قدم إدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أول تقرير له إلى البرلمان، عن سنة 2012، إعمالا لأحكام المادة 148 من الدستور، التي تنص على أن "يقدم المجلس الأعلى للحسابات مساعدته للبرلمان في المجالات المتعلقة بمراقبة المالية العامة، ويجيب عن الأسئلة المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع". (كرتوش) وتجنب جطو الحديث عن الاختلالات والخروقات وسوء التدبير للمالية العمومية من طرف بعض المؤسسات العمومية، التي رصدتها لجان الافتحاص التابعة له، لكنه اكتفى بإبداء بعض الملاحظات غير الملزمة للحكومة في قضايا الإصلاح لصناديق التقاعد، والمقاصة، وتدبير وتسويق الأدوية، وعمليات التصريح الإجباري للممتلكات لمدبري الشأن العام، وكيفية إعمال المراقبة على الجماعات الترابية. جطو يستعين بالمقتضيات الدستورية لعرض ملاحظات المجلس استهل الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات حديثه عن الملاحظات بالحديث عن الإطار العام الدستوري للمجلس الأعلى للحسابات وللمحاكم المالية. وقال جطو "شكل هذا الدستور تحولا تاريخيا أساسيا في مسار استكمال بناء دولة الحق والقانون وترسيخ مبادئ وآليات الحكامة الجيدة وتخليق الحياة العامة، بإحداث منظومة مؤساستية منسجمة، يحظى المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات في إطارها بمكانة محورية، حيث أوكل إليها الدستور مهمة ممارسة الرقابة العليا على تنفيذ قوانين المالية وتدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية". وأكد أن المجلس الأعلى للحسابات يتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصاريف الأجهزة الخاضعة لمراقبته، ويقيم كيفية قيامها بتدبير شؤونها، ويعاقب، عند الاقتضاء، على كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة. كما أسند الفصل 149 من الدستور المهام الرقابية نفسها للمجالس الجهوية للحسابات التي تخضع لها الجهات والجماعات الترابية الأخرى، مبرزا أنه، منذ سنة 2011 الماضية، تمت دسترة اختصاصات جديدة كانت موكولة للمحاكم المالية، وتتعلق أساسا بمراقبة نفقات الأحزاب السياسية، وتمويل الحملات الانتخابية، والتصريح الإجباري بالممتلكات. وأوضح جطو أن تلك المهام لا تقتصر على الاختصاصات الرقابية، بل أضفى الدستور الجديد على دورها، في مجال المالية العامة، طابع الاستشارة والمساعدة. إذ يقدم المجلس مساعدته ويجيب عن الأسئلة والاستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع والمراقبة والتقييم المتعلقة بالمالية العامة، كما يبذل مساعدته للهيئات القضائية وللحكومة في الميادين التي تدخل في نطاق اختصاصاته بمقتضى القانون. ومن أجل ملاءمة مدونة المحاكم المالية مع المقتضيات الدستورية الجديدة، وجه المجلس الأعلى للحسابات إلى رئيس الحكومة مشروعا لتعديل هذه المدونة، بهدف تجاوز النقائص والثغرات التي أسفرت عنها تجربة المحاكم المالية في ممارسة مختلف الاختصاصات الموكولة إليها، خلال العشر سنوات الأخيرة لدخول المدونة حيز التنفيذ. وجهة نظر في إصلاح أنظمة التقاعد نبه إدريس جطو البرلمان والحكومة، على السواء، للمخاطر التي تهدد ديمومة أنظمة التقاعد، مؤكدا أن المجلس الأعلى للحسابات خصص أولى مهماته الموضوعاتية لإشكالية التقاعد بالمغرب، عبر رصد الصعوبات التي تعانيها أنظمة التقاعد واقتراح إصلاحات تهدف إلى معالجة اختلالاتها. وخلص تشخيص المجلس إلى أن أنظمة التقاعد الحالية، وبشكل خاص الصندوق المغربي للتقاعد، تعاني