يستضيف المهرجان، الذي ينظم بمركب محمد السادس للثقافة والفنون والرياضة، الفنانة كريمة الصقلي والإعلامية أسمهان عمور. انطلق المهرجان الذي تختتم فعالياته اليوم الجمعة بجلسة شعرية أولى من تنسيق مخلص الصغير ومشاركة عبد الكريم الطبال، وثريا ماجدولين، ومحمد الشيخي، وعبد القادر وساط، وأمينة المريني، وعبد الحميد جماهري، ومحمود عبد الغني، وحسن الوزاني، وعبد السلام الموساوي. وشهدت الجلسة الشعرية الثانية التي نسق فقراتها فاطمة الميموني، مشاركة محمد بودويك، ووداد بنموسى، وأحمد بنميمون، والزبير الخياط، وإكرام عبدي، وجمال أزراغيد، وسكينة حبيب الله. ويتضمن برنامج اليوم تنظيم ندوة نقدية في محور "الشعر المغربي وسؤال الأجناس" بمشاركة النقاد بنعيسى، بوحمالة وحورية الخمليشي، ومحمد بودويك، من تنسيق مخلص الصغير. وجاء في الورقة التقديمية التي أعدها الناقد الأدبي بنعيسى بوحمالة لمحور هذه الندوة "لدى كل من رينيه ويليك و أوستين وارين، في مصنفهما الذائع الصيت "نظرية الأدب"، أن الأدب ليس بممارسة كيفما اتفق وإنما هو مؤسسة رمزية، في صرامة المؤسسات المادية، تحكمها مشترطات واقتضاءات تمس اللغة والتعبير والأداء وتميز بين الأجناس الأدبية بحيث يستفرد كل جنس بخواصه ومحدداته التي بها يكتسب هويته ومعياريته عند منتجي الأدب وفي أوساط المتلقين والمتتبعين، وتمانع في أيما خرق لهذه المشترطات والاقتضاءات أو طعن فيها. وجراء الهبة الحداثية التي عرفتها الآداب الأوروبية سوف تتخذ الممارسة الأدبية اختيارات جريئة ستثمر، في أضعف الأحوال، إرباكات لا يستهان بها لصفاء الجنس الأدبي واستقلاليته، تحت مسمى التناص، بما هو قدر أيما نص كان، وفي الحدود القصوى تحطيما جذريا للترسيمات الفاصلة بين هذا الجنس وذاك وبين شكل تعبيري وآخر سيطال، بالتبعية، حتى ماهيات القصيدة والرواية والقصة القصيرة والسيرة الذاتية والمسرحية و المقالة..، مبدلا إياها بمفهوم الكتابة في دلالته الانفتاحية الواسعة وضمن قابليته الامتصاصية لما لا يحصى من الإعمالات و الأساليب و الجماليات. وإذ نحت القصيدة المغربية المعاصرة، عند مطلع سبعينيات القرن الماضي، منحى تجديديا، إن لم نقل تجريبيا ملموسا، اندرج بموجبه الأداء الشعري في الأدب المغربي إلى أفق مغاير عن الأفق الذي أطر شعرية الريادة المغربية، بأثر من تشبع شعراء الجيل السبعيني بالكشوفات المنتجة التي استحصلتها الكتابة الشعرية، إن عربيا أو عالميا، وأيضا بفعل ما كان لحلقة مجلة "أنفاس" الفرانكوفونية من جاذبية لدى فئة من هؤلاء الشعراء، تحت مسمى التناص، المفرط أحيانا، أو النزوع إلى استراتيجيات كتابية تهجينية سيتحول معها النص الشعري إلى محفل لتلاقحات وتفاعلات مركبة بينه وبين أجناس أدبية أخرى، كالتي ذكرنا، و أحيانا أخرى بينه و بين أشكال تعبيرية من قبيل التشكيل والموسيقى والكوريغرافيا والديزاين والسينما والفيديو آرت..، مما سيتفاقم ويأخذ أبعادا موغلة في تجريبيتها لدى شعراء لاحقين أفرزهم العقد الثمانيني والعقد التسعيني انتهاء إلى بدايات الألفية الثالثة.. ومن هذا الضوء، ما الذي يمكن اعتناقه من بين جملة من التساؤلات الإجرائية، المشروعة فيما نرى، بصدد هذه الظاهرة و تلاوينها المستشكلة: هل يدخل الأمر في إطار مبدأ التفاعل الذي تقوم عليه عناصر الطبيعة فأحرى بنيات اللغة، ومنها الأدبية، وتشكلاتها المختلفة؟ أهو نوع من التهجين اللغوي، والأدبي بالضرورة، هذا إن لم يكن تعنيفا متقصدا للغة يتغيا التمرد على ضوابط المؤسسة الأدبية وإرغاماتها المتعددة والمراهنة، بالتالي، على تخييل شامل، وذي قيمة مضافة، يتمخض عن شعرية متراكبة الأوجه والنبرات، مراهنة على تلقيات جديدة و فطنة تسندها مرجعيات موصولة، إن شئنا، بحقول وأرصدة معرفية شتى؟ أمن رجاحة التفكير الإبداعي، والنقدي سواء بسواء، الإخلاص للقصيدة في حدودها المقولاتية المقننة ودرء مسعى استجلاب عناصر و قرائن من أجناس أدبية أخرى بداعي التحديث و التجريب و الطليعية أو العكس، استئناسا، في هذه الوجهة، برأي عالم الإستيتيقا الإيطالي كروتشه الذي يرفض فكرة الأجناس الأدبية، من الأصل، و يدافع عن شيء اسمه الأدب و كفى؟ وأخيرا ما انعكاسات هذا وذاك على القصيدة المغربية المعاصرة و ما هي النتائج، لا المتحصلة والأخرى المتوقعة، لهذا الاختيار أو ذاك على الفاعلية الشعرية المغربية الراهنة وكذا أدوارها الإبداعية والثقافية في مجتمع لما تزل تتبلور حداثته المتعثرة في سياق تاريخي و قيمي أقرب إلى المعاندة منه إلى التحفيز؟