منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية التي فرضتها جائحة فيروس "كورونا" على إيقاع الحياة في المجتمع المغربي، انتبهت الجهات المسؤولة وفعاليات المجتمع المدني إلى أهمية توفير تدابير مصاحبة من شأنها إعادة إيواء الأشخاص في وضعية الشارع وغير المتوفرين على مأوى لحمايتهم من عدوى "كورونا" وحماية المجتمع من عوامل انتشار العدوى بواسطته. وشملت هذه المبادرات، جمع عدد كبير من الأشخاص من دون مأوى في فضاءات ومؤسسات، حيث يستفيدون من أسرة للنوم ومرافق صحية للنظافة ومن حصص للتغذية. ويأتي ذلك بعد إغلاق الحمامات والمقاهي توجد هذه الفئة في وضعية حرمان من فضاءات الاغتسال وقضاء حوائجهم الطبيعية في دوراة مياه، كما أن إغلاق محلات بيع الوجبات حرمهم من تناول وجبات أو سندويتشات ساخنة مهداة أو متصدق بها عليهم. ويتعلق الأمر بالأشخاص الذين يعيشون إما داخل بنيات وفضاءات المهجورة، أو يبيتون على الأرصفة في زوايا بأحد الشوارع أو على مقربة من الأسواق، حيث يجدون ما يقتاتون به خلال يومهم. بينهم أطفال وشباب من الجنسين وحتى أشخاص مسنين ومرضى مصابين بأمراض نفسية وعقلية، أغلبهم ينشطون، نهارا، في التسول ومسح زجاجات السيارات بمدارات الطرقات. وفي هذا الإطار، تحدث الدكتور عبد الكريم المانوزي، طبيب وفاعل حقوقي وجمعوي، في تصريح ل"الصحراء المغربية"، عن أن صعوبة الوضعية الصحية الحالية المرتبطة بانتشار فيروس "كورونا"، تنضاف إلى الوضعية الصعبة التي يعيشها الأشخاص من دون مأوى، سواء منهم المغاربة أو المهاجرين من دول جنوب الصحراء، بسبب عدم توفرهم على مأوى يوفر علهم شروط العيش الكريمة والسليمة من الناحية الصحية، ما يجعلهم يشكلون خطرا على أنفسهم وعلى باقي أفراد المجتمع. وذكر المانوزي أن من تحديات توفير ظروف إيواء جديدة لحماية هؤلاء الأفراد من عدوى فيروس "كورونا"، تتمظهر في صعوبات التعرف عليهم جميعا لأجل التواصل معهم، بالنظر إلى اختلاف وتنوع الفضاءات التي يلجأون للعيش أو الاختباء فيها. وأوضح الطبيب المانوزي، أن الأشخاص من دون مأوى، تعد فئة هشة اجتماعيا وصحيا كونها أكثر عرضة للإصابة بأمراض متنوعة، ضمنها فيروس "كورونا"، وهو ما يجعلها في الظرفية أكثر تعرضا لاحتمالات إصابتها بأمراض معدية موازاة مع فرض حالة الطوارئ الصحية. كما أن الحالة الصحية الهشة لمن لا مأوى لهم، تجعلهم أكثر عضرة لضعف مناعتهم وبالتالي لسرعة تعرضهم لعدوى الأمراض والفيروسات، وتبعا لذلك، يتحولون إلى مصدر لنشرها بين أعضاء محيط مجموعتهم وبين باقي أعضاء المجتمع، وهو ما يستدعي إحاطتهم بالعناية وتوفير سبل إيوائهم واستقبالهم في ظروف إيواء سليمة ومناسبة. ونوه المانوزي بمجموع المبادرات التي تستهدف إيواء وإطعام وتنظيف هؤلاء الأشخاص، سيما أنه لن يكونوا على وعي كاف بسبل الوقاية من عدوى فيروس "كورونا"، كما لا يتوفرون على معلومات أو إمكانات الاتصال بالمصالح الطبية لأجل الاستفادة من الرعاية الصحية أو طلب التشخيص المخبري للكشف عن الإصابة بفيروس "كورونا"، وهو ما قد يسمح بانتشار الفيروس. وتعد هذه المبادرات، يضيف المانوزي، بفضاءات تسمح لهم بالاستفادة من وسائل النظافة ومن فرص رصد احتمالات إصابتهم في حالة ظهور علامات عدواهم بالفيروس، من قبل الفاعلين الجمعويين أو المساعدين الاجتماعيين، الذين يساهمون في نشر سبل الوقاية والحماية من الإصابة بالفيروس وسطهم في مثل هذه الظروف. ونبه المانوزي إلى وجود بعض التحديات، منها ضرورة وضع استراتيجية تهدف إلى ضمان ديمومة مواكبة هذه الفئة بشكل مستمر إلى ما بعد انتهاء جائحة "كورونا"، داعيا السلطات المسؤولة إلى استثمار هذه الظرفية في توفير ما يكفل لهذه الفئة من العيش في ظروف إيواء كريمة، تضمن لهم شروط المبيت والمأكل والمشرب وشروط النظافة بما يحفظ كرامتهم ويقيهم والمجتمع من الأمراض ونشر العدوى.