اختارت الجهات المنظمة شعار "التعايش والتسامح عنوان الرسالة المحمدية"، لتنظيم هذه الدورة، تأكيدا منها على خلو الإسلام من التعصب والتشدد، اللذين أصبحا يطبعان سلوك الجماعات المتطرفة في عدد من البلدان العربية والإسلامية. وقال محمد عالي بابوزيد، عضو المجلس العلمي بالسمارة، إن إحياء هذه الذكرى يندرج في إطار "دور الزوايا في توفير الأمن الروحي للمغاربة، وتوحيدهم من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب"، مؤكدا في مداخلة ألقاها تحت عنوان "التعايش والتسامح في الدين الإسلامي"، أن "المغرب قدم على مدار التاريخ نموذج الإسلام المعتدل، وكان له تأثير عبر كافة الدول المجاورة، بواسطة الإشعاع عن طريق الأئمة والعلماء ومريدي الزاويا، التي صار لها امتداد في اتجاه الجزائر وتونس وليبيا شرقا وموريتانيا والسينغال ومالي جنوبا، وبلاد الأندلس شمالا". من جهته، قال محمد الشيخ إسماعيلي ولد سيدي مولود، سليل الشيخ سيدي عبد الله موسى، إن "إحياء ذكرى الولي الصالح مناسبة لترسيخ وحدة الصحراويين، ورسالة محبة ووئام من قبيلة الرقيبات البيهات إلى إخوانهم من أبناء القبائل الأخرى"، مؤكدا أن صيت الولي عبد الله موسى يتخطى الحدود المغربية ويأتي لزيارته في المغرب مريدون من دول المنطقة. وأضاف محمد الشيخ أن "هذا يؤكد مغربية الربوع الصحراوية عبر التاريخ، ويربط الحاضر بالماضي بواسطة سلالة أمثال الولي الصالح الذين يتحدرون من أسلافهم الشرفاء في شمال المملكة". وحول وسطية الإسلام كما عرفه المغاربة إيمانا وممارسة، أفاد عبد الهادي بن عبد الله الوزاني في مداخلته بعنوان "التعايش في الإسلام وقبول الآخر"، أن "الأمن والاستقرار بالمغرب ليسا وليدي الصدفة، بل جاءا نتاجا للنهج المعتدل الذي يتميز به المذهب المالكي، والأئمة والعلماء المغاربة الذين أخذوا به في إطار المذهب السني تحت قيادة أمير المؤمنين، وتطبيقا للنهج المعتدل تعايش المغاربة المسلمون وغيرهم من الديانات الأخرى في جو من التسامح وقبول الآخر، ما جعل المغرب ينأى بنفسه عن التيارات المتطرفة التي تعصف بأمن واستقرار الكثير من الدول العربية والإسلامية". وأضاف أن المغرب، مع توفره على صمام الأمان الروحي، أصبح في مستوى تصدير نموذجه في التعامل مع الشأن الديني، وتزويد البلدان الأخرى بتجربته في محاربة التطرف ومكافحة التشدد، وقال "الإسلام ولد من رحم الاعتدال والوسطية، وعرفت الأمم الإقبال عليه، لأنه دين تسامح لا يرفض الآخر أيا كان معتقده أو دينه، لم يكن ليعرف العالمية، التي جاء من أجلها طبقا لقول الله تعالى "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، إلا لأنه دين رحمة وليس دين تشدد أو تزمت". خلال الحفل الديني، قدم ملتمس لتوسعة مقر الزاوية، خاصة في ظل الإقبال المتزايد عليها من طرف أبناء المنطقة وخارجها. واحتشد عشرات من شيوخ القبائل الصحراوية ومريدو الولي سيدي عبد الله موسى، بحضور السلطات الملحية والمنتخبة وضباط في القوات المسلحة الملكية بضريح الولي، وبعد قراءة الفاتحة ترحما على أرواح شهداء الوحدة الترابية، رفع الحاضرون أكف الضراعة إلى الله سبحانه وتعالى لنصرة أمير المؤمنين وحفظ أمن وسلامة ووحدة بلاد المغرب وأهله، كمار رفعت برقية ولاء وإخلاص للسدة العالية بالله جلالة الملك محمد السادس.