بالنظر إلى عدم توفر المغرب على إطار قانوني ينظم إجراء هذه التجارب البيوطبية على الإنسان، تقدمت وزارة الصحة بمشروع قانون لسد هذا الفراغ التشريعي، يحمل رقم 28.13، ويتعلق بحماية الأشخاص المشاركين في الأبحاث البيوطبية، وقدم بخصوصه وزير الصحة، الحسين الوردي، عرضا مفصلا، أخيرا، أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب. ويتضمن مشروع القانون مجموعة من التفاصيل حول التدابير القانونية لحماية الأشخاص المتطوعين في التجارب والدراسات السريرية عند الإنسان، من خلال توفير جميع الضمانات الكفيلة بتوفير شروط البحث العلمي اللازمة، مع المحافظة على حقوق المتطوعين والأشخاص الذين يخضعون لها بشكل تطوعي. وتأتي هذه المقتضيات لحماية الإنسان من أي أضرار صحية أو معنوية يمكن أن تلحق بالإنسان، إذ يفترض مراعاة العديد من الشروط، منها موافقة الشخص على الخضوع للتجربة، وتحديد مدة ذلك، وتقديم مختلف تفاصيل التجربة، وتفاصيل أخرى. أول قانون مغربي في هذا المجال منذ الاستقلال يعتبر مشروع القانون المتعلق بحماية الأشخاص المشاركين في الأبحاث البيوطبية، أول قانون مغربي، يستلهم من الخبرات الأجنبية ولا يتعارض مع القيم الدينية والأخلاقية المغربية، إذ ينص على الموافقة الطوعية والحرة والمستنيرة للأشخاص المشاركين في الأبحاث البيوطبية. ويشترط أن يستند البحث البيوطبي إلى تجارب ما قبل السريرية، كما يشترط اعتماد الرأي الإيجابي للجنة الأخلاقيات وحماية الأشخاص كهيئة أخلاقية جهوية مستقلة، ويشترط بعد ذلك الترخيص من الإدارة. ويشترط اعتماد مواقع البحث في المؤسسات الصحية بالقطاعين العام والخاص، ويحدد الفئات المحمية مثل القاصرين والمرضى النفسانيين، المرأة الحامل، والسجناء. وتستند الحاجة الملحة لتوفير هذا الإطار القانوني، إلى الاستجابة لمضامين الدستور المغربي، والاتفاقات والمعاهدات والصكوك الدولية، الرامية إلى تكريس حقوق الانسان، واحترام كرامته وسلامته الجسدية. ويعود التأخير الذي يسجله المغرب في هذا المجال إلى العديد من العوامل، من بينها عدم كفاية التكوين وغياب قانون تنظيمي لهذا القطاع في ما يخص التجديد في خدمة المرضى واستثمار البحث والتطوير وفرص الشغل. الأبحاث السريرية أو البيوطبية يقصد بالأبحاث البيو طبية، كل بحث أو تجربة يتم تنظيمها وإجراؤها على الكائن البشري بغرض تطوير المعارف الإحيائية أو الطبية للاستجابة إلى متطلبات الصحة العمومية. وتتوزع الأبحاث إلى نوعين، الأبحاث التدخلية، وهي أبحاث تتضمن تدخلا طبيا لا يندرج في التكفل الطبي الاعتيادي بالأشخاص، مثل أدوية تجريبية أو أبحاث سريرية تتعلق بمستلزمات طبية. أما الأبحاث غير التدخلية، فترمي إلى تقييم العلاجات المألوفة أو دراسات تهدف إلى جمع معلومات أو معطيات صحية شخصية دون تدخل مباشر على الشخص ودون منحه أي دواء. وتفيد القوانين المنظمة للمجال، حماية صحة الإنسان عند تجربة الأدوية على الإنسان، للتعرف على مدى تجاوب جسم الانسان معها لضبط فعاليتها ونجاعتها العلاجية وضبط أعراضها ومضاعفاتها الجانبية. ويعتبر البحث السريري ذا أهمية بالغة في المجال الطبي، لتوفير البراهين، انطلاقا من التجارب السريرية، التي يتم إجراؤها على الأشخاص بهدف تحسين المعرفة بشأن أحد الأدوية أو الأمراض أو المساطر أو البروتوكولات العلاجية. وتكمن أهمية توفير جميع النصوص الضابطة للأبحاث السريرية في تعزيز المعرفة حول الأدوية العلاجية المسوقة في المغرب، وإخضاع الدواء لمرحلة البحث الرابعة، التي تساعد على تحديد وتشخيص الآثار غير المرغوب فيها للدواء، ودراسة نجاعته وسلامة