يسعى الباحثون في الآثار بتازة إلى جعل المعالم التاريخية والأثرية بالإقليم رافعة للتنمية المجالية المحلية، إذ تقرر عقد لقاء تواصلي يومي 8 و9 ماي الجاري حول "ترميم وتثمين المباني التاريخية والمواقع الأثرية من التجريب إلى استعادة الخبرات المفقودة وذلك وفق التشريعات المغربية والقانون المقارن"، ويشرف على اللقاء "جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث"، بتنسيق مع "جمعية أصدقاء تازة، المغرب"، وبدعم من المديرية الجهوية للثقافة بتازة، والجماعة الحضرية لتازة. ويهدف اللقاء إلى التعريف بموروث الإقليم، وكذا جهة تازةالحسيمة تاونات، لرد الاعتبار إليه وتوظيفه في السياحة، لتنمية اجتماعية. تعتزم "جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث" النهوض بالمعالم الأثرية بتازة والجهة، بعدما شهدت سابقا، ترميمات لبعض معالمها، مثل أسوار مدينة تازة، وقصبة أمسون بجرسيف، وقلعة أمركو بتاونات، في سياق اهتمام وزارة الثقافة بهذه المعطيات المادية الأثرية، خلال الفترة الأخيرة، حسب بعض الباحثين بالجهة، ولأن هذه الأخيرة حافلة بعدة بقايا أثرية ثابتة ومنقولة، ومتباينة من حيث التحقيب الزمني، فإن الباحثين الأثريين يحرصون على صيانتها والحفاظ عليها من الضياع والاندثار. من جهته، قال محمد العزوزي، باحث في الآثار، ل"المغربية"، ومشارك في اللقاء التواصلي، إن "الباحثين الأثريين في المغرب، قادرون على خلق نهضة ملائمة للتراث المحلي والوطني، بعدما خاضوا تجارب طويلة في هذا الحقل وتقلدوا مسؤوليات تتعلق بالمواقع الأثرية والمدن العتيقة، ولم يعد البحث الأركيولوجي حكرا على الباحثين الأجانب، ومن ثمة فإن عقد لقاء لطرح مبادئ وتصورات وحلول ومعالجة قضايا تجمع بين التراث والتنمية، سيكون له أثر إيجابي على أبحاث المختصين في التاريخ والآثار، كما سيكون له مردودية على واقع المعالم والمواقع الأثرية، لكونها جزء أساسي لا تحتمل فصلها عن آليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياحية وغيرها". كما ذكر العزوزي، أن اللقاء التواصلي المعنون ب"ترميم وتثمين المباني التاريخية والمواقع الأثرية"، سيكون مناسبة جيدة لتأكيد أن تازة والجهة، تحفل بمؤهلات تاريخية وأثرية، هي بمثابة مرجع حضاري لدراسة أحداث الماضي واستخلاص تجلياته على الحاضر، واحتمالاته في المستقبل". خبرة المغاربة تعززت الساحة العلمية المغربية، مع مطلع القرن الواحد والعشرين، بتوافد الباحثين والمتخصصين المغاربة العاملين في مختلف الشعب والتخصصات المرتبطة بمجال البحث الأثري، حسب ما جاء في ورقة تمهيدية للقاء التواصلي، حصلت "المغربية" على نسخة منها. ويجد الباحثون، وفق ما ورد في الديباجة الأولية للقاء، أن "للاهتمام بالبحث الأركيولوجي نتائج مهمة، تجلت بداية في فتح برامج البحث العلمي، بأهم المواقع الأثرية، وكذا إصدار المنشورات المغربية من مقالات وكتب مهتمة بكافة المجالات، إلى جانب تقلد الأطر المغربية مسؤولية تسيير وتدبير المؤسسات التي تعنى بهذا المجال، من مواقع أثرية ومدن عتيقة ومفتشيات للمباني التاريخية". ويتوخى اللقاء الذي سيشارك فيه باحثون في التاريخ والآثار، رصد قيمة الأبحاث الأثرية، التي "أفرزت وضعا جديدا، واكبها ظهور أفكار جديدة للمحافظة على التراث، إلى جانب مشاكل جديدة تستوجب البحث عن بدائل مبتكرة وحلول هيكلية ودائمة، اعتبارا إلى أن العمل في قطاع الآثار والتراث، يتطلب أحيانا جرأة عبر الانفتاح الدائم على تجارب الآخرين والتواصل المستمر مع المحيط"، حسب نص من "المديرية الجهوية للثقافة بتازة". وورد المصدر ذاته أن "الضرورة أصبحت تفرض التأقلم السريع، للتحكم في السيرورة العامة لهذا الواقع من جهة، وعلاج نقائص التكوين والخصاص المهول في الموارد البشرية والمادية من جهة أخرى". مدينة قديمة سبق ل"المغربية" أن زارت إقليمتازة، لتشخيص مكوناتها التاريخية والأثرية، وبلقاء مع محمد العزوزي، المفتش الجهوي للمآثر التاريخية، جهة تازةالحسيمة، تاونات، أمكننا الوقوف عند تلك الدلالات والإيحاءات التاريخية والأثرية للمعالم، حسب توضيحات وشروحات العزوزي، كمختص في الآثار. وذكر حينها أنه "رغم أن مدينة تازة العتيقة لا ترقى إلى المدن العتيقة الكبرى، مثل فاس ومراكش، إلا أنها لا تقل عنها أهمية باعتبار قيمتها العلمية والثقافية والتراثية، فهي من أقدم المدن الإسلامية في المغرب الأقصى، وموقع أثري معروف يؤرخ لفترة ما قبل التاريخ، وكذا للفترة الممهدة للتاريخ، وحافظت على طابعها المعماري الإسلامي المتأثر بالنمط الأندلسي التلمساني. وكانت أول المدن التي استفادت من مجموعة من الظهائر والقوانين والمراسيم، التي تقنن استعمال المجال داخل أسوار المدينة، فكان لهذه الترسانة القانونية الأثر البالغ في الحفاظ على الشكل الأصيل للمدينة". من جهة أخرى، كان الإقليم شهد أشغال ترميم أسواره، ليكشف عن معطى أثري مادي مهم، هو جزء من تشكيلة متنوعة من الآثار بتازة، علما أن الإقليم يمتلك زخما من الأسوار والأبراج والأبواب والمساجد، تساعد الزائر على فهم المعاني الأثرية التي يهدف اللقاء التواصلي "تأكيد قيمتها اليوم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياحية".