نظمت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية بشراكة مع مختبر السياسات العمومية التابع للكلية ومختبر الدراسات في العلوم القانونية والاقتصادية والسياسية بكلية الحقوق بالجديدة ومنتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية لقاء،اليوم الجمعة، هم موضوع "الأمن القانوني والقضائي في المجال الضريبي: مقاربات في توافق السياسات الضريبية مع رهان العدالة الجبائية". وأكد جمال الحطابي عميد الكلية في كلمته الترحيبية على راهنية موضوع الندوة التي تزامنت مع انعقاد المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، مشيرا إلى أن الأمن مرتبط بالعدالة الجبائية والتي تشكل أساس الأمن القانوني والقضائي. بدوره أفاد جواد العسري، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالمحمدية في تصريح ل "الصحراء المغربية" أن هذا اللقاء يندرج في إطار اهتمامات الجامعة المغربية بالشأن الجبائي، مشيرا في سياق تصريحه إلى تغييب المجتمع المدني في المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، التي بقيت حكرا على الجهات المتدخلة فقط مثل مديرية الضرائب وهيئات الخبراء المحاسبين والاتحاد العام لمقاولات المغرب. وأكد العسري أن النص الضريبي يتميز بعدم الاستقرار، وبالتالي "ما تم تدريسه للطلبة بخصوص خصائص القاعدة القانونية المتمثلة في الاستقرار والثبات يكاد ينعدم في النص الضريبي"، مستدلا في ذلك بقانوني مالية 2018 و2019 اللذين "تضمنا ما يزيد عن 135 تعديل وبالتالي فالمدونة العامة للضرائب وفي الوقت الذي دخلت فيه حيز التنفيذ في فاتح يناير 2007، وإلى 2019 لحقها ما يزيد عن 630 تعديل، وبالتالي استعصى على المهتمين والعاملين متابعة هذه التغييرات المتلاحقة، ما يطرح إشكالية تتعلق بالأمن القانوني". وأضاف الأستاذ الجامعي أن الندوة لا تتناول فقط الأمن القانوني ولكن أيضا التوجهات القضائية التي "لاحظنا في بعض قرارات الغرفة الإدارية بمحكمة النقض خاصة خلال فترتي 2013 و2015 أنها لا تتميز بالاستقرار، فهناك توجهات قضائية مختلفة في الموضوع نفسه". وخلص إلى أن الندوة ستحاول الوقوف عند هذه النقط مجتمعة والتأكيد على دور القضاء الدستوري في الحماية القبلية وفي تكريس مفهوم الامن القانوني. على صعيد آخر، ذكر العسري في مداخلته التي تمحورت حول موضوع "الطعن في دستورية قانون المالية لسنة 2018 ما أغفلته عريضة الطعن" حول الطعن الذي سبق ل 82 عضوا بمجلس النواب (فريق الأصالة والمعاصرة) أن تقدموا به بخصوص تضريب التعاونيات والجمعيات السكنية التي أخلت بشروط الانخراط فيها، حيث "سيصبح المتعاون أو المنخرط مسؤولا عن ماله الخاص عن أداء ديون التعاونية أو الجمعية التي لم تحترم الشروط المسطرة في المادة 7 من المدونة العامة للضرائب دون تمييز بين المتعاون أو المنخرط حسن النية و سيء النية، ما يشكل مساسا بمبدأ المساواة المنصوص عليها في الدستور والذي لم تتناوله عريضة الطعن، وأيضا مخالفة لمبدأ تفريد العقوبة، إضافة إلى كون المقتضيات المنصوص عليها تخاطب فقط الجمعيات والتعاونيات المحدثة بداية 1/1/2018 دون باقي الجمعيات و التعاونيات والتي يمكن أن تستوفي شروط الإعفاء مما يشكل مخالفة دستورية أخرى". كما تناولت المداخلة إغفال عريضة الطعن (للمادة 10) من قانون المالية لنفس السنة والمتعلقة بالإعفاء من الذعائر والغر امات والزيادات وصوائر التحصيل عن الضرائب التي صدرت قبل 1/1/2016، حيث لم يشمل المعيار التشريعي فترة الاستحقاق أو سنة الاستحقاق ما يشكل بدوره خرقا للفصل 6 من الدستور. عبد المنعم مجد، باحث في المالية العامة والضرائب، صرح ل "الصحراء المغربية" أن الندوة تأتي تزامنا مع المناظرة الوطنية حول الجبايات، وهو الإطار ذاته الذي عملت فيه الكلية ومختبر السياسات من أجل تنظيم هذه الندوة حول مجموعة من المحاور التي تصب في نفس الهدف المتمثل في العدالة الجبائية. وأبرز مجد أن الندوة تمحورت حول ثلاث جلسات همت مجموعة من المحاور مثل النظرية العامة للضريبة بشكل عام، ومفهوم العام للضريبة وكذلك مجموعة من المساطر التي تدخل في تحديد الوعاء الضريبي والذي يطرح مجموعة من الإشكاليات على مستوى عدالة النظام الجبائي أو على مستوى تحصيل هذه الموارد، في إطار "تقارب الرؤى بين مجموعة من الباحثين المتمثلين في الأساتذة الجامعيين والممارسين المهنيين سواء بالنسبة للمديرية العامة للضرائب، أو الخزينة أومجموعة من المنابر الأكاديمية المتمثلة في مجلة القانون والاعمال والتي ستعمل لاحقا على تقديم تقرير عام حول مجموع هذه المحاور". وذكر المشاركون أن الأمن القانوني و القضائي في المجال الضريبي يعتبر من الأسس الضروري توفرها في أية سياسة ضريبية ناجعة ماليا اقتصاديا واجتماعيا. فتحديات تمويل التنمية و إكراهات تصاعد النفقات التسييرية ورهانات العدالة الجبائية والاجتماعية تستوجب استقرار "البنيات الضريبية" و عمومية تضريب كل الأوعية الضريبية مساهمة من الجميع في تحمل الأعباء العامة كما حددها الفصل 39 من دستور 2011، وتحتم أمنا قضائيا كفيال بضمان حقوق المكلفين بفدر من المساواة و العدالة من جهة وبإنتاج تراكمي في الاجتهاد القضائي الضريبي. وأجمع المشاركون على أن التعديلات المتكررة التي تلحق المدونة العامة للضرائب المدرجة في إطار قوانين مالية السنة، كتعبير عن سياسة الدولة الجبائية في توفير موارد مالية قارة لتمويل مختلف النفقات التسييرية والاستثمارية، تفتح النقاش حول مدى توفر أو غياب الاستقرار التشريعي في المجال الضريبي وما يطرحه كذلك من نسبية الأمن القانوني في المجال الضريبي، وبطبيعة الحال يسائل العدالة الجبائية بمختلف تجلياتها سواء تعلق الأمر بالوعاء أو التحصيل. تصوير: هشام الصديق