المعرض في دورته الأولى، التي اختارت شعار "التراث الإيكولوجي والثقافي لإفريقيا، في مواجهة العولمة"، والتي تنظمها الجمعية من أجل إنعاش الفن وحماية التراث، "أركان"، وجمعية (من أجل التنمية المستدامة والإيكولوجيا والحفاظ على البيئة)، دعوة للتعايش الإنساني، ونشر قيم الإخاء والتسامح بين شعوب العالم، في رسالة حبلت برموز ولغات وأشكال استلهمت من العمق الإفريقي بكل تمظهراته الإنسانية والاجتماعية والثقافية. فمن قوارب الموت، إلى السواعد الجافة التي تعرق لتسعد الآخرين المتباهين بأناقتهم ومكانتهم الاجتماعية، إلى الحيوانات التي تدفع ثمن استمرار الجنس البشري على هذه الأرض السمراء، هي كلها مواضيع عرضت بأحاسيس مرهفة، وبأساليب فنية تنوعت باختلاف البيئة والمدرسة التي ترعرع فيها كل فنان من الفنانين الخمسين المشاركين في هذه الدورة. إفريقيا كانت حاضرة بكل همومها وأحلامها، بطبيعتها وأناسها، بمؤهلاتها وانتكاساتها، في لوحة فنية عبرت عن المشترك والمختلف فيه بين شعوبها، عاكسة لصخب الألوان وضوضائها، وتداخل الأشكال وتباينها، تحاول أن تقول كل شيء عن قارة استنفذت مواردها ليغتني العالم، وتتقهقر هي سنوات إلى الخلف، ثم تبدأ مسيرتها من جديد لاسترجاع ثرواتها البشرية والطبيعية. و"أركان أفريكا"، الذي يعرض أعمالا توزعت بين الرسم، والنحت، والتصوير، والفيديو الفني، والتركيب والأداء، بحسب المنظمين، يترجم الدينامية المرتبطة بمكانة الفن في الثقافة الإفريقية، وواجهة حقيقية للإبداع الإفريقي في مختلف الفنون الإنسانية، علاوة على كونه جسرا للمضي "نحو الآخر والتفكير سويا بخصوص مآل التراث الإيكولوجي والثقافي الإفريقي". ومن خلال اختياره لموضوع التراث الأركيولوجي والبيئي في علاقته بالعولمة، وهيمنتها على الخصوصيات الثقافية والحضارية للدول، اعتبروا، في تقديمهم للمعرض، أن هذه التظاهرة الفنية تسعى إلى الإجابة عن جملة تساؤلات تخص التأثير القوي للعولمة على التراث البيئي والثقافي والفني لإفريقيا، وموقف الفنانين والمثقفين الأفارقة أمام "التحديات الخطيرة التي تطرحها التحولات العنيفة التي ترافق هذا الغزو المعاصر". وكان رئيس جمعية "أركان" عبد الرحمان وردان أوضح، في تصريح سابق لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة الإعلان عن تنظيم هذا الحدث الفني، أن فلسفة المعرض، الذي يقام بشراكة مع وزارة الثقافة ووزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة إلى غاية 12 من الشهر الجاري، تنطلق من الرغبة في خلق جسور ثقافية عبر الفن بين شعوب القارة وفنانيها. وتابع أن "أركان إفريقيا" يراد منه أن يكون واجهة للإبداع الإفريقي المعاصر، ومكانا للتلاقي والتفكير بين الفنانين وهواة وعشاق الفن المعاصر، وكذلك النقاد والصحافيين، مشيرا إلى أن هذه التظاهرة تعد كذلك مجالا للتعبير الإضافي بالنسبة للفنان الإفريقي المعاصر، وفضاء لإبراز الدينامية التي يعرفها الميدان الفني، والأبعاد التي يعكسها في الثقافة الإفريقية. وذكر أن دورة هذه السنة، التي تشهد مشاركة فنانين أفارقة ذوي صيت دولي في مجال الفن المعاصر، تبتغي "التوجه نحو الآخر والتفكير جماعيا حول مستقبل التراث الإيكولوجي والثقافي لإفريقيا"، وأيضا "إنعاش الحركية والتبادل وتنمية المواهب والتعبير عن المشاعر الأكثر تنوعا". وتتميز الدورة باختيار المصمم النيجيري ألفادي، رئيس المهرجان الدولي للموضة الإفريقية، والملقب ب(أمير الصحراء)، ليكون ضيف شرف المعرض تقديرا لالتزامه الكبير لفائدة الثقافة والتراث الإفريقي، فضلا عن تكريم الفنانة المغربية مليكة أكزناي، وتقديم كتاب جديد حول مسارها الفني من إنجاز جمعية "أركان"، بدعم من وزارة الثقافة". وينحدر الفنانون المشاركون في هذا المعرض على الخصوص من تونس، والجزائر، ومصر، وليبيا، وساحل العاج، وبوركينا فاسو، والسنغال، والسودان، ونيجيريا، والغابون، والكاميرون والنيجر إلى جانب المغرب.