كشفت المندوبية السامية للتخطيط أن 70 في المائة من الأطفال المشتغلين يتمركزون بأربع جهات من المملكة، وتضم جهة دكالة - عبدة وحدها أكثر من ربع هؤلاء الأطفال. وأوضحت المندوبية، في مذكرة إخبارية حول "تطور ظاهرة تشغيل الأطفال بالمغرب"، أن بنية تشغيل الأطفال على مستوى الجهات الأربع مثلت نسبة 24,8 في المائة بدكالة - عبدة، و18,2 في المائة بمراكش – تانسيفت - الحوز، و16,1 في المائة بالشاوية ورديغة، و10 في المائة بجهة الغرب - شراردة - بني حسن. وأفادت المندوبية أن عدد الأطفال النشيطين المشتغلين، الذين تتراوح أعمارهم ما بين7 وأقل من 15 سنة، بلغ خلال السنة المنصرمة، 86 ألف طفل، أي ما يعادل1,8 في المائة من مجموع الأطفال الذين ينتمون إلى الفئة العمرية نفسها، مضيفة أن هذا العدد سجل تراجعا ملحوظا منذ سنة 1999، حيث كان يمثل9,7 في المائة من هذه الفئة. وأبرزت المندوبية أن هذه الظاهرة تبقى قروية على الأساس، حيث تهم 3,6 في المائة من الأطفال (76 ألفا) بهذا الوسط سنة 2013 مقابل 16,2 في المائة سنة 1999 (452 ألف طفل). أما بالوسط الحضري، فلا تشكل هذه النسبة إلا0,4 في المائة من الأطفال الحضريين (10 آلاف) مقابل2,5 في المائة سنة 1999 (65 ألف طفل). هكذا، فإن ما يقارب تسعة أطفال نشيطين مشتغلين من بين عشرة يقطنون بالوسط القروي. من جهة أخرى، تهم هذه الظاهرة الفتيان أكثر من الفتيات، حيث إن 57,2 في المائة من الأطفال المشتغلين هم ذكور. وحسب وسط الإقامة، تتراوح هذه النسبة ما بين 53,2 في المائة بالوسط القروي و89,9 في المائة بالوسط الحضري. وغالبا ما يعزى تشغيل الأطفال لقساوة الأوضاع الاجتماعية ولعدم تكافؤ فرص الولوج إلى التعليم، عاملان يمكن تفسيرهما أساسا بالتباين ما بين الفئات الاجتماعية، التي ينتمي إليها الأفراد. بالمغرب، ورغم تطور نسبة التمدرس بالتعليم الابتدائي، تبقى الجهود المبذولة على المستوى الثانوي غير كافية، ويمثل تشغيل الأطفال أحد عواقب هذه الوضعية. ومن خلال تحليل المميزات الثقافية لهؤلاء الأطفال، يتبين أن 30 في المائة منهم لا يتوفرون على أي مستوى دراسي، 80 في المائة لا يتوفرون على أية شهادة، و30 في المائة من بين البالغين من العمر ما بين 10 و14 سنة هم أميون. وفي ما يخص ظروف عملهم، يتبين من خلال معطيات البحث الوطني حول التشغيل لسنة 2013، أن 25,4 في المائة فقط من هؤلاء الأطفال يشتغلون بالموازاة مع تمدرسهم و54,8 في المائة غادروا المدرسة دون إتمام مرحلة التعليم الإجباري، بينما لم يسبق ل19,8 في المائة منهم أن تمدرسوا. وتعزى أساسا أسباب عدم تمدرس هؤلاء الأطفال، الذين يمثلون 74,6في المائة من الأطفال المشتغلين، إلى عدم اهتمام الطفل بالدراسة (26,4 في المائة)، وعدم وجود مؤسسة تعليمية بمحل الإقامة، بعد المؤسسة، صعوبات جغرافية أو مناخية (23,5 في المائة)، وانعدام الوسائل المادية لتغطية مصاريف التمدرس (16,2 في المائة)، وضرورة مساعدة الأسرة في أنشطتها المهنية (11,3 في المائة). من جهة أخرى، يبقى تشغيل الأطفال متمركزا في قطاعات اقتصادية معينة. في الوسط القروي، 94 في المائة يشتغلون بقطاع "الفلاحة، الغابة والصيد". أما بالوسط الحضري، فيعمل 65,5 في المائة في قطاعي "الخدمات" و"الصناعة" بما فيها "الصناعة التقليدية" ب 22,2 في المائة، يعتبران أهم القطاعات المشغلة للأطفال. وحسب الحالة في المهنة، فإن أكثر من تسعة أطفال مشتغلين بالوسط القروي من بين عشرة هم مساعدون عائليون. أما بالوسط الحضري، فإن42,1 في المائة يعملون كمتعلمين، و35,9 في المائة كمستأجرين، و17 في المائة كمساعدين عائليين، و5 في المائة كمستقلين. وفي ما يتعلق بعدد ساعات العمل، يعمل الأطفال في المتوسط 32 ساعة أسبوعيا، وهو ما يمثل 14 ساعة أقل من المعدل المسجل لدى الأشخاص البالغين من العمر 15 سنة فما فوق. يمثل هذا الفارق 12 ساعة بالوسط القروي (30 ساعة مقابل 42 ساعة)، في حين لا يتجاوز الساعتين بالوسط الحضري (48 ساعة مقابل 50 ساعة). وتهم ظاهرة تشغيل الأطفال 75.135 أسرة، أي ما يمثل 1,1 في المائة من مجموع الأسر المغربية، متمركزة أساسا بالوسط القروي (65 ألفا و976 أسرة مقابل 9 آلاف و156 أسرة بالمدن). كما أن هذه الظاهرة تهم، بالخصوص، الأسر الكبيرة الحجم، حيث تبلغ نسبة الأسر التي تضم على الأقل طفلا مشتغلا 0,3 في المائة بالنسبة للأسر المكونة من ثلاثة أفراد وترتفع تدريجيا مع حجم الأسرة لتصل إلى3 في المائة لدى الأسر المكونة من ستة أفراد أو أكثر. وخلصت المندوبية إلى أن المميزات السوسيو ثقافية للأسر ولأرباب الأسر على وجه الخصوص تكتسي أهمية بالغة في تحديد هذه الظاهرة. وهكذا فإن نسبة الأسر التي تضم على الأقل طفلا مشتغلا شبه منعدمة لدى الأسر المسيرة من طرف شخص له مستوى دراسي عال، في حين تبلغ 1,5 في المائة لدى الأسر المسيرة من طرف شخص دون مستوى دراسي. وحسب نوع نشاط رب الأسرة، تنتقل هذه النسبة من 0,2 في المائة بالنسبة لمن هم غير نشيطين إلى 1 في المائة لدى العاطلين لتصل إلى 1,5 في المائة لدى النشيطين المشتغلين. يشار إلى أنه كلما يتم التقدم في السلم الاجتماعي، كلما تنخفض ظاهرة تشغيل الأطفال. وهكذا، ومن خلال تحليل هذه الأخيرة اعتمادا على الفئات السوسيومهنية التي ينتمي إليها رب الأسرة، يتبين أن 66 في المائة من الأطفال يتحدرون من فئات المستغلين الفلاحيين، 14 في المائة من الفئات الشعبية، و12,9 في المائة من الفئات الوسيطة، ولا تمثل هذه النسبة إلا 1.7 في المائة من الفئات العليا.