استعماله. ويسمح ذلك بتعميق المعارف حول الدواء عند استعماله، ما يخول لمصالح اليقظة الدوائية اكتشاف الآثار غير المرغوب فيها والنادرة، التي لا يمكن الكشف عنها خلال المراحل الأخرى من التجارب. وتركز الدراسات في البحث السريري على تلك المتعلقة بالأدوية الجديدة أو بالإشارات العلاجية الجديدة المتعلقة بالأدوية الموجودة سلفا. وتبقى الأهداف الرئيسية من وراء تقييم أي دواء في طور الصنع، هي إظهار المفعول الجيد للدواء وفعاليته العلاجية وضبط علاقة الفائدة والخطر المرتبطة به، إلى جانب دراسة خصوصياته الصيدلية. وتعتبر الدراسات الطريقة الموضوعية الوحيدة لتحديد أي أعراض جانبية لأحد الأدوية، ودراسة فعاليته وسلامته وطريقة استعماله، ومن ثمة وضع أو تقييم بروتوكولات علاج للاستعمال ضد الأمراض. الحاجة ملحة لتأطير البحث البيوطبي على الإنسان في المغرب يأتي مشروع القانون لتجاوز حالة افتقار المغرب إلى إطار قانوني يؤطر الأبحاث السريرية، علما أن لجن الأخلاقيات التابعة لكليات الطب أو المستشفيات الجامعية، التي تباشر هذه الأبحاث، تشتغل دون وجود أي إطار قانوني. ويوازي تحرك المغرب لسد الفراغ القانوني، عزوف مراكز البحوث الوطنية والدولية عن إجراء مثل هذه الأبحاث لكلفتها المرتفعة، وكمثال على ذلك، تصل كلفة الاستثمارات الخاصة بالبحث السريري في المستشفيات الفرنسية، قرابة 500 مليون أورو في السنة. كما يأتي ذلك موازاة مع ضعف جودة البحوث، والاستجابة للمآخذات الحقوقية والانتقادات الموجهة في هذا الباب. يأتي مشروع القانون للمحافظة على صحة المشاركين في الأبحاث السريرية، يكفل حماية الأشخاص الذين يخضعون لهذا النوع من الأبحاث البيوطبية، من خلال احترام مجموعة من القواعد، منها المرتبط بالمنهجية العلمية الدقيقة في الانتقاء والتحليل، واحترام مبادئ أخلاقيات البحث العلمي عند الإنسان. إذ تحتفظ الإدارة لنفسها، بقوة القانون، توقيف بحث بيوطبي مؤقتا أو منعه، في حالة وجود خطر على الصحة العمومية أو في حالة خرق أحكام هذا القانون أو أحد النصوص المتخذة لتطبيقه. وتبعا لذلك، فإن القانوني يضع أرضية قانونية، تكفل حماية الأشخاص من أخطار العولمة، إذ يتوجه الباحثون الدوليون نحو الدول ذات آليات قانونية ضعيفة أو منعدمة. ضرورة حماية الأشخاص المشاركين في الأبحاث البيوطبية
تنص مقتضيات مشروع القانون على ضرورة احترام أخلاقيات البحث العلمي عند الإنسان، استنادا إلى معايير دولية، بما فيها مبادئ حقوق الإنسان، والأسس الأخلاقية والدينية للمجتمع في المغرب. مبادئ البحث البيوطبي
تنص مقتضيات مشروع القانون الجديد على حماية حق الشخص في: من أولى المبادئ الحصول على الموافقة الصريحة للشخص المشارك في البحث واستقلالية قراره. احترام حياته وصحته وسلامته البدنية والنفسية، وكذا كرامته وخصوصيته. أن يكون القبول بالخضوع للبحث السريري تطوعيا غير مؤدى عنه. *الحرص على الطبيعة غير التجارية للجسم البشري، من خلال احترام قواعد حسن انجاز الأعمال السريرية، وحماية الأشخاص في وضعية هشة والأجانب في وضعية غير قانونية. ولضمان شفافية أكبر وحماية أعلى للمشاركين في الأبحاث، يجب تحديد الهدف من البحث ومنهجيته ومدته، وتحديد الإكراهات والأخطار المتوقعة والمنافع المنتظرة والبدائل الطبية المحتملة. حقوق الأشخاص المشاركين في الأبحاث البيوطبية * التزام المتعهد بإرجاع المصاريف التي تحملها المشارك جراء البحث. * تقديم مجاني من المتعهد إلى الباحث وإلى المشاركين للأدوية التجريبية والمستلزمات الطبية التجريبية موضوع البحث. ويندرج ضمن هذه الحقوق، التنصيص على أحكام خاصة ببعض الأشخاص، ومنها،