اختلالات هيكلية، تتمثل في محدودية ديمومتها وارتفاع التزاماتها غير المشمولة بالتغطية، إذ بينت الدراسات الإكتوارية أن مجموع الالتزامات المحينة إلى متم سنة 2011، والخالصة من الاحتياطيات، بلغت ما يناهز 813 مليار درهم. وقد يترتب، يقول تقرير جطو، عن استمرار هذا الوضع استنفاد الأنظمة لمجموع الاحتياطيات، وبالتالي عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه المتقاعدين. وبالنظر إلى التأخر المسجل في مباشرة الإصلاحات، توقع التقرير أن تزداد هذه الوضعية سوءا، علما أن ميزانية الدولة، ومهما كانت الظروف، لن تستطيع أن تحل محل أنظمة التقاعد أمام ثقل الالتزامات المسجلة، مشيرا إلى أنه، في العشرين سنة الأخيرة، اتخذت إشكالية التقاعد طابعا دوليا. إذ، انخرطت جميع الدول المتقدمة وعدد من الدول ذات الاقتصاديات الصاعدة في مسلسل إصلاحات عميقة وجوهرية. مع العلم أن الإصلاحات بهذه الدول تبقى أقل عمقا مما ينتظر أن يعمل في المغرب، لأن تلك الدول تتوفر أصلا على أنظمة منسجمة ومتقاربة، فيما يخص آليات عملها ومستويات مساهمات المنخرطين، وكذا المعاشات الممنوحة. وأوضح جطو أن مجمل الإصلاحات التي تمت مباشرتها، على الصعيد العالمي، شملت المقاييس الرئيسية الأربعة التي ترهن ديمومة أنظمة التقاعد على المدى الطويل، ويتعلق الأمر بتأخير سن التقاعد، حيث أصبحت غالبية الدول تعتمد سن تقاعد ما بين 65 و67 سنة، واحتساب المعاش على أساس متوسط الأجر لمدة أطول، ما بين 15 أو 25 سنة من مجموع مدة النشاط المهني، والزيادة في نسبة المساهمات، وإحداث أنظمة تكميلية، موصيا، الحكومة والبرلمان، بتجاوز الاختلالات التي تعرفها أنظمة التقاعد بالمغرب، بالوعي بحجم وخطورة الوضعية الحالية، وبضرورة اتخاذ الإجراءات التي تمكن هذه الأنظمة من ضمان استمراريتها وديمومتها، واتخاذ مبادرات شجاعة في هذا الإطار. ويشدد المجلس الأعلى للحسابات على أن الإصلاح يمكن أن يرتكز على الأسس التالية: الحوار والمقاربة التشاركية المبنية على الثقة وحسن النية وتغليب المصلحة العامة، التي مكنت في ظروف مماثلة، منذ بضع سنوات، من التوافق حول الرفع من الاقتطاعات، واسترجاع متأخرات الدولة لصالح صناديق التقاعد، وحل مشكل الصناديق الداخلية لبعض المؤسسات العمومية، والاتفاق على تكوين لجنة وطنية للمتابعة. كما تم خلال السنة الماضية الاتفاق على رفع الحد الأدنى لمعاش التقاعد. الحفاظ على القدرة الشرائية للمتقاعدين بالتدرج في تنزيل الإصلاح، والحفاظ على الحقوق المكتسبة في إطار النظام المعمول به حاليا، واعتماد نظام تكميلي إجباري وأنظمة تكميلية اختيارية. البحث عن حلول تتلاءم مع إمكانيات وإكراهات الواقع المغربي، مع الأخذ بعين الاعتبار الطابع الشاق لبعض المهن. تعميم التغطية عبر دمج السكان النشيطين من غير المأجورين كالمهن الحرة وأصحاب العمل الخاضعين للضريبة المهنية، وتحسين الحكامة وإحداث هيئة مستقلة لليقظة وتتبع نظام التقاعد. على المدى المتوسط والطويل، إنجاز إصلاح هيكلي يبتدئ بوضع نظام بقطبين، قطب عمومي وقطب للقطاع الخاص، ويستهدف الوصول إلى نظام أساسي موحد، مُدَعَمٍ بأنظمة تكميلية إجبارية واختيارية. توصيات المجلس الأعلى لإصلاح المقاصة أبرز جطو أنه يتعين توسيع اختصاصات صندوق المقاصة حتى لا يقتصر دوره على مجرد جهاز لصرف الدعم، بل يمتد إلى جعل الصندوق ملاحظا فعليا بشأن المواد المدعمة والإسهام في اليقظة الدائمة تجاه المخاطر المالية التي تواجهها البلاد، داعيا إلى إحداث لجنة