تشبثت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بتخليد فاتح ماي لهذه السنة، متحدية تداعيات جائحة كورونا التي أدخلت المغرب في دائرة الطوارئ الصحية والحجر الصحي. ووضعت الكونفدرالية، منصة افتراضية، لتمكين قواعدها العمالية من تخليد التظاهرة، تحت شعار "مواصلة النضال من أجل إعادة بناء الدولة الاجتماعية لمواجهة أزمات وصدمات المستقبل". ودعت المركزية النقابية جميع العمال ليكونوا في الموعد يوم فاتح ماي 2020 لتخليد العيد الأممي للطبقة العاملة وفق البرنامج الإلكتروني الذي أعدته بهذه المناسبة، والذي سيبث على صفحتها الرسمية في الفايسبوك www.facebook.com/www.cdtmaroc.ma. وقال يونس فراشن، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إنه في ظل الظروف التي يعيشها العالم والمغرب أيضا، قررنا الاحتفال بذكرى عيد العمال بشكل افتراضي عن طريق الصفحة الإلكترونية للمنظمة، بحيث سيجري بث كلمة الكاتب العام، وكذلك تنظيم ندوة فكرية حول شعار فاتح ماي لهذه السنة. وأوضح فراشن، في تصريح ل"الصحراء المغربية"، أن شعار هذه السنة يندرج في السياق الذي تعيشه بلادنا والعالم بأسره، معتبرا أن المغرب يحتاج إلى إعادة بناء الدولة الاجتماعية، من خلال الحاجة إلى إصلاح منظومة التربية والتكوين بشكل عميق، وإلى منظومة صحية قوية، وحوار اجتماعي كأساس وإطار للتفاوض والحوار حول القضايا التي تهم الشغيلة وكل القضايا الاجتماعية. وأعلن يونس فراشن أن الدولة الاجتماعية هي الجواب عن المرحلة المقبلة لما بعد كورونا، وأن شعار "مواصلة النضال من أجل إعادة بناء الدولة الاجتماعية لمواجهة أزمات وصدمات المستقبل"، يؤسس لمرحلة ما بعد كورونا. وأضاف قائلا "النقاش الذي كان سائدا في المغرب قبل هذه الأزمة، كان حول النموذج التنموي، ونعتقد أن أي نموذج تنموي في المستقبل يجب أن يستحضر هذه المرحلة، وما عرته من هشاشة الوضع في القطاعات العمومية والخدمات بشكل عام على جميع المستويات، سواء على مستوى الصحة العمومية، أو الحماية الاجتماعية، وبالتالي يجب أن نأخذه بالاعتبار من أجل بناء نموذج تنموي بديل يكون محوره الإنسان، إضافة إلى حضور الدولة بشكل قوي من خلال الاستثمار العمومي، ووضع أسس العدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل للثروات". وفي تفاصيل برنامج الاحتفال، أوضحت الكونفدرالية أن الاحتفال سينطلق على الحادية عشرة وخمسون دقيقة صباحا بقراءة الفاتحة ترحما على ضحايا كوفيد 19 وطنيا ودوليا، يليه عرض شريط يوثق مقتطفات من تظاهرات فاتح ماي الكونفدرالي، ثم كلمة فاتح ماي التي سيلقيها الكاتب العام للمنظمة. وعلى عكس الاحتفالات السابقة التي كانت تختتم بكرنفال استعراضي في الثانية عشر ظهرا، فإن الاحتفال هذه المرة سيمتد إلى الفترة المسائية أيضا، إذ برمجت المركزية النقابية في التاسعة ليلا ندوة فكرية في موضوع "الحاجة إلى إعادة بناء الدولة الاجتماعية" والمنسجم مع شعار فاتح ماي لهذه السنة. وأكدت الكونفدرالية على المزيد من التضامن الاجتماعي والتكافل، والاستمرار في احترام كافة الإجراءات الوقائية والاحترازات اللازمة. ووجهت الكونفدرالية بهذه المناسبة نداء للطبقة العاملة المغربية استحضرت فيه الوضع الاستثنائي غير مسبوق الذي تعيشه بلادنا، جراء انتشار وباء كورونا، والذي لازالت تداعياته الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية مستمرة. ونوهت المركزية بكل الفئات المهنية الصامدة في الخطوط الأمامية لمواجهة الوباء، مؤكدة بأننا لسنا في مأمن من تداعيات هذه الجائحة ومن كل الأزمات والصدمات المستقبلية الممكنة. وندد النداء بما أسماه "تغييب الإنسان والبعد الاجتماعي في كل السياسات العمومية للحكومة، ورفع يدها عن التعليم والصحة ومختلف الخدمات العمومية والاجتماعية وتفويتها للخواص، وضرب القدرة الشرائية لفئات واسعة من المواطنات والمواطنين". كما استنكر "غياب ثقافة الحوار والإشراك وعدم مأسسة الحوار الاجتماعي التفاوضي الثلاثي الأطراف وتمرير القوانين الاجتماعية بشكل أحادي". ودعا النداء العاملات والعمال إلى جعل فاتح ماي لهذه السنة مناسبة لمواصلة النضال من أجل "مغرب لكل المغاربة، يعيد الثقة في الحياة السياسية الوطنية، ومغرب الديمقراطية والحقوق والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وبناء الدولة الاجتماعية القادرة على مجابهة كل التحديات الراهنة والصدمات المستقبلية، والتي تضع في طليعة أولوياتها القضاء على الفقر والهشاشة الاجتماعية، وتوفير الخدمات العمومية الجيدة والمجانية لعموم المواطنات والمواطنين وعلى رأسها التعليم والصحة". كما طالب، أيضا، بمأسسة الحوار الاجتماعي التفاوضي الثلاثي الأطراف واحترام الالتزامات الاجتماعية (اتفاق 26 أبريل)، والتشريع الاجتماعي والحريات النقابية، إضافة إلى إلزامية عودة كل الأجراء العاملين في المقاولات التي توقفت بسبب الجائحة والحفاظ على كل مكتسباتهم الاجتماعية. ودعا كذلك إلى الاستجابة للمطالب المادية والمهنية والاجتماعية لعموم الشغيلة، واعتماد نموذج تنموي محوره الإنسان يرتكز على بناء المؤسسات الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، واقتصاد وطني تضامني يدعم المقاولة المواطنة ويخلق فرص الشغل اللائق.