قال مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إن "المحكمة الرقمية خيار استراتيجي لا محيد عنه في المستقبل القريب". وأضاف فارس، خلال اجتماع مباشر لأعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية، اليوم الخميس بالرباط، قائلا إن "النتائج المهمة التي تحققت في مشروع المحاكمات عن بعد، رغم كل الإكراهات والصعوبات، تحفز على السير قدما في تفعيل كل آليات المحكمة الرقمية كخيار استراتيجي لا محيد عنه في المستقبل القريب" واستعرض فارس، في كلمته بالمناسبة، حصيلة عملية المحاكمات عن بعد، قائلا إنه "تم تحقيق حصيلة إيجابية ومؤشرات رقمية وتقنية هامة خلال الشهر الأول لانطلاق هذا المشروع، أي من يوم 27 أبريل إلى غاية يوم 29 ماي 2020". وأوضح أن "مختلف محاكم المملكة عقدت خلال هذا الشهر (1469) جلسة عن بعد أدرج خلالها (22.268) قضية وتم البت في (9035) منها، بالإضافة إلى استفادة (24.926) معتقلا وافقوا على محاكمتهم عن بعد دون الحاجة إلى نقلهم إلى مقرات المحاكم، تفاديا لكل المخاطر الصحية المحتملة في هذه الظرفية الاستثنائية". وأكد فارس، في هذا الصدد، أن هذا المشروع "يعتبر ثمرة عمل ومجهود مشترك بين مختلف السلط والمؤسسات والمهنيين، وكذا المحامين وأطر وموظفي كتابة الضبط، الذين عبروا كعادتهم عن حس وطني كبير وتفان وتضحيات جمة من أجل حسن سير هذه المحاكمات عن بعد". وخلال هذا الاجتماع، الذي تدارس جدول أعمال ضم عددا من النقاط العامة المرتبطة بالقضاء والعدالة، لفت الرئيس المنتدب إلى أنه "في ظل هذه الظروف الاستثنائية، كانت المؤسسات ملزمة باعتماد قواعد حكامة المخاطر واستراتيجية تدبير الأزمات، وهو ما حرص عليه المجلس من خلال مقاربة تعتمد على مداخل أساسية، تتمثل في المبادرة الاستباقية والعمل التشاركي والحلول الخلاقة والتواصل والشفافية، وجعل الأمن الصحي أولوية الأوليات". وأبرز الرئيس الأول لمحكمة النقض أنه "بمجرد ما بدت بوادر هذا الوباء الصحي ومنذ إعلان حالة الطوارئ الصحية، وجه المجلس بشكل مبكر كتابا للمسؤولين القضائيين بمختلف المحاكم للتشديد في مراقبة الولوج، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب انتشار هذا الوباء، داعيا إلى إخبار الجهات المعنية بكل حالة تكون محط شك في حمل الفيروس أو تظهر عليها أعراض المرض حماية للمرتفقين والعاملين بالمؤسسة القضائية". وأضاف أن المجلس "بادر بتنسيق مع الوكيل العام لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة ووزير العدل إلى اتخاذ قرار عاجل يوم 16 مارس، قبل اتخاذ قرار الحجر الصحي، بتعليق جميع الجلسات بمختلف المحاكم باستثناء قضايا المعتقلين والقضايا الاستعجالية، حماية للصحة والسلامة العامة، وضمانا في نفس الوقت لاستمرار المرفق العام في أداء واجبه والتزامه الدستوري بصيانة الحقوق والحريات، واضعين رهن إشارة العموم كل آليات التواصل عن بعد ليطلع المرتفقون ويطمأنوا على مآلات ملفاتهم وإجراءاتهم". واعتبر فارس أن المجلس عمل على مواكبة هذه القرارات بعدد من التوجيهات والمذكرات لمختلف المحاكم من أجل رصد كل الاشكالات المستجدة وحلها بمختلف الطرق القانونية المتاحة، في موازنة واضحة بين ما تفرضه إجراءات الصحة والسلامة وبين التدبير الأمثل لهذا المرفق الحيوي الهام خاصة في مثل هذه الظرفية الاستثنائية. وأكد أن تدبير مرحلة ما بعد رفع الحجر الصحي بكل تحدياتها وإكراهاتها كانت أيضا حاضرة ضمن أولويات المجلس منذ بداية هذا الوضع الاستثنائي، حيث بادر إلى توجيه مذكرة للمسؤولين القضائيين من أجل الاستعداد لهذه المرحلة من خلال فتح كل قنوات الحوار مع الفاعلين والمهنيين على مستوى دوائرهم، من أجل رصد الاشكالات المتوقعة واقتراح حلول بشأنها مما يمكنهم من استئناف العمل في أحسن الظروف وبأقل ضغط ممكن، تفاديا لأي تراكم او تأخير محتمل. وسرد فارس الخطوط العريضة لاجتماع الجنة الرباعية، الذي جرى من خلاله وضع تصور مبدئي لتدبير الفترة المقبلة، من خلال منهج تدريجي عبر ثلاث مراحل يضع الأمن الصحي في المقام الأول، ومراعاة خصوصية كل دائرة قضائية عبر تمكين المسؤولين من وضع التدابير الملائمة للعنصر البشري ولطبيعة الملفات وعددها من خلال مقاربة تشاركية تؤسس للجان يقظة ستسهر على حسن تطبيق هذه الإجراءات والتدابير.