هدموا براريكهم، وحملوا أثاثهم المنزلي بعيدا عن حيهم الصفيحي. أكثرهم اختار كراء غرف ضيقة أو بيوت بئيسة للملمة شتات أسرهم في انتظار تسلمهم بقع أرضية معدة لبناء مساكن. لكنهم بعد مرور حوالي سنة ونصف، وجدوا أنفسهم عالقين في وضعية بين المنزلتين، حيث أصبحوا لا ينتسبون إلى قاطني الكاريان أو المستفيدين من إعادة الإسكان. هم حوالي 190 أسرة من المرحلين من «كاريان سنطرال» بالحي المحمدي، الذين توصلوا مع الأفواج الأولى من استدعاءات الاستفادة من بقع أرضية بمشروع الهراويين. وبرخص الهدم من السلطات المحلية، حيث حولت المعاول براريكهم إلى أكوام من الحجر والخشب والصفيح، ورمت بهم ظروف الترحيل إلى البحث عن مآو مؤقتة في أحياء متفرقة بالدار البيضاء. هذا الاستقرار المرحلي في «بيوت لكرا» طال أمده أكثر من المتوقع، بعد أن علقت العشرات من الأسر الأخرى القاطنة بهذا الحي الصفيحي داخل براريكها غير المهدمة رغم توزيعها عن طريق «القرعة» كشركاء للأسر المرحلة في البقع الأرضية، التي هيئتها وجزأتها مؤسسة العمران في تراب جماعة الهراويين. غير أن جملة من المشاكل التي تعرفها الكثير من ملفات السكان الباقون ب«كاريان سنطرال»، جعلت عملية ترحيلهم تتوقف، مما وضع أصحاب الدور الصفيحية المهدمة في موقف معلق شببه بعضهم ب«لمرا لي ما مزوجا ما طلقا». بل فرض على الغالبية منهم استنزاف مواردهم المالية الهزيلة في دفع السومة الكرائية الشهرية لمساكنهم المؤقتة، وحرمهم من الانتقال كغيرهم إلى منازلهم الموعودة، التي حلموا بها مند عقود طويلة. هذه الوضعية السكنية الشاذة ل190 أسرة من قاطني «كاريان سنطرال» يعتبرها سعيد عتيق، رئيس جمعية الشهاب، وأحد أبناء هذا الحي الصفيحي، دليلا آخر على قائمة عريضة من إخفاقات المسؤولين في تدبير مشروع إعادة إيواء سكان الكاريانات بالحي المحمدي، حيث مازال الارتباك والتخبط بين الأطراف المتدخلة في العملية، يكشف يوما بعد يوم عن العديد من المشاكل والعوائق، التي تقف حجر عثرة في طريق استكمال ترحيل جميع الأسر المعنية. ولهذا ينقل هذا الفاعل الجمعوي رأي المتضررين من عدم تقعيل ترحيلهم إلى مشروع الهراويين، الذين أصبحت نسبة كبيرة منهم تتمنى العودة إلى براريكها الأصلية من أجل البحث عن الاستقرار المفقود، الذي لم يحققه لحد الآن الحلم ب«قبر الحياة» فيما يسمى بالسكن اللائق. بل هناك العشرات من الأسر المنتظرة للترحيل، من بدأت تعيد ترميم بيوتها الصفيحية استعدادا للبقاء تحت سقف هذه الأكواخ إلى أمد قد يطول إلى أجل غير محدد.