نقص واضح في بنيتها التحتية، إلى جانب العشوائية التي كرسها بعض السكان بسلوكات غير مسؤولة، نفايات متناثرة، وعربات مجرورة تقلص من مساحات الفضاءات الشاغرة، وحفر متفرقة في معظم الأزقة والطرقات، وأعمدة كهربائية مدمرة، ومجاري صحية مسربة للمياه العادمة. هذه بعض ملامح منطقة الهراويين، التابعة لإقليم مديونة، بضاحية الدارالبيضاء، بعد خمس سنوات من نقل سكان "كاريان سنطرال"، وسط العاصمة الاقتصادية، للإقامة بها في إطار محاربة دور الصفيح، واستفادة المتضررين من منازل بديلة، تؤويهم في ظروف تحفظ كرامتهم وتنسيهم مرارة السكن لسنوات طويلة في "الكاريانات". لكن هذا الحلم تحول مع مرور الوقت إلى كابوس يقض مضجع الوافدين الجدد على منطقة "الهراويين". فبعدما أمضى بعض هؤلاء السكان ما يقارب خمس سنوات، بعد تمكينهم من بقع أرضية مناصفة بين أسرتين، أصبح الحلم ب"بيئة" منتظمة ومهيكلة، ينحو في اتجاه التذمر من "واقع جديد"، لا يطابق تصوراتهم وخيالاتهم. فمنطقة "الهراويين"، رغم الجهود ورغم الإجراءات والتدابير لتحويلها إلى منطقة شاملة من حيث المنشآت والخدمات، لم تلب كثيرا احتياجات السكان، فبعد المسافة عن مركز مدينة الدارالبيضاء، تعزز بغياب مرافق وضعف الخدمات بالمنطقة، والبعض توصل إلى أن "كريان سنطرال"، رغم عشوائيته، غير أن تموقعه وسط المدينة كان يسعف الكثيرين على قضاء مصالحهم واحتياجاتهم اليومية، بمنأى عن ثقل المسافة والتكاليف. هكذا تحدث بعض السكان ل"المغربية"، دون أن ينفوا أن "منطقة الهراويين" بالإمكان أن تكون نموذجا للمناطق السكنية بجهة الدارالبيضاء، إذا تواصلت الجهود في هذا الإطار، وأُحسن تدبيرها على النحو الذي يجتث مظاهر الفوضى والعشوائية، ويرفع جودة الحياة فيها.