صدر للشاعر المغربي، سامح درويش، ثلاثة أعمال شعرية جديدة، هي "خنافس مضيئة" و"برشاقة أكروبات" في طبعتهما الأولى، و"كتاب شطحات الدرويش" في طبعته الثانية. والمجموعات الشعرية، التي صدرت عن "منشورات الموكب الأدبي" بوجدة، وصمم لوحات أغلفتها الثلاثة وتخطيطاتها الداخلية، الفنان اليزيد خرباش، هي آخر إبداعات الشاعر، التي ضمنها أجمل تجربته في الكتابة سواء تعلق الأمر بفن "الهايكو" أو بالنثر، وهي تجربة يعتبرها النقاد مدرسة لتلقين فن فريد من نوعه اعتمد فيه الشاعر خبرته الواسعة في مجال الأدب والشعر. كما اعتبر بعضهم "الهايكو"، الذي يبدع فيه الشاعر بنوع رهيب، "ابتسامة" و"سحر" يطبعان لغة إبداعية فائقة الحساسية، وفن فريد لا يتقنه سوى شاعر عرف كيف يطوع الحروف، حتى يمنح للمتلقي المتعة نفسها، التي قد يجدها في معلّقة أو قصيدة ملحمية، دون أن تفقد حروفه رنتها الموسيقية الشفافة والنافذة إلى الوجدان. تتميز مجموعة هايكو "خنافس مضيئة"، التي تقع في 118 صفحة، بكونها تجربة متفردة في فن الهايكو، الذي يبدع فيه سامح درويش ويسبر كنهه بشكل عميق. تجربة تنتر الدهشة بمعرفة أسرار النبات والحيوان وتفاعلهما السحري الذي يجعل منهما محاورا للكون والإنسان. ويجمع النقاد الذين يتابعون مسيرة الهايكيست المغربي، على فرادة شعره على المستوى العربي، ب "لغة طازجة فائقة الحساسية والحسن"، بعيدة عن التعقيد ومفعمة بميزات الهايكو الأساسية "الدهشة والفطنة"، دون أن تفقده هذه الشاعرية نقده الساخر بنفس الإحساس المرهف لتناقضات وازدواجية الواقع الاجتماعي، في تعبير منه عن ارتباط شعره بقضايا وطنه... فنقرأ مثل: "حل عبقري، على أنفه يشد الرئيس ضد روائح القمامة ". أو أيضا : "بحَجرٍ حفَرْتُ قَلْبًا حِينَ أمُر أحس للصفْصافَة نبْضا". أما المجموعة الشعرية "بِرَشاقة أكْرُوباتْ"، فتقع في 76 صفحة، وهي عبارة عن قصائد تتناول أحاسيس مكابدة الكتابة، وتركز على الصورة بدل الأدوات الجمالية والشعرية الأخرى. ولعل ما يميز هذه المجموعة هو الاشتغال على جماليات قصيدة النثر من خلال الصورة المشهدية واللغة البسيطة، وإن كان القارئ يلمس في بعض النصوص سريان روح الهايكو، رغم اختلاف البنية المعمارية لكل من النوعين. كأن نقرأ فيها: "أكتب كي أعِيد نبْض الحياة للكلمات وأستخْلصَ العطر من الحجَر، أكتب بمزاج سنبلة... كي أصْنعَ من الحبّ معادلَ قنبلة". الإصدار الثالث هو الطبعة الثانية من "كتاب شطحات الدرويش" الذي يتضمن، في 128 صفحة، 70 شطحة، تستثمر الموروث الصوفي برؤية تجديدية، باعتبار ذلك إمكانية لتجديد الأدوات الشعرية العربية. ونقرأ من بين مقاطعه: "أنا السّكِّيرُ بك، مثل صلاة.. أراني اليوم أدمنك، أقطّرُ النور منْ شفتيْك، وأشْربه، فما حاجتي بالصحْوِ، إن كانَ عني سيحجبك". الشاعر سامح درويش، وهو يبدع في كل هذه الأشكال الشعرية، (نثرية وهايكو)، يسعى إلى بلوغ المتعة القصوى، وإلى تبليغ رسالة إنسانية تستنفر جمالية وحكمة وحرية الشعر في صور بلاغية تضمن البقاء، وتصل إلى وجدان المتلقي، ما يجعل منه مدرسة جديدة وتجربة متفردة في عالم الأدب والثقافة. من الأعمال الإبداعية للشاعر، "هباء خاص" مجموعة قصصية، و"ألواح خنساسا"، رواية، و"القهقهات"، مجموعة شعرية، و"مراتيج باب البحر" ديوان شعري مشترك، كما له قيد الإعداد والطبع دراسة حول "النقد القصصي المغاربي"، ومجموعة هايكو "دبيب فضي".