في أول رد فعل لها على المادة 42 من مسودة مشروع القانون المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين، التي صدرت عن وزارة العدل، أخيرا، بمنح الاختصاص للمفوض القضائي في "تحصيل الديون الخاصة بحالة الأداء وديا"، أعلن مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء، رفضه لما تنص عليه مقتضيات هذه المادة. وقال مجلس هيئة محاميي الدارالبيضاء، وهي أكبر هيئة للمحامين بالمغرب إن ما تنص عليه المادة 42 "يمنح للمفوض القضائي صلاحية تمثيل الأطراف والنيابة عنهم، ويمس بصلاحيات الوكالة في المجال القانوني التي تعتبر اختصاصا أصيلا وحصريا للمحامين". وأوضح مجلس هيئة محاميي البيضاء، خلال اجتماعه المنعقد يوم أمس الأربعاء، أن "هذا المقتضى يتعارض مع طبيعة مهنة المفوضين القضائيين والمهام التي يمارسونها، سواء فيما يتعلق بالتبليغ أو التنفيذ الجبري أو إنجاز المعاينات". واعتبر مجلس الهيئة قائلا إن هذه الاختصاصات "امتداد لصلاحيات تضطلع بها السلطة العامة، مما يجعل من أهم التزامات المفوض القضائي التزام الحياد والتجرد في ممارسة مهامه والبقاء على نفس المسافة من الأطراف، لضمان سلامة إجراءاته من التشكيك". وجاء ذلك في بلاغ صادر عن هيئة المحامين بالبيضاء، توصلت "الصحراء المغربية" بنسخة عنه، تستعرض فيه اعتبارات رفض مجلسها لهذه المادة، التي كانت من بين النقاط المدرجة في جدول أعماله، وذلك من باب "رفض المساس بالاختصاص الحصري". وتابع البلاغ بالقول إنه "والحال أن تكليف المفوض القضائي بمهمة تحصيل الديون الخاصة بطريقة ودية نيابة عن الطرف الدائن سيؤدي إلى ارتباط المفوض القضائي بعلاقات مهنية مع الدائنين ستنشأ عنها بالضرورة حالات لتضارب المصالح تؤثر على ممارسته لاختصاصاته، وتسرب الشك في تجرده في الإجراءات التي سيقوم بها". وأكد مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء أن "ما نصت عليه المادة 42 من المسودة يخالف قواعد المسطرة المدنية فيما يخص السندات القابلة للتنفيذ، ويمنح لمهنة حرة صلاحيات شبه قضائية في تقدير ثبوت الديون وحلولها". وتابع بالقول "دون توضيح طبيعة الإجراءات التي يمكن للمفوض القضائي القيام بها، والضمانات القانونية الممنوحة للمدين المفترض للمنازعة في الدين وفي إجراءات تحصيله، وهو ما ينطوي على مساس بالاختصاص الحصري للمحامين في النيابة عن الأطراف أمام القضاء". ووصف مجلس هيئة محاميي البيضاء، في البلاغ ذاته، إصدار هذه المسودة من طرف وزارة العدل ب "السلوك الانفرادي" معتبرا أنه "يتعارض مع الصيغة التشاركية التي يجب أن تطبع إعداد مشاريع القوانين المنظمة للمهن القضائية، بما يراعي خصوصيات كل مهنة وتكامل هذه المهن لتحقيق الحق في الولوج المستنير للمواطن للعدالة". وخلص البلاغ إلى أن المجلس قرر "إعداد ورقة تعبر عن موقف هيئة المحامين بالدار البيضاء من هذا الموضوع قصد عرضها على مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب بغاية القيام بالمتعين"، مشددا على أن "مبادرته لا ترمي إلى المساس باختصاصات المفوضين القضائيين، بقدر ما يتعلق الأمر بموقف مسؤول الغاية منه توضيح حدود الاختصاصات القانونية لمهنتين متكاملتين".