لليقظة لتطوير التنسيق والتفاعل الإيجابي بين مختلف الأجهزة المتدخلة في نظام المقاصة، معتبرا أن تلك اللجنة من المستحسن أن تتألف، بالإضافة إلى صندوق المقاصة، من ممثلي الهيئات المهنية والوزارات والإدارات المعنية. ونبه إلى أن إحداث لجنة اليقظة الهدف منه هو ضمان يقظة دائمة في ما يخص تتبع تقلبات الأسواق وتطور سوق العملات، والاستغلال الأمثل لفترات انخفاض الأسعار، وتتبع مستويات المخزون عند المهنيين، والحرص على تكوين المخزون الاستراتيجي، وتحديد شروط تمويله ومراقبته، مبرزا أن المجلس يوصي، في انتظار إيجاد آلية فعالة وآمنة تمكن من استهداف الفئات الأكثر حاجة للدعم، بضرورة التمييز بين دعم المواد الأولية ذات الطابع الاجتماعي، من سكر ودقيق وغاز البوطان للاستعمال المنزلي، وباقي أنواع الدعم، الذي يمكن رفعه تدريجيا عن المواد البترولية السائلة وتوجيهه إلى الاستثمار في عدة أوراش مهيكلة للاقتصاد الوطني، والتي يأتي في مقدمتها الاستثمار في قطاع النقل، من أجل تحديث حظيرة السيارات والشاحنات، التي يصل معدل عمرها حاليا إلى أكثر من 12 سنة، للتقليص من معدل استهلاكها للوقود والحد من التلوث. ودعا جطو إلى الاستثمار أيضا في النقل العمومي للمواطنين، داخل أو ما بين المدن، باعتماد الوسائل العصرية، من مترو وطرامواي وحافلات تشتغل بالغاز الطبيعي، ودعم برامج المكتب الوطني للسكك الحديدية بهدف توسيع شبكته لتمتد إلى جل جهات المملكة لتأمين نقل المسافرين والسلع في ظروف أحسن، وتخفيف الضغط على الطرق والنقص من حوادث السير. كما أكد أهمية دعم الحكومة للاستثمار في القطاع الفلاحي، الذي يستهلك 40 في المائة من الدعم الموجه إلى غاز البوتان، أي ما يقارب 5,6 ملايير درهم سنة 2013، خصوصا أن الرفع التدريجي لدعم الكازوال ورفع الدعم عن الفيول سيؤدي إلى تزايد الإقبال على استعمال غاز البوتان في القطاع الفلاحي، مشددا على ضرورة تصدي الحكومة للاستعمال المفرط لغاز البوتان من طرف المنتجين الفلاحيين وبعض الوحدات الصناعية. وأكد جطو أن الحكومة أعلنت عن برنامج نموذجي، يهدف إلى تزويد 5 آلاف ضيعة فلاحية بمضخات تعمل بالطاقة الشمسية، داعيا إلى توسيع هذا البرنامج وتخصيصه بدعم مالي في مستوى التحدي، الذي يواجهه المغرب، ووضعه تحت إشراف مؤسسة وطنية متخصصة قادرة على إنجاز برامج كبرى، على غرار برنامجي تعميم الماء الصالح للشرب والكهرباء بالعالم القروي. كما أوصى المجلس الأعلى للحسابات بأن يشمل الإصلاح، أيضا، المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، "الذي تم إخفاء جزء من صعوباته الراجعة إلى التأخير في إنجاز برنامجه الاستثماري للفترة 2006- 2012، الذي لم يتحقق إلا في حدود 20 في المائة عن طريق دعم الفيول عبر صندوق المقاصة"، مشيرا إلى أنه كان يتوجب إعادة النظر في السياسة التعريفية المطبقة، مع الحفاظ على الأشطر الاجتماعية، ودعم القدرات الذاتية للمكتب بشكل يمكنه من استرجاع سيولته المالية، وتحسين مؤشرات الاستغلال، وتأدية ما بذمته من متأخرات، وإنجاز برنامجه الاستثماري للفترة 2012 -2017 في الآجال المحددة، تفاديا لكل تأخير قد تكون له عواقب وخيمة، ولمواجهة الارتفاع المتزايد للطلب على الطاقة وتقليص الاعتماد على الخارج في هذا القطاع الذي يستورد 95 في المائة من حاجياته، دعا جطو إلى الحرص على التطبيق السليم للاستراتيجية الوطنية للطاقة، التي يرعاها صاحب الجلالة الملك محمد السادس. ملاحظات المجلس بخصوص التربية والتكوين أكد إدريس جطو أن قطاع