سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إدريس قصوري: منتدى مكافحة الإرهاب في مراكش لا علاقة له بالحرب على داعش قال ل'المغربية' إن استراتيجية المغرب تستهدف تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على مسبباته
اعتبر قصوري في حديث ل"المغربية" أن المغرب لا يواجه الإرهاب بمقاربة أمنية يتيمة، بل يعمل عبر استراتيجية تستهدف تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على مسبباته. من جهة أخرى، أوضح قصوري أن المنتدى الذي يستضيفه المغرب بمدينة مراكش لا علاقة له بالحرب على تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق، المعروف اختصارا ب"داعش"، ولا يمت بصلة إلى التحالف، الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد هذا التنظيم. وشدد قصوري على هذه الحقيقة، مشيرا إلى أن المنتدى مبرمج على مدى سنة كاملة ويتضمن أوراش عمل موضوعاتيه، إضافة إلى أن أطرافا مشاركة فيه ليست طرفا في التحالف، الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد داعش. تحتضن مدينة مراكش، اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء، المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، بمشاركة 40 بلدا، ماذا يمثل بالنسبة لكم هذا الحدث؟ طبيعي أن يستضيف المغرب لقاء بمستوى المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، فالمغرب أظهر، على مدى سنة 2014، وقبلها بفترة طويلة، مدى مساهمته الجدية في مكافحة الإرهاب، ليس فقط على مستوى الإجراءات الأمنية، وإنما أيضا من خلال المقاربات الثقافية والدينية والاقتصادية والإنسانية، أضف إلى ذلك أن المغرب له تجربة مشهود له بها على الصعيدين الإقليمي والدولي في مكافحة الإرهاب، وأثبت أسلوبه الشمولي في التصدي للإرهاب نتائج مشهود له بها، حتى على صعيد الأممالمتحدة. فالمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، الذي يعقد دورته بالمغرب، يشتغل من خلال ست مجموعات، منها ثلاث موضوعاتية، والمغرب، إلى جانب هولندا، يترأسان مجموعة العمل الخاصة بمناقشة موضوع "المقاتلين الإرهابيين الأجانب"، كما أن المنتدى سيبحث، من خلال مجموعات العمل الأخرى، مواضيع "الساحل"، و"القرن الإفريقي"، و"العدالة الجنائية وسيادة القانون"، و"الاعتقال وإعادة الإدماج"، و"مكافحة التطرف العنيف". ما هو مضمون المقاربة الشمولية التي يدعو إليها المغرب لمكافحة الإرهاب؟ إن المغرب واع بمسؤوليته في محاربة الإرهاب، وله نظرة بعيدة المدى في هذا الاتجاه، فلا يمكن القضاء على الإرهاب من طرف دولة واحدة أو بواسطة مقاربة واحدة، وإنما يقتضي الأمر انضمام مجموعة من الدول، تقرر بحسن نية وبإرادة حقيقية التصدي للإرهاب، وتعمل بروح عالية لتبادل المعلومات والخبرات وتقديم الاستشارات، كما أن المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي، بل يجب بذل مجهودات جبارة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية، وإقرار تنظيمات تشريعية متقدمة لتجفيف منابع التطرف، وجعل المجتمع يتوفر على مناعة ذاتية لرفض العنف والتشدد. والمغرب، الذي اكتوى هو الآخر بنار الإرهاب، عمل جادا على تقديم نموذج فعال في محاربة هذه الظاهرة، ولم يركن إلى المقاربة الأمنية وحدها، بل دخل في سلسلة من البرامج التنموية والثقافية، وأطلق مشروع التنمية البشرية، الذي يحارب بواسطته الفقر في المناطق الهشة، كما دشن مشروع تقويم المجال الديني، من خلال تكوين وإعادة تكوين الأئمة والمرشدين على أساس الوسطية والاعتدال، وأضاف إلى المبادرات القضائية والتشريعية، التي اتخذها في مجال مكافحة الإرهاب، خيار الحوار، الذي اعتمدته السلطات المغربية مع العناصر المتطرفة حتى داخل السجون، أضف إلى ذلك تعاونه الجدي مع المجموعة الدولية في مكافحة الإرهاب. بذلك يواجه المغرب الظاهرة الإرهابية بمقاربة شمولية ومتعددة الاتجاهات والأبعاد، وهده حقيقة مشهود له بها عمليا، وأيضا من خلال التوصيات، التي دعا إليها في اللقاءات السابقة بلاهاي ولندن وأبو ظبي خلال العام الجاري. بعض الجهات تربط استضافة المغرب للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب بالحرب على تنظيم "داعش"، هل هذا الأمر صحيح؟ إطلاقا، فلا علاقة للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب المنعقد بمراكش بالحرب على "داعش"، وهذا أمر خاطئ. فاللقاء جرى التحضير له على مدى سنة خارج ما يسمى بالتحالف الدولي ضد "داعش"، والمنتدى وضعت أرضيته السياسية والرسمية المتعددة الأطراف سنة 2011 لتعزيز التشاور والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، بين 30 عضوا مؤسسا. أضف إلى ذلك أن لقاء مراكش جاء تبعا لسلسلة من اللقاءات السابقة، عقدت بمدن وعواصم أخرى، والمواضيع التي يشتغل عليها تؤكد أنه لا علاقة له بالحرب على "داعش"، فمجموعات العمل بطبيعتها الموضوعاتية تؤكد ذلك، كما أن خارطة المشاركين فيه تتكون من دول ومنظمات إقليمية وشبه إقليمية لا علاقة لها بالحرب على داعش، وبذلك فالمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب المنعقد في مدينة مراكش لا يدخل في أجندة التحالف الدولي، الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد تنظيم "داعش". هل تعتقدون أن المجتمع الدولي سينجح قريبا في القضاء على الجماعات الإرهابية، أم أن هذه الظاهرة تفرض حربا طويلة الأمد؟ وما هو وزن المقاربة المغربية في هذه الحرب؟ التصور المغربي واضح، فالحرب ضد الإرهاب لا تقبل مجهودا منفردا، ولا تحقق النتائج المرجوة إذا اقتصرت على مقاربات أمنية وحدها. وكما سبق أن أشرت، فإن المغرب قدم نموذجا شموليا في حربه ضد الإرهاب، وهذا النموذج، بشهادة العديد من الدول وشهادة الأممالمتحدة نفسها، كفيل بمحاصرة الظاهرة الإرهابية، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار الإجراءات الاستباقية المتمثلة في تجفيف منابع التطرف، مثل الفقر والجهل والتعصب، والعمل بموازاة مع ذلك على تشديد المراقبة، وتبادل المعلومات والخبرات بحسن نية وفي حينها بين الدول، كما يجب وضع تشريعات ملائمة لمكافحة الإرهاب، في ظل الحفاظ على مبادئ حقوق الإنسان، ودون المساس بها لاجتناب الظروف الشاذة، التي تولد المزيد من التطرف والإرهاب. كما لا يجب الاكتفاء باعتماد الإجراءات القبلية والآنية، وإنما يجب تبني إجراءات بعدية، تتمثل في العمل على إدماج وإعادة إدماج العناصر المتشددة، حتى بعد قضائها العقوبات الحبسية، فكما تعلمون، هناك عدد من المتطرفين يكتسبون الصفة الإرهابية عندما يكونون في أوساط المعارك والقتال، وعندما يعودون إلى أوساطاهم الاجتماعية، يتغير وضعهم النفسي ويتحولون إلى مسالمين، وهذه أمور ينبغي أخذها بالاعتبار لوضع برامج متقدمة من أجل محاصرة الظاهرة الإرهابية من جميع جوانبها.