طرحت، أمس الخميس، في ندوة وطنية، نظمتها "اللجنة المواطنة من أجل إصلاح شامل وناجع لمنظومة التربية والتكوين"، وكلية الأداب والعلوم الإنسانية بالرباط، حول موضوع "التعليم العمومي: المواطنة، التنمية، الإصلاح" مجموعة من الاختلالات التربوية وأبرز هذه الاختلالات ظاهرة الهدر المدرسي، والفوارق الاجتماعية والجهوية في العرض التربوي، وحالة المحدودية في الجودة التربوية، وتذبذب الاختيارات البيداغوجية. وبخصوص ظاهرة الهدر المدرسي، أفادت وثيقة للجنة المواطنة، أن النظام التربوي يعاني نزيفا بشريا في أعداد التلاميذ والطلاب، إذ يلقى كل سنة دراسية بنحو 350 ألفا من التلاميذ والطلاب خارج النظام التربوي. وتتجلى فداحة هذا الاختلال البنيوي في ظاهرة الهدر المدرسي المرافق لأسلاك التعليم، حسب اللجنة المواطنة، في أنه، من مجموع 100 تلميذ يلتحقون بالسنة أولى ابتدائي، لا يصل إلى الباكالوريا منهم سوى 13 تلميذا، ما يمثل نزيفا يتحمل نتائجه الآباء والأمهات، وضياعا ماليا تتحمله ميزانية الدولة، وهدرا مجتمعيا يتحمله المجتمع ويؤثر سلبا في حظوظ تنميته وتطوره. وأشارت الوثيقة إلى أن 40 في المائة من طلاب الجامعة ينقطعون في نهاية السلك الأول من التعليم الجامعي، وأن بعض الدراسات تشير إلى أن نسبة الملتحقين بالجامعة من فئة العمرية 19-23 سنة لا تتجاوز 11 في المائة. وترى اللجنة أن مسؤولية الهدر المستمر لا يمكن أن تلقى على مستوى القدرات الذهنية للتلميذ أو الطالب، وإنما تعود إلى معضلة الجودة التربوية في المدرسة، وإلى مشكلات التأطير اللغوي، ونوعية التوجيه الذي يخضع له الطلاب في الجامعة، كما تعود إلى الوضع الاقتصادي للأسر المعوزة، خاصة في العام القروي، ومحدودية وعي هذه الأسر بأهمية التعليم. وتساءل عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة عن سبب فشل كل محاولات إصلاح منظومة التربية والتكوين، قائلا "هل هو بحث عن الحلول، ترويض لمخلوق يستعصي علينا ترويضه؟". ونفى أن تكون اللغة العربية مسؤولة عن التخلف والتدهور في المنظومة التربوية. وقال بنكيران، في الجلسة الافتتاحية للندوة، إن "المغرب أمة عربية إسلامية لها ثوابتها ومقدساتها ولغتها، ولا يمكن للغة أخرى أن تحل مكانها"، مبرزا "أن اللغة الفرنسية لم تعد لغة العصر، لكنها لا تشكل مشكلة بالنسبة للتعليم بالمغرب، شريطة عدم توظيفها على حساب اللغة العربية"، مؤكدا أهمية الانفتاح على اللغات الأجنبية. وتوقف رئيس الحكومة عند الدارجة المغربية و"محاولة البعض المتاجرة بها في المنظومة التربوية"، داعيا "الأساتذة وأهل العلم إلى التحلي بالشجاعة المطلوبة للدفاع عن اللغة العربية، وإيقاف الذين يحاولون التلاعب بمستقبل بلادنا، وإيقاف هذا العبث"، مؤكدا "أن اللغة العربية صمدت في وجه الاستعمار، وهؤلاء بمحاولاتهم يضيعون وقتهم".