك. الأمر محسوم، وليس مستجدا بالنسبة لمن يعيش عصره ويلتقط الرسائل، لكن من جعل من معاداة بلدنا والتحرش بها عقيدة له يصعب عليه أن يرتقي إلى درجة أعلى. أن عقلية الحرب الباردة لا تتساوق مع الألفية الثالثة، حيث أضحى العالم بالفعل قرية صغيرة، وصارت صيانة القادة لحقوق الشعوب ضرورة ملحة، لأن ما يحدث في الجارة الشرقية من ظلم، ونهب للثروات، لا يمكن أن يحجبه غربال مناصبة العداء للمغرب، كما أن قمع الحراك، بكل الآلات لن يخنق الأصوات المطالبة بحقها. تقرير الخارجية الأمريكية، حول حقوق الإنسان قال بصيغة أخرى "المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها"، وهذا لا يحتمل التأويل، كما أنه سيتسبب في انتكاسة في أوساط الخصوم ومن يجري تضليلهم، لكننا على يقين بأن التقرير الذي أذهب النوم عن عيون المتحلقين في قصر المرادية، يدعونا ضمنيا إلى انتظار حلقة من حلقات مسلسل خبثهم وأوهامهم، لأنهم سيرهقون أنفسهم بالبحث عن صيغة جديدة لصرف الأنظار مؤقتا عن خيبة أملهم، لأنهم متيقنون من أن أي إخفاق يجر عليهم ويلات المساءلة من قلب الشعب عن سر الجري وراء السراب وصرف أمواله من أجل قضية لا أساس لها، طالما أن كبار العالم قالوا كلمتهم.