التربية والتكوين يحظى بأهمية خاصة، مافتئ جلالة الملك يؤكد عليه في مجمل خطبه، آخرها خطاب جلالته بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، مبرزا أن المجلس الأعلى للحسابات حرص، منذ أن شرع في ممارسة مراقبة التدبير، في تضمين برامجه السنوية مؤسسات تدبر شؤون التربية والتكوين، حيث تم إنجاز عدة مراقبات همت الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والجامعات، ومؤسسات تكوين الأطر العليا. كما شملت المهمات الرقابية، تتبع وتقييم ممارسة المهام الموكولة إلى المكتب الوطني للتكوين المهني. وبخصوص ميدان التعليم العالي، أكد جطو أن المراقبات التي تم إنجازها، برسم سنة 2182، همت الكلية المتعددة الاختصاصات بتازة التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، وأربع مؤسسات لتكوين الأطر العليا غير تابعة للجامعات، وهي المدرسة الوطنية للإدارة، والمعهد العالي للإدارة، والمعهد الوطني للإحصاء التطبيقي، والمدرسة الوطنية للصناعة المعدنية بالرباط. وأشار إلى أنه، على غرار كل المهمات الرقابية التي شملت هذا القطاع خلال السنوات الماضية، تطرقت مراقبة المجلس إلى تدبير التكوين والبحث العلمي، وإلى الحكامة وطرق تدبير الموارد. مبرزا أنه، في مجال تدبير الموارد، تم هذه السنة تسجيل عدة ملاحظات من بينها، على سبيل المثال، اختلالات عرفتها الصفقة المتعلقة ببناء إقامة للطلبة المهندسين بالمدرسة الوطنية للصناعة المعدنية، حيث تجاوزت المبالغ المؤداة قيمة الأشغال المنجزة، مما يعني أداء مبالغ مالية مقابل خدمات غير منجزة، تستوجب التدقيق والمتابعة. وعلى صعيد آخر، لاحظ المجلس أن إنجاز أشغال بناء مقر الكلية المتعددة التخصصات بتازة قد تم بطريقة غير مطابقة للمعايير والقواعد الفنية المعمول بها، حيث لاحظ المجلس وجود تصدعات وشقوق عميقة بادية للعيان، مما جعل البناية في وضعية مقلقة قد تشكل خطرا على سلامة مستعمليها. لذا، أوصى المجلس الأعلى للحسابات كلا من الوزارة الوصية والجامعة بإجراء خبرة من طرف مختبر متخصص، من أجل وضع تشخيص دقيق وعاجل يمكن من اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة، من أجل تفادي استعمال البنايات التي تشكل خطرا على مستعمليها. رصد واقع تدبير وتسويق الأدوية بالمغرب رصد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، إدريس جطو واقع تدبير وتسويق الأدوية بالمغرب، وأكد أنه من أهم ما وقف عليه المجلس في مجال تدبير الأدوية، وأن وزارة الصحة لم تقم بعد بإعداد سياسة دوائية وطنية رغم ضرورتها لأجل ضمان توفير الأدوية وتسهيل إمكانية الحصول عليها وترشيد تدبيرها، معتبرا أن غياب تلك السياسة سيترتب عنه عدة اختلالات في تدبير الأدوية على مستوى جميع المراحل، ابتداء من الترخيص إلى التخزين والاستعمال ومرورا بتحديد الأسعار. وأوضح أن المجلس وقف على مجموعة من النقائص في ما يخص الترخيص بعرض الأدوية الجديدة في السوق، أو تحيينه بالنسبة للأدوية القديمة، أو إلغاء تسويقها. ومن أهم تلك الملاحظات التأخر في فحص بعض العينات، ومنح الإذن بالعرض في السوق، وغياب الأخصائيين المعنيين في اجتماعات اللجان التي توافق على بعض الترخيصات بالعرض في السوق، وغياب الوثائق المثبتة لإتلاف الأدوية المتعلقة بالحصص الصناعية غير المطابقة للمواصفات، والتأخر في التجديد الخماسي للرخص. وقال "إن المجلس لاحظ أن مسطرة تحديد أسعار الأدوية تعتمد نسبا مائوية متساوية تطبق على سعر الدواء كيفما كان مستواه، بخلاف ما هو جاري