"أنتم تقاتلون داخل الميدان ضمن ما يعرف باللعب، ونحن نقاتل خارج الميادين لمواجهة التلاعب"، هذا جزء من كلمة ألقاها محمد امجيد ذات يوم، خلال حفل تكريم عدد من الرياضيين، بينهم الهداف الدولي السابق لكرة القدم، صلاح الدين بصير وهي تلخص إلى حد كبير حقيقة رجل أفنى عمره في مجالي التسيير الرياضي والعمل الجمعوي، قبل أن يرحل في صمت، أمس الخميس، عن سن يناهز 97 سنة. عرف الراحل محمد امجيد بشكل كبير في عالم التنس، وإليه يعود الفضل في صناعة مجد هذه الرياضة على الصعيد الوطني، بعدما ترأس الجامعة الملكية المغربية لفترة ناهزت 45 سنة، وعلى مدى عقود عدة، ظل التنس المغربي رائدا على الصعيدين العربي والقاري، ويكفي أن أجيالا من الممارسين والعشاق يحفظون عن ظهر قلب إنجازات الثلاثي الذهبي، يونس العيناوي، وكريم العلمي، وهشام أرازي. ولأنه كان عضوا نشيطا وفعالا داخل اللجنة الأولمبية الوطنية، فإن امجيد شكل لسنوات خير سفير للرياضة المغربية، بمشاركته في سلسلة طويلة من الأحداث العالمية، من بطولات، ودورات أولمبية، ومؤتمرات دولية، ودورات تكوينية عالمية. وفي كل مرة كان يقدم أفضل صورة ممكنة عن المسيرين الرياضيين المغاربة، وكان يدافع بغيرة منقطعة النظير عن الوطن وعن العلم المغربي، ولا يتردد لحظة في رفع صوته لإخراس أصوات أعداء الوطن. تفرغ الراحل، رحمه الله، للعمل الجمعوي، وساهم في تأسيس عشرات الجمعيات والهيئات التي تخدم قضايا الشباب والطفولة والمرأة في العالمين القروي والحضري، وفي كل مرة يتناول خلالها الكلمة، يوصي الجميع خيرا بأجيال المستقبل، ويطلب تقديم الدعم لكل من يخدم العنصر البشري في هذا الوطن. قبل بضعة أسابيع، حظي بآخر تكريم من المرصد الوطني لحقوق الطفل، كاعتراف بالخدمات التي قدمها للطفولة، وقتها كان يحضر بجانبه عبد اللطيف الطاطبي، الرئيس السابق للجامعة الملكية المغربية لكرة اليد، الذي وقع عليه الاختيار بدوره ليحظى بالتكريم. "كان لي شرف الجلوس جنبا إلى جنب مع هرم من أهرامات الرياضة الوطنية، وأن أحظى بالتكريم مثله، رغم أن الفرق شاسع جدا بيننا"، يقول الطاطبي، في شهادته ل"المغربية" عن الراحل. ويضيف "كان يعرفني جيدا، بفضل ذاكرته القوية، التي تحفظ كل شيء عن الرياضة المغربية، ويكفي أنه عندما تقدمت وقبلت رأسه، قال لي "تبارك الله على ولد درب غلف". عرفته منذ طفولتي، إلى أن أسست فريق الرابطة وبعدها تحملت المسؤولية بجامعة كرة اليد، ولا يمكن القول سوى أننا فقدنا مناضلا رياضيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى". وختم الطاطبي شهادته قائلا "هناك مقاومون ضحوا لأجل هذا الوطن، وأنا شخصيا أعتبر الراحل محمد امجيد مقاوما حقيقيا قدم كل شيء للرياضة المغربية". رحم الله محمد امجيد وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.