اتهم القاضي الهيني، عضو نادي قضاة المغرب، في مداخلته الرميد ب"إعدام استقلالية القضاء والتدخل فيه" من خلال معاملة المسؤولين القضائيين كقاصرين يوجه لهم تعليماته وكيفية تطبيق القوانين عبر مناشير كان آخرها منشور موجه لرؤساء المحاكم والوكلاء العامين ووكلاء الملك حول "الزواج بالعقد". وطالب الرميد غاضبا، القاضي بعرض هذه المناشير على الملأ، وفضحه كوزير للعدل والحريات، وتساءل كيف له أن يبلغ للمسؤولين القضائيين السياسة الجنائية إن لم تكن عبر مناشير. ودخل الوزير في مواجهة أخرى مع المحامي عبد الكبير طبيح، من هيئة البيضاء، خاصة ما يتعلق بالعقوبة على "الخيانة الزوجية"، حين أوضح طبيح أن المشرع لم يفسر كلمة "زوجين" المضمنة في الفصل الذي يجرم هذه الخيانة، قائلا "لا نعرف إن كان القصد رجلا وامرأة أو غيرهما"، ما أثار حفيظة الرميد الذي اعتبر الأمر "ضربا للدستور والقيم، موضحا أن واضعي المسودة احتكموا إلى مدونة الأسرة التي تنظم علاقة الزواج وتعرف الزوجين على أنهما "رجل وامرأه" وليس شيئا آخر. ولجأ الرميد إلى ما سماه الحاضرون ب"النظرية الجحشية" لتفسير القانون الجنائي، حين استحضر في تعقيبه على طبيح "قصة الرجل الذي يبيع الحمار على أنه حصان ويبيع الأخير على أنه جحش"، متهما إياه ب"المغالطة وتبخيس ما جاءت به مسودة القانون الجنائي من مستجدات، وممارسة المعارضة المبطنة. من جهة أخرى، أخلى الرميد مسؤوليته عن متابعة النيابة العامة بإنزكان للفتاتين صاحبتي "التنورة"، قائلا "ليس من حق ثني النيابة العامة عن متابعة أحد، أملك فقط حق طلب تدخلها"، وتابع "لو استشرت لكان لي رأي آخر، لكن لا يمكنني منعها من متابعة من ترى أنه يجب متابعته". وأثار وزير العدل انتباه الحضور حين أكد أن "وجود رجل وامرأة على سرير واحد لا يعتبر جريمة فساد"، قائلا "لا يجوز تكسير الأبواب على الناس، والتجسس على حياتهم الخاصة، لكن إذا جاهروا بمخالفة القانون، فينبغي أن يتدخل القانون"، مشيرا في ما يتعلق بالعلاقات الجنسية غير الشرعية، إلى أنه "لا يمكن إنزال العقوبة إلا إذا ثبتت بضوابط صارمة، بأن تضبط الشرطة القضائية المتلبسين في هيئة لا تقبل أي تأويل، أو اعترافهما، أو وجود مكاتيب". وقال أيضا إنه ليس متفقا مع كل ما تقوم به النيابة العامة خاصة حين اقتحام شقة أحد الأشخاص وإلقاء القبض عليه بالرباط، مضيفا أن عدم اتفاقه مع النيابة العامة لن يغير من الأمر شيئا. وجدد تشبثه بعقوبة الإعدام التي احتفظت بها مسودة القانون الجنائي مع تقليص عدد الجرائم المعاقب عليها، موضحا أن هناك خلافا دوليا حول هذا الموضوع الذي وصفه ب"الشائك"، وأن "لاختلاف حول العقوبة قائم في العالم أجمع ولن نتفق حولها ولو جلسنا نتحاور عشر ساعات"، مصرحا أنه لا توجد أي اتفاقية دولية تمنع عقوبة الإعدام، بل يوجد بروتوكول اختياري واحد والمغرب لم يصادق عليه بعد، وأنه يصعب في الوقت الحالي إلغاء هذه العقوبة في المغرب، معلنا استعداده لمناقشة التقليص منها، كما دعت إلى ذلك هيئة الإنصاف والمصالحة التي دعت إلى الإلغاء التدريجي لعقوبة الاعدام. وتحدث الوزير بمرونة وهو يدافع عن موقفه من هذه العقوبة في مواجهة المعارضين لها، قائلا "الدستور لا يمنع عقوبة الإعدام ولا يقننها، مبرزا أن الحكومة غير ملزمة في هذا الموضوع حتى بقرار المجلس الوطني لحقوق الإنسان المعارض للإبقاء على العقوبة. وأكد أن جميع الفرق البرلمانية صوتت أثناء عرض القانون العسكري للإبقاء على عقوبة الإعدام، ووضع المسؤولين في حزب "البام"، المطالب بإلغاء عقوبة الإعدام في موقف محرج حين توجه إليهم بالحديث قائلا "إذا كنتم تعتقدون أن عقوبة الإعدام جريمة ضد الإنسانية وظلامية فلا تصوتوا عليها، ولا تكيلوا بمكيالين في هذا الباب" وهو ما اعترض عليه حكيم بنشماس، رئيس فريق "البام" بمجلس المستشارين. وبخصوص عقوبة ازدراء الأديان، قال الرميد إن المقصود بهذه العقوبة هو ازدراء العقائد لأن الدين أشمل من العقيدة، قائلا "قد تدخل في الدين بعض الأمور الفكرية لكن المقصود بازدراء الأديان هو تجريم سب الذات الإلهية والأنبياء والرسل"، مضيفا "فكما يتم حماية المقدسات يجب أن تحمى عقائد الناس أيضا مهما كانت دياناتهم". وأكد أن الغاية وراء تجريم الإساءة للذات الإلهية والأنبياء والرسل هو "حماية عقائد الناس لنجنب بلدنا فتنة الإرهاب، وتجنيب المجتمع المغربي من بروز ردود فعل عنيفة، في حال حدوث إساءة إزاء الله أو الأنبياء والرسل". وأعلن أن وزارة العدل والحريات تعمل حاليا إلى جانب وزارة الصحة على إعداد نص حول الإجهاض، يبلور التوجهات التي أعلن عنها جلالة الملك، وإيجاد صيغة وسطية، تروم التوفيق بين مختلف الآراء، خاصة بعد الحسم الملكي في الموضوع.