رحب المغرب، أول أمس الاثنين، بجنيف، بالتفاعل البناء مع المقرر الأممي الخاص حول التعذيب، مجددا التأكيد على الالتزام الثابت والفعلي للمملكة بمكافحة التعذيب. وأكد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، عمر هلال، متحدثا أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته ال25، مجددا عزم المملكة التعاون مع الآليات الأممية للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، خاصة المساطر الخاصة، التي يوفر فيها المغرب أفضل ظروف الزيارة. وطمأن السفير المغربي، بعد عرض تقرير المقرر الخاص، أن "التوصيات التي صاغها مينديز تحظى بكل الاهتمام اللازم لتنفيذها في إطار مخطط العمل الوطني لتفعيل التوصيات الصادرة عن الآليات الأممية لحقوق الإنسان". وقال إن المملكة ترحب، أيضا، بالحوار الذي تم إرساؤه في هذا الإطار عبر اجتماعي العمل، اللذين عقدهما المسؤولون المغاربة مع الخبير الدولي والتقرير المرحلي الذي قدمه المغرب في يناير الماضي. وأبرز هلال أن "هذا الحوار سيتواصل مع المقرر خلال سنة 2014، بمناسبة الزيارة التي سيقوم بها للرباط للتباحث مع المسؤولين المغاربة بشأن تفعيل توصياته". واستعرض في هذا السياق سلسلة من التدابير التي تعكس الالتزام الثابت والفعلي للمغرب في مكافحة التعذيب، بما في ذلك المصادقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مكافحة التعذيب والمشاركة في المبادرة الإقليمية التي تم إطلاقها الأسبوع الماضي في جنيف للترويج للمصادقة الكونية على هذه الأداة، بشراكة مع الدنمارك والشيلي وغانا وأندونيسيا. وقال السفير إنه يشاطر المقرر الخاص الرأي بشأن الدور الحاسم للطب الشرعي في المساهمة في إكساب الفعالية للتحقيق في ادعاءات التعذيب والمعاملة السيئة. وأضاف أن المغرب، وضمن روح توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ضاعف الجهود لتحسين خدماته في الطب الشرعي، خاصة في مجال تكوين الخبراء من أجل التحقيق في حالات التعذيب والمعاملة السيئة وفق المعايير الدولية، بما فيها تلك التي يتضمنها بروتوكول إسطنبول. وأوضح أن وزارة العدل والحريات أودعت لدى الأمانة العامة للحكومة مشروع قانون حول الطب الشرعي كمهنة مواكبة للعدالة. ويتضمن النص إحداث مجلس وطني للطب الشرعي، وضمان استقلالية وحماية الأطباء الشرعيين وانفتاح المهنة على القطاع الخاص. كما أعرب هلال عن شكره للمقررة الخاصة حول وضعية المدافعين عن حقوق الإنسان، مارغريت سيكاغيا، عن جهودها المبذولة عبر 12 تقريرا موضوعاتيا موجها للتعريف بدور المدافعين عن حقوق الإنسان والصعوبات التي يواجهونها. وذكر، في هذا الصدد، أن المملكة اتخذت، على ضوء الأهمية التي توليها للمجتمع المدني، الإجراءات اللازمة على المستوى التشريعي التي ترسي مناخا ملائما للدفاع عن حقوق الإنسان، خاصة مع توفر إطار قانوني ومؤسساتي إداري ينظم أعمال النهوض بحقوق الإنسان. وأشار هلال إلى أن المغرب أضحى يتوفر منذ 2011 على مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وفق مبادئ باريس، وتحظى بالاستقلالية والمصداقية المطلوبتين للقيام بالمهام الملقاة على عاتقها. وأبرز أن الوفد المغربي يتقاسم الرأي مع المقررة الخاصة حول الدور الذي على المدافعين عن حقوق الإنسان أنفسهم القيام به لتحسين إطار عملهم، والمهنية والأخلاقيات، التي ينبغي عليهم إظهارها أثناء ممارسة أنشطتهم. وأوضح هلال أن "المدافع عن حقوق الإنسان لا يمكنه أن يضع نفسه فوق القانون ولا يمكنه بأي حال التحرر من التزاماته كمواطن"، معتبرا أن عليه التحلي بالشفافية والمصداقية وتفادي تسييس حقوق الإنسان أو توظيفها لأغراض حزبية. وكان المقرر الأممي الخاص حول التعذيب، خوان مينديز، عبر، أول أمس الاثنين، عن شكره للمغرب على "تعاونه وجهوده المتواصلة" الرامية إلى تفعيل التوصيات المتعلقة بمحاربة هذه الظاهرة. وأشاد مينديز، لدى تقديمه تقريره أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف، بتعاون المملكة مع المساطر الخاصة والآليات التي أرساها مجلس حقوق الإنسان الخاصة بالقضايا الموضوعاتية في العالم أو حول الوضعية الخاصة لبلد ما. وقال الخبير الدولي، الذي ثمن، أيضا، دعوة الحكومة له من أجل القيام بزيارة متابعة خلال سنة 2014 "أعبر عن شكري للمغرب لانفتاحه على التعاون المستقبلي". وأبرز المقرر الأممي في تقريره حول الوضع في المملكة، الذي قدمه السنة الماضية أمام مجلس حقوق الإنسان، "بروز ثقافة حقوق الإنسان"، معربا عن ارتياحه للسير الجيد لمهمته في المغرب، خاصة الولوج الحر لجميع أماكن الاحتجاز. وكتب خوان مينديز أن "ثقافة حقوق الإنسان بصدد التطور ومختلف السلطات التي التقيتها أبانت عن إرادة سياسية"، معتبرا إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان "الجانب المؤسساتي الأهم في هذه الثقافة الصاعدة".