تشكل هذه الذكرى الوطنية، التي أعلن عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس والتي تتزامن و10 أكتوبر من كل سنة، مناسبة لطرح مسألة المساواة مجددا، ووضع الأصبع على الإنجازات التي تم تحقيقها في هذا المجال مع التفكير في آفاق النهوض بالمرأة. ويرى الكاتب العام للمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، عبد الرزاق روان، أنه تم بذل مجهودات كبيرة، من أجل النهوض بوضع المرأة في المغرب، منذ سنوات التسعينيات. وأكد في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء أن المرأة ظلت دوما في صلب الإصلاحات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية، التي تحرص على ضمان مزيد من الحقوق للمرأة، وتسعى إلى إدماجها في الحياة السياسية، وكذا في مسلسل التنمية الاجتماعية والاقتصادية، الذي تباشره المملكة المغربية. وقال في هذا الصدد "إن مدونة الأسرة، ودستور2011، والمصادقة على المعاهدات الدولية، وإحداث هيئات وطنية لحقوف الإنسان، ومختلف الاستراتيجيات والسياسات العمومية ما هي إلا تأكيد واضح على هذا التوجه". كما أشار إلى أن هذه المبادرات المدعومة من قبل صاحب الجلالة، تكرس أيضا "الإرادة السياسية للمغرب في تحقيق المواساة والمناصفة بين الجنسين، سواء من حيث اكتساب الحقوق والتمكن من الموارد والفرص الاقتصادية، أو من حيث التأثير في الحياة السياسية"، وهو شرط لا مندوحة عنه لتثبيت المسلسل الديمقراطي وترسيخ دولة القانون وتعزيز العدالة الاجتماعية. وقد نجم عن هذه المبادرات، كما تبين دراسة أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط سنة 2014، تحسن ملحوظ في وضع المرأة ظهر جليا في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، حيث تراجع معدل البطالة لدى النساء بنسبة 9,6 في المائة، وارتفاع نسبة تمدرس الإناث في التعليم الابتدائي (98,5 في المائة)، وكذا نسبة محو الأمية في صفوفهن (54,3) في المائة، وانخفاض وفيات الأطفال (27,4 عند الفتيات)، ووفيات الأمهات (112 لكل 100 ألف ولادة حية). أما على المستوى السياسي، شهدت تمثيلية النساء، أيضا، ارتفاعا سيما في الهيئات المنتخبة، بحصولهن على ستة آلاف و673 مقعدا، خلال اقتراع رابع شتنبر المنصرم، مقابل ثلاثة آلاف و465 مقعدا سنة 2009، وكذا داخل البرلمان، حيث تمكن من 60 مقعدا أي ما يناهز17 في المائة، مقابل 10 في المائة من المقاعد نلنها عبر نظام "الكوطا" سنة 2007، الأمر الذي مكن 67 امرأة من ولوج مجلس النواب. إلا أن الدراسة نفسها تكشف أنه بالرغم من الإنجازات التي تم تحقيقها، تظل تمثيلية العنصر النسوي في مجال الحياة السياسية دون المبتغى المنشود، وهو الأمر ذاته بالنسبة لولوج سوق العمل، الذي لا تمثل فيه النساء سوى نسبة 22,7 في المائة، وكذا هيئات القرار العمومي، حيث يمثلن 24,2 في المائة فقط، علما أن حضورهن لافت كأطر عليا (41,9 في المائة). وكيفما كانت الجهود المبذولة من أجل التقليص من حدة التمييز بين الرجال والنساء، يشير روان، فإن "إكراهات اجتماعية ماتزال قائمة كعائق يحول دون تحقيق المساواة بين الجنسين، لاسيما، في مجال ولوج مراكز القرار على غرار بلدان أخرى"، مضيفا أن "هذه المعضلة الثقافية" تتطلب، لا محالة، مزيدا من المجهودات وتستدعي مساءلة التحامل على النساء. واللافت أيضا، أن التمييز والعنف ضد النساء مايزالان يشكلان الممارسة اليومية للعديد من المغاربة، وهو واقع ذو تكلفة اقتصادية واجتماعية، ما حذا بالمغرب إلى مباشرة إصلاحات قانونية ومؤسساتية للقضاء على هذه الظاهرة، لا سيما منها، سن مشروع قانون يهم العنف ضد النساء، وإحداث سلطة المناصفة، ومناهضة جميع أشكال التمييز. والواقع، أنه على أهمية الجهود المبذولة، لا مناص من إزاحة تحديات ماتزال قائمة من أجل القضاء على التمييز بين الجنسين وسوء معاملة المرأة. إلا أن الذي بات مؤكدا هو أنه لا يمكن معالجة هذه المثبطات دون حدوث تحول اجتماعي عميق، والتخلص من المفاهيم النمطية للجنس العالقة بذهنية الفرد منذ طفولته، وهو ما يستدعي سنوات طوال من التحسيس المنهجي حتى تتغير العقليات وتترسخ ثقافة المساواة.