به العمل في دول أخرى، تعتمد هوامش ربح تنخفض كلما ارتفع السعر الأساسي للدواء، ما يترتب عنه تحديد أسعار مرتفعة لبعض الأدوية، وارتفاع مهم في هوامش ربح الموزعين بالجملة والصيدليات"، مسجلا أن مبادرة الحكومة بتخفيض بعض الأدوية، تعتبر خطوة مهمة يتعين أن تتبعها خطوات مماثلة. وأكد جطو أن المجلس رصد على مستوى آخر، نقائص تتعلق "بتدبير وزارة الصحة تموين المؤسسات الطبية بالأدوية"، موضحا أنه يلاحظ "سوء تقدير الحاجيات من طرف المصالح الاستشفائية ما يؤدي في أغلب الحالات إلى المبالغة في التقديرات والتوقعات مقارنة بالحاجيات، وهو الأمر الذي يساهم بشكل كبير في تراكم مخزونات الأدوية وانتهاء مدة صلاحيتها دون استعمالها". أما على مستوى تخزين الأدوية، فقد لاحظ المجلس "عدم استجابة مستودعات الأدوية لمعايير التخزين السليم كما هو الشأن بالنسبة للمستودع الرئيسي ببرشيد، وضعف في تدبير مخزونات الأدوية، الذي ينتج عنه، في بعض الأحيان، تزويد بعض المندوبيات والمستشفيات بأنواع من الأدوية رغم توفرها على مخزون كاف منها". ومن مظاهر عدم التخطيط الجيد، يلاحظ المجلس "إنجاز وحدة لصناعة الأدوية سنة 1993، كلف بناؤها وتجهيزها ما يفوق 13 مليون دولار أمريكي، منها 6 ملايين على شكل قرض للبنك الدولي، إلا أنها لم تستغل لهذا الغرض، بحيث يتم استعمالها حاليا كمطرح للأدوية المنتهية صلاحيتها". وأضاف جطو أن "اقتناء المواد الصيدلية، خاصة اللقاح ضد البنومكوك واللقاح ضد الروطفيروس، يشكل مظهرا آخر من مظاهر ضعف التخطيط والبرمجة"، مشيرا إلى أن برنامج نفقات الوزارة لسنة 2010 لم يخصص اعتمادات لاقتناء اللقاحات والمواد البيولوجية، ما نتج عنه تحويل اعتمادات بمبلغ 640 مليون درهم من فصول أخرى بميزانية الوزارة لتمويل اقتناء اللقاحين المذكورين. وخلص جطو بخصوص اعتماد واقتناء اللقاحين أنه "تم اتباع مسطرة شابتها مجموعة من الاختلالات"، ولم يقع تفعيل المسطرة التنظيمية الخاصة باعتماد اللقاحات، التي تستوجب استشارة اللجنة التقنية والعلمية الوطنية للقاحات ومديريات الوزارة المعنية بموضوع التلقيح، خاصة مديرية السكان ومديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض. التصريحات الإجبارية بممتلكات المسؤولين العموميين أعلن جطو أن عدد التصريحات الإجبارية بممتلكات المسؤولين العموميين المودعة لدى المجلس الأعلى، منذ صدور المنظومة القانونية المنظمة لهذا التصريح في 2010، بلغت 16 ألف تصريح، بينما أن العدد الإجمالي للتصريحات المودعة لدى المجالس الجهوية للحسابات بلغ ما يفوق 82 ألف تصريح، مبرزا أن نسبة الأشخاص الملزمين، الذين لم يدلوا بتصريحاتهم لدى المحاكم المالية، تقدر بحوالي 20 في المائة، وجهت لهم تنبيهات وإنذارات لمطالبتهم بتسوية وضعيتهم، وفقا للقوانين الجاري بها العمل. وقال إن "تفعيل مقتضيات هذه المنظومة القانونية المنظمة لهذا التصريح على أرض الواقع أبان عن بعض النقائص والعوائق القانونية والمادية التي تحد من فعاليتها"، مشيرا إلى أن أبرز هذه المؤثرات السلبية، تتمثل في تشتت النصوص القانونية وعدم وضوحها، وتعدد المساطر والإجراءات لكل فئة من الفئات الملزمة بالتصريح، وتقاطع الهيئات المكلفة بالمراقبة والتتبع. وأكد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات أنه أعد مسودة مشروع قانون لتعديل وتأهيل المنظومة القانونية الحالية المتعلقة بالتصريح بالممتلكات، الذي ستفتح بشأنه مشاورات قبل أن يأخذ مسار المصادقة عليه من طرف الحكومة والبرلمان.