تشرع القاعات السينمائية المغربية، الشهر المقبل، في عرض فيلمين مغربيين طويلين، ويتعلق الأمر ب"خنشة ديال الطحين" (كيس دقيق) أول عمل روائي طويل للمخرجة خديجة سعدي لوكلير، و"هم الكلاب" ثاني فيلم طويل للمخرج هشام العسري. لقطة من فيلم 'كيس الدقيق' تدور أحداث فيلم حاز فيلم "كيس دقيق"، الذي سبق له الفوز بثلاث جوائز في المهرجان الدولي للفيلم المستقل ببروكسيل (جائزة لجنة التحكيم٬ وجائزة أحسن سيناريو٬ وجائزة أحسن أداء للممثلة الكوميدية الطفلة رانيا ملولي)٬ حول سارة الطفلة مغربية الأصل ذات الثماني سنوات، التي ترعرعت، خلال سبعينيات القرن الماضي ببروكسيل، بدار أطفال مسيحية. هذه التلميذة المجدة، والقارئة النهمة، يعدها والدها البيولوجي بقضاء عطلة نهاية الأسبوع في باريس، لكنه بدلا من ذلك، سيأخذها إلى عائلته في المغرب، حيث سيتركها قبل أن يرحل مسرعا تاركا إياها دون تفسير لما يجري. تمر السنين، وتكبر سارة فتبلغ السابعة عشرة، ورغم أنها تحيى حياة مستقرة، إلا أن رغبتها في الرحيل ومعانقة بلجيكا، حيث قضت طفولتها، وحيث المدرسة والكتب وحياة الحرية، التي تتصورها، مازالت تراودها. وفيلم "كيس دقيق"، الذي تشرع القاعات في عرضه، ابتداء من 10 أبريل المقبل، عبارة عن سيرة ذاتية خيالية، تحكي عن "مغامرة إنسانية"، تسلط من خلالها المخرجة الضوء على إشكالية الاندماج وثنائية الثقافات و"البحث عن الهوية الحقيقية". وأوضحت المخرجة أن طرح إشكالية العودة إلى البلد الأم وإلى الجذور أمر مألوف، لكن فيلم "كيس دقيق" يتناول حالة شابة ولدت ببلجيكا، حيث قضت طفولتها، قبل أن تكتشف في مراهقتها ثقافة وتقاليد ونمط العيش في بلدها الأم، حيث ستجد الحب والعطف بين عائلتها، لكنها ستظل ممزقة بين رتابة الحياة في المغرب وحياتها بأوروبا. وأضافت أن سارة ستغادر المغرب نهاية المطاف بمرارة، حيث تعلمت أن تحب، مقتنعة بفقدان شيء مهم، لكنه أيضا أقوى أكثر من أي وقت مضى، ومقتنعة بأنها ستحيى أخيرا الحياة التي تحلم بها. أما فيلم المخرج المغربي هشام العسري "هم الكلاب"، الذي سيعرض بالقاعات السينمائية، ابتداء من يوم ثاني أبريل المقبل، بجل قاعات المملكة، فيتناول الفيلم، فيتناول قصة مواطن مغربي تعرض للاعتقال في أحداث 1981، وسيفرج عنه بعد 30 سنة، تزامنا مع أحداث الربيع العربي وحركة 20 فبراير المغربية. يلتقي بطل الفيلم، الذي أدى دوره باقتدار الممثل المغربي (حسن بديدة)، طاقما صحفيا يعمل لصالح قناة تلفزيونية للبحث عن الأخبار المثيرة أثناء تغطيته المظاهرات بمدينة الدارالبيضاء، فيقرر الطاقم تتبع رحلة البحث في ماضيه المليء بالأحداث والتفاصيل، ليتأكد من أنه أحد المناضلين السابقين، الذين اختفوا قسريا، منذ بداية الثمانينيات من القرن المنصرم، وأن أسرته وغالبية أصدقائه اعتقدوا أنه توفي، لدرجة أنهم وضعوا قبرا يخلد ذكراه، إلا أن عودته، لم تأت بما كان متوقعا، بعدما وجد أن بيته السابق بيع، وزوجته تزوجت، وابنه لا يريد حتى الاعتراف به. ويعد الفيلم، الذي يشخص أدواره الرئيسية (حسن بديدة، ومالك أخميس، ونادية النيازي، وصلاح بن صالح وآخرون) مساهمة مهمة في النقلة النوعية التي تنشدها السينما المغربية، للوصول إلى الكيف، ويقول مخرج العمل هشام العسري، إنه لم يكن يهدف من خلال فيلمه، إلى توجيه رسالة محددة، بقدر ما كان يرغب في الإشارة إلى عقم وسائل الإعلام التقليدية، أمام وسائل الاتصال الحديثة، خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، التي ساهمت في صياغة نظرة جديدة إلى العالم. وقال العسري في تصريح ل"المغربية" إن "هم الكلاب"، الذي يعد ثاني تجربة سينمائية روائية طويلة في مساره الفني بعد فيلمه الأول "نهاية"، سيعرض بجل قاعات المملكة، كما سيواصل تمثيل المغرب في مختلف المهرجانات السينمائية الدولية، مشيرا إلى أن الفيلم سبق له الفوز بالعديد من الجوائز الدولية والوطنية المهمة منها الجائزة الكبرى من مهرجان قرطبة السينمائي بإسبانيا، وجائزتي لجنة لتحكيم وأحسن دور رجالي من دبي، وجائزة النقاد من طنجة. وأضاف العسري أن ما دفعه لإنجاز فيلمه الجديد هو الرغبة الملحة في تصوير فيلم ممزوج بذكريات أشخاص يسكنونه عن طريق مزيج غريب بين الرغبة في تصوير الشارع وهو في حالة غليان والرغبة في إعادة "يوليسيس" لاستعادة زوجته وأطفاله وحياته ككل. ف"هم الكلاب" يضيف العسري "عبارة عن جولة محمومة عبر زمن ضاع إلى الأبد وفضاء يهرب إلى ما لا نهاية، حيث يدور الفيلم في حلقة مفرغة أو سباق ضد العدم والصمت، الذي يلف الذكريات ويمحوها إلى الأبد".