قال ريكاردو فابياني، الخبير في شؤون شمال إفريقيا بمجموعة أوراسيا، "الولاية الرابعة لبوتفليقة لن تنهي الصراع. فاستقرار النظام سيتوقف على صحة بوتفليقة وجماعات النظام التي تناور لتحديد من يخلف الرئيس". اعتقالات في صفوف متظاهرين في الجزائر لم يشعر الجزائريون بالصدمة عندما علموا أن رئيسهم المريض عبد العزيز بوتفليقة سيرشح نفسه لفترة رئاسة جديدة بعد أن أمضى 15 عاما في السلطة، لكن الطريقة التي أبلغهم بها بذلك كانت مفاجأة. وبعد شهور من التكهنات، لم يخرج الزعيم البالغ من العمر 77 عاما وأصيب بجلطة في العام الماضي على شعبه بخطاب على الهواء يبثه التلفزيون والراديو لإعلان ترشحه. بل إنه ترك رئيس وزرائه ووكالة الأنباء الوطنية لإعلان ذلك الأسبوع الماضي. ويوم الاثنين سجل بوتفليقة نفسه كمرشح لدى المجلس الدستوري قبل 24 ساعة من نهاية المهلة المتاحة للمرشحين وظهر لفترة وجيزة على التلفزيون الرسمي وتكلم علانية للمرة الأولى منذ شهور. وفي ضوء التأييد الذي يحظى به من حزب جبهة التحرير الوطني وحلفائها والجيش، فإن فوز بوتفليقة في الانتخابات في حكم المؤكد وهو الذي ينسب له الفضل في قيادة الجزائر وإخراجها من الحرب الأهلية التي دارت رحاها في التسعينات بين قوات الأمن والإسلاميين. وسيزيل تولي بوتفليقة الحكم لفترة جديدة الغموض في الوقت الحالي بشأن مستقبل الجزائر التي تعد منتجا رئيسيا للنفط في إفريقيا وحليفا لواشنطن في حربها على المتشددين الإسلاميين الذين وسعوا نشاطهم في شمال أفريقيا بفضل الفوضى التي اجتاحت ليبيا. ورغم كل الإصرار على المستوى الرسمي أن بوتفليقة في صحة طيبة إلا أن ندرة ظهوره أدت إلى شكوك حول الكيفية التي سيدير بها حملته الانتخابية وما قد يحدث إذا مرض من جديد ومن يخلفه إذا اضطرته حالته الصحية للتخلي عن الحكم في الفترة الرابعة. وحتى عند الإعلان عن ترشح بوتفليقه لم يبذل رئيس الوزراء عبد المالك سلال جهدا يذكر لتبديد الشكوك بشأن صحته عندما قال إن الرئيس لا يحتاج لخوض حملة دعائية لأن بوسع كثيرين أن يقوموا بهذه المهمة. وقال جيف بورتر الخبير في شؤون شمال أفريقيا بمركز مكافحة الإرهاب في وست بوينت "تستطيع أن تحصي على يد واحدة عدد المرات، التي ظهر فيها بوتفليقة علنا في العام الماضي. وستكون انتخابات 17 أبريل انتخابات غريبة من حيث ممارسة الديمقراطية". بعد انتفاضات الربيع العربي، التي بدأت عام 2011، لم تشهد الجزائر التي مازالت تعاني من آثار الحرب الأهلية، التي سقط فيها 200،ألف قتيل أي اضطرابات أو انتفاضات شعبية على الوضع القائم. ومازال الكفاح ضد الاحتلال الفرنسي الذي أدى إلى الاستقلال عام 1962، رغم أنه زمن ولى- يشكل الحياة السياسية. ومنذ ذلك الحين يرسم ملامح السياسة من وراء الستار مزيج من قدماء أعضاء جبهة التحرير الوطني ونخبة قطاع الأعمال وقادة الجيش. وفي الأسابيع الأخيرة خرجت إلى العلن خلافات بين مؤيدي بوتفليقة والفريق محمد مدين رئيس الاستخبارات. وقال محللون إن جانبا كبيرا من ذلك عكس جهود جماعة بوتفليقة لتحييد النفوذ السياسي لمدين قبل أن يعلن الرئيس ترشحه لفترة رابعة. ويبدو أن رجال بوتفليقة كانت لهم الغلبة. فقد تم عزل عدد من كبار ضباط الاستخبارات ونقل آخرون في حين يتولى حلفاء الرئيس مناصب رئيسية في الجيش ومجلس الوزراء. ويرأس اللواء أحمد قايد صالح رئيس الأركان ونائب وزير الدفاع وأحد المقربين من بوتفليقة لجنة تقر ترقيات ضباط الجيش. وتقول مصادر سياسية إن هذا المنصب يمكن أن يستغل في تقليص دور الاستخبارات في السياسة. وفي عام 2012، أشار بوتفليقة إلى أن زمن جيله من الزعماء قد انقضى، لكنه شدد قبضته على الحكم. وسخر رسامو الكاريكاتير السياسي في الجزائر من ترشيح رئيس مخضرم اختفى من الحياة العامة تقريبا. ويقول حلفاء بوتفليقة إنