شرع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تفعيل التوجيهات الملكية لإعداد دراسة حول الرأسمال غير المادي والقيمة الإجمالية للمغرب. وكان جلالة الملك محمد السادس أكد في خطاب العرش، الذي وجهه إلى الأمة يوم الأربعاء المنصرم، بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين "نوجه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بتعاون مع بنك المغرب، ومع المؤسسات الوطنية المعنية، وبتنسيق مع المؤسسات الدولية المختصة، للقيام بدراسة لقياس القيمة الإجمالية للمغرب، ما بين 1999 ونهاية 2013". وتفعيلا لما ورد في الخطاب الملكي السامي، بمناسبة عيد العرش، الذي حظي بالتقدير والإشادة وطنيا ودوليا، استقبل جلالة الملك بالقصر الملكي بالرباط، في اليوم نفسه كلا من نزار بركة رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وعبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب. وذكر بلاغ للديوان الملكي أن هذه الدراسة تتعلق بتحديد القيمة الحقيقية لبلادنا، بما في ذلك إبراز الرأسمال غير المادي، الذي سبق للبنك الدولي أن اعتمده كمعيار لقياس ثروة الدول، إضافة إلى باقي مكونات الثروة الوطنية. وأضاف البلاغ أنه خلال هذا الاستقبال، أصدر جلالة الملك توجيهاته السامية لبركة والجواهري قصد العمل، من خلال هذه الدراسة، على تبسيط المفاهيم وشرح المعايير المتعلقة بالرأسمال غير المادي، وكذا توضيح وتحيين المعطيات الوطنية في هذا المجال، لتمكين المغاربة من التعرف على وسائل وإمكانيات خلق الثروة وفرص الشغل. واعتبارا لمكانته المتزايدة في عملية اتخاذ القرار، فقد أكد جلالة الملك، حفظه الله، ضرورة الأخذ بعين الاعتبار للرأسمال غير المادي خلال إعداد السياسات العمومية، وأن يشمل الإحصاء العام للسكان، الذي سيتم القيام به خلال هذه السنة، المؤشرات المتعلقة بالثروة غير المادية. قرر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تعبئة لجانه الدائمة وإحداث لجنة علمية خاصة لإعداد الدراسة. وذكر بلاغ للمجلس أن مكتبه، عقد يوم الجمعة المنصرم اجتماعا برئاسة نزار بركة، وحضور الأعضاء ممثلي الفئات ورؤساء اللجان الدائمة الست بالمجلس، قرر تعبئة جميع أعضاء المجلس من خلال لجانه الدائمة، كلا في مجال اختصاصها، للانكباب على هذا الموضوع لتقديم تشخيص موضوعي للأوضاع وبلورة توصيات عملية، تبعا للتوجيهات الملكية السامية، كما تقرر إحداث لجنة علمية خاصة مكلفة بتأطير وتتبع أشغال إعداد هذه الدراسة. وأضاف البلاغ أن أعضاء المجلس أشادوا في مستهل هذا الاجتماع بمضامين الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش المجيد، والذي أكد فيه جلالته على ضرورة القيام بوقفة وطنية لقياس التطورات، التي شهدتها المملكة خلال 15 سنة الماضية وأثرها الملموس على حياة المواطنين، بالاعتماد على معايير متقدمة وأكثر دقة، بما في ذلك مساهمة الرأسمال غير المادي في خلق الثروات. كما أعربوا عن فخرهم واعتزازهم بهذه الثقة المولوية المتجددة في كفاءات وأدوار المجلس باعتباره فضاء تعدديا مستقلا للتفكير والحوار، وقوة اقتراحية في بلورة وتقييم السياسات العمومية. وفي هذا الإطار، عبر أعضاء المكتب عن عزم وتجند مختلف مكونات المجلس للانخراط الفعال في هذا الورش المهم والاستراتيجي تبعا للتوجيهات الملكية. وكان نزار بركة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، قال في تصريح ل"المغربية" إن الخطاب الملكي، ركز على ضرورة الأخذ بالاعتبار القيمة الإجمالية للمغرب، باعتبار الرأسمال اللامادي، الذي "نعني به الحكامة وجودة المؤسسات، وكذلك الأمن والاستقرار السياسي والتنمية والرأسمال البشري والاجتماعي والرصيد التاريخي والابتكاري والإبداعي وجودة الحياة". وأضاف أن ثروات الأمم ترتكز على الموارد الطبيعية والرأسمال غير المادي وهو "ما يعطي في شموليته القيمة الإجمالية للأمم، وهذا ما سنعمل على رصده وتحديده من خلال الدراسة، التي سننجزها بمعية بنك المغرب، حيث سنقوم بتقييم ما تم إنتاجه خلال 15 سنة الماضية، ومن جهة أخرى سنقدم اقتراحات لتطوير وتثمين هذا الرأسمال غير المادي ليعود بالنفع على المواطنين والمواطنات ويساهم في تكريس سبل العيش الكريم". وبخصوص المدة، التي ستستغرقها الدراسة، أوضح بركة أنها من المرتقب أن تتراوح بين 6 و8 أشهر، وقال "سنعتمد على الدور الذي ستقوم به المندوبية السامية للتخطيط في هذا القياس من منطلق نتائج الإحصاء العام، الذي سيتم خلال شهر شتنبر المقبل، بحيث سنستثمر المعطيات التي سيوفرها الإحصاء للعمل على قياس القيمة الإجمالية لبلادنا".