كشف إدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أمس الأربعاء 21 ماي 2014، أمام مجلسي غرفتي البرلمان، ان العديد من شركات التدبير المفوض تقدم معطيات مالية غير دقيقة من خلال احتساب مصاريف عير مبررة والمبالغة في قيمة الاستثمارات واتخاذ قرارات دون الرجوع إلى السلطة المختصة. فضلا عما سجله من إخلال لواجباتها على مستوى تنفيذ البرامج الاستثمارية "مما يؤدي إلى تحقيق أموال غير مستحقة". وذكر جطو في هذا الصدد أن المجلس الذي يرأسه يشتغل على تقرير موضوعاتي يتعلق بواقع التدبير المفوض بالمغرب سيتم الانتهاء منه نهاية شهر يونيو القادم وسيتم عرضه أمام البرلمانيين باللجن المختصة. وفضح جطو أيضا العديد من الاختلالات بقطاع الصحة حيث عاد لصفقة اللقاحات سنة 2010 مؤكدا إن اختلالاتها تسببت في ضياع مبالغ مالية مهمة، وذكر أنها تمت دون الرجوع إلى الجهات المختصة في غياب الشفافية. ضمن اختلالات قطاع الصحة كشف جطو عن أنه تم إنجاز وحدة لصناعة الادوية سنة 1993 وكلف بناؤها ما يفوق 13 مليون دولار أمريكي، منها 6 ملايين على شكل قرض من البنك الدولي، إلا أنها لم تستغل لهذا الغرض، بحيث يتم استعمالها حاليا كمطرح للأدوية المنتهية الصلاحية وهو ما عده جطو من مظاهر غياب التخطيط بهذا القطاع الحساس. وفي ذات السياق قال جطو، إن تخفيض وزارة الصحة لأثمنة بعض الأدوية هو أمر إيجابي داعيا إلى اتخاذ خطوات أخرى في هذا الإطار، قبل أن يسجل التأخر الحاصل في عملية مراقبة صلاحية الأدوية المروجة وتأخر فحص عينات المقبلة على الترويج منها، وكذا غياب العديد من الخبراء على اجتماعات اللجان المعنية بهذا الموضوع، بالإضافة إلى عدم وجود وثائق تؤكد أن عملية إتلاف الأدوية غير الصالحة قد تمت فعلا وفقا القوانين المعمول بها. وأعلن جطو عن أن المجالس الجهوية للحسابات برمجت للتقرير الذي يهم سنة 2013 150 عملية افتحاص عكس سنة 2012 التي عرفت فقط 96 عملية افتحاص وسنة 2011 الذي لم تتجاوز 56 عملية، وذلك بعدما سجل ملاحظات عدة على الجماعات الترابية منها ضعف التخطيط وتجاوز مساهماتها في عدد من المشاريع للمداخيل فضلا عن الخصاص الكبير في الموارد البشرية. في مجال التربية والتكوين طرح جطو معطيين خطيرين تهم الاختلالات بهذا المجال حيث ذكر أن الصفقة المتعلقة ببناء إقامة للطلبة المهندسين بالمدرسة الوطنية للصناعة المعدنية، تجاوزت المبالغ المؤداة بها قيمة الأشغال المنجزة "مما يعني أداء مبالغ مالية مقابل خدمات غير منجزة تستوجب التدقيق والمتابعة". وأشار في ذات السياق إلى أن إنجاز أشغال بناء مقر الكلية المتعددة التخصصات بتازة تم بطريقة غير مطابقة للمعايير والقواعد الفنية المعمول بها، وسجل المجلس وجود تصدعات وشقوق عميقة بادية للعيان مما جعل البناية في وضعية مقلقة وتشكل خطرا على سلامة مستعمليها، وقال بأن المجلس طلب من الوزارة الوصية والجامعة بإجراء الخبرة واتخاذ التدابير اللازمة. وعلى مستوى قطاع العدل كشف مصالح المجلس من خلال عينة من المحاكم أن أكثر من 95 بالمائة من الغرامات المحكوم بها لا يتم التكفل بها من طرف هذه المحاكم مما يعرضها للتقادم، كما لا يتم استخلاص إلا ثلثي 5 بالمائة المتبقية. وسجل التقرير بهذا الصدد أنه ومنذ أن تسلمت وزارة العدل مهمة تحصيل الغرامات والإدانالت النقدية سنة 1993 أخذت المبالغ غير المستخلصة تتفاقم بشكل متسارع إلى أن فاقت مبلغ 4.5 مليار درهم متم سنة 2013. جطو اعلن ضمن ذات الجلسة أن المجلس الأعلى للحسابات يشتغل كذلك على إعداد تقرير حول استخلاص الجبايات سيتم الانتهاء منه نهاية يوليوز وعبر عن استعداده لعرضه على اللجنة المختصة بالبرلمان. صناديق التقاعد نالت حظها من حديث جطو حيث حذر هذا الأخير من انهيار أنظمة التقاعد في المغرب بسبب تأخر إصلاحها، وقال إن أنظمة التقاعد في المغرب تعاني من اختلالات هيكلية بسبب محدودية ديمومتها وارتفاع التزاماتها، مما يجعلها غير قادرة في المستقبل على الوفاء بالتزاماتها تجاه المتقاعدين، خاصة أن ميزانية الدولة لا يمكنها أن تحل محل أنظمة التقاعد، وقدم عدد من المقترحات بهذا الصدد منها رفع المساهمات ورفع سن التقاعد واستخلاص الديون وإلغاء صناديق خاصة كما حدث مع المكتب الشريف للفوسفاط في السابق وأيضا إنشاء أنواع تكميلية من التقاعد تكون اختيارية واحدها إجباري فضلا عن ما يتطلبه هذا الإصلاح كما أوصى مجلس جطو من حوا ومقاربة تشاركية وتغليب المصلحة العامة. هذا وينتظر أن يبرمج مكتب مجلس النواب موعد لاحق لمناقشة عرض جطو وذلك وفقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 148 من الدستور والذي ينص على أنه "يُقدم الرئيس الأول للمجلس عرضا عن أعمال المجلس الأعلى للحسابات أمام البرلمان، ويكون متبوعا بمناقشة".