عدم إمكانية إجراء أي بحث بيوطبي على القاصرين أو الأشخاص البالغين سن الرشد الخاضعين للحماية الشرعية، إلا إذا كان من المنتظر أن يعود البحث بمنفعة مباشرة على صحتهم وشريطة الحصول على الموافقة الحرة والمستنيرة والصريحة من النائب الشرعي للشخص المعني. شروط إجراء البحث البيوطبي * ألا يشكل أي خطر متوقع على صحتهم. * أن يكون ذا منفعة لأشخاص يتوفرون على الخاصيات نفسها. * ألا يمكن إجراؤه بطريقة أخرى. * لا يمكن تجاهل رفض الشخص المعني أو نائبه الشرعي أو تراجعهما عن الموافقة. يقضي مشروع القانون بعدم إمكانية إنجاز الأبحاث البيوطبية إلا في المؤسسات الصحية التابعة للدولة، إما مدنية أو عسكرية، أو في المؤسسات الصحية الخاصة أو في مواقع البحث التابعة للمراكز الاستشفائية الجامعية. كما لا يمكن إجراء الأبحاث البيوطبية، إلا في مواقع تتوفر علي الوسائل البشرية والمادية والتقنية الملائمة للبحث التي تتناسب مع شروط سلامة المشاركين، إلى جانب التنصيص على وجوب أن يكون كل موقع لإجراء بحث بيوطبي على الأشخاص معتمدا من قبل الإدارة. لا يمكن الترخيص بإجراء أي بحث بيوطبي إلا إذا:
كان البحث حاصلا على موافقة اللجنة الجهوية المختصة. كان يرتكز على المعارف العلمية، بما في ذلك المعطيات قبل السريرية. كان الخطر المتوقع أن يتعرض له الأشخاص الذين يشاركون فيه أقل بكثير من المنفعة المتوقعة لهم. كان يهدف إلى توسيع المعرفة العلمية بالنسبة للكائن البشري والوسائل الكفيلة بتحسين وضعيته. · يجب على الباحثين والمتعهد والمؤسسة الصحية الاحتفاظ بجميع الوثائق المتعلقة بالبحث لمدة لا تقل على 20 سنة. يجب أن يخضع تأسيس كل بنك للمنتجات البيولوجية البشرية لموافقة الأشخاص المعنيين المكتوبة على حفظ منتجاتهم البيولوجية وعلى الغرض من استعمالها. التزامات ومسؤوليات الباحث والمتعهد
يمنع على الشخص نفسه الجمع بين وظيفتي باحث ومتعهد للبحث نفسه، غير أنه يمكن بصفة استثنائية الجمع بين الوظيفتين عندما يتعلق الأمر بمتعهد مؤسساتي. وتبعا لذلك، يتحمل المتعهد مسؤولية الأضرار التي تلحق بصحة المشارك أثناء إنجاز البحث أو بعد توقيفه أو انتهائه، عند ثبوت علاقة سببية بين البحث والأضرار. ومن الشروط المطلوبة، وجوب اكتتاب المتعهد تأمينا يضمن مسؤوليته المدنية بشأن البحث المعني، إذ يجب أن يشمل التأمين المسؤولية المدنية للباحثين والمتدخلين المعنيين بالبحث. أحكام خاصة بالتجارب والأبحاث السريرية إذا ثبت، عند نهاية بحث بيوطبي، أن الدواء التجريبي أو المستلزم الطبي التجريبي موضوع البحث له فائدة مهمة بالنسبة إلى المرضى اللذين شاركوا في التجربة المذكورة، وأنه لا توجد بدائل علاجية معادلة له، وجب على المتعهد، لضمان استمرارية علاجهم بالمنتج نفسه، أن يسهل لهؤلاء المرضى الحصول عليه بمجرد عرضه في السوق، خاصة عندما لا يستفيد المرضى المعنيون من نظام التغطية الأساسية. مؤسسات البحث بالتعاقد
هي مؤسسة تكلف بمهمة تخطيط وتتبع تنفيذ بحث بيوطبي لحساب المتعهد، وتكون شركة تجارية خاضعة للقانون المغربي. ومن وظائف المؤسسة، التأكد من حسن تنفيذ بروتوكول البحث بالنظر إلى قواعد حسن إنجاز الأعمال السريرية، وضمان نقل المعطيات المصدر بصورة أمينة من سجل المريض الى قاعدة معطيات البحث. وتبعا لذلك ، يمنع على مؤسسة البحث بالتعاقد القيام بما يلي: الاستقطاب المباشر للمرضى اللذين قد يشاركون في البحث البيوطبي. ربط أي اتصال مع الأشخاص الذين يشاركون في البحث البيوطبي. الجمع المباشر للمعطيات المتعلقة بالأشخاص الذين يشاركون في البحث البيوطبي.