عندما تركن سيارتك على جنبات شوارع الدارالبيضاء، التي تستغلها شركة "الصابو" الإسبانية بتفويض من مجلس المدينة،ستصطدم لا محالة بعدم مرونة العدّادات في تحصيل النقود خصوصا القطع النقدية من فئة درهم واحد، فتضطر لتكرار العملية أكثر من مرة دون نتيجة، وقد يستغرق هذا الأمر من الوقت ما يجعل حراس الشركة المذكورة يسارعون إلى عقل عربتك، بوضع "الصابو" على إحدى عجلاتها، وتغريمك 30 درهما. أمام هذا المشكل التقني، أصبح هم السائقين الأول والأخير هو إصلاح العدادات، التي تستنزف جيوبهم عند توقيف عرباتهم على جنبات الشوارع والأزقة، بمعدل درهمين لكل ساعة، بعدما كان مطلبهم في بداية عمل هذه الشركة هو اختفاء "الصابو" من شوارع المدينة ورحيل الشركة الإسبانية، التي يتناقض وجودها مع سياسة تحرير الشوارع والفضاءات العامة من أي استغلال أجنبي. عندما تسأل المراقبين التابعين للشركة المذكورة، تستشف من أجوبتهم أن السبب في عدم مرونة العدادات هو قِدمها وعدم تجديد عدد كبير منها. إن استمرار هذا المشكل، الذي سبق ل"المغربية" أن نبهت إليه مرات عديدة،بات يزعج الزبناء، ويجعلهم يتخلفون عن مواعدهم ومصالحهم. ويتحول هذا الانزعاج إلى مشكل حقيقي عندما يتعلق الأمر برجال أعمال تُقاس عندهم الدقائق بالذهب. في عدد من مدن العالم، ابتكرت شركات تدبير مواقف السيارات نظاما آليا متكاملا لتنظيم عملية تدبير ركن السيارات، ومن أبرز مزايا هذا النظام، أن سائق السيارة يستطيع دفع ثمن الوقوف ليس نقداً فقط، بل باستخدام أكثر من 14 وسيلة مختلفة، بما في ذلك الأداء عبر الهاتف المحمول. بالنسبة لعدد من السائقين، ليس المشكل في بقاء "الصابو" من عدمه، بل في توفير أكبر عدد من نقط وقوف العربات، إذ لا يمكن تصور مدينة بحجم الدارالبيضاء تتوفر فقط على قرابة 60 موقفا عموميا للسيارات، وهو رقم هزيل في مدينة تتحرك فيها حوالي 950 ألف سيارة خاصة، و200 ألف دراجة نارية، و25 ألف شاحنة ذات الوزن الثقيل، و15 ألف طاكسي من الحجمين الكبير والصغير، حسب مخطط التنقلات الحضرية للدارالبيضاء. ليس هناك حل آخر أمام سلطات المدينة لهذه المشكلة سوى إحداث مزيد من المواقف تحت أرضية، وهو واحد من الحلول التي بدأ في تطبيقها عمدة المدينة، محمد ساجد، وفريقه في مجلس المدينة. في إسبانيا، ابتكرت السلطات طريقة قابلة للتقليد في بلدنا، للتخفيف من أزمة ركن السيارات، إذ أقدمت على استغلال كل بقعة أرضية مسيجة وسط المدينة تأخر مالكها في بنائها لأزيد من عشر سنوات، وتحويلها إلى موقف للسيارات ولو بشكل مؤقت، وهذه السياسة، إذا نهجتها سلطات الدارالبيضاء، ستمكن، ليس فقط من احتواء أزمة وقوف العربات، بل أيضا من تدبير ومراقبة أماكن غير مستغلة، حتى لا تتحول إلى أوكار للفساد وتناول المخدرات والاعتداء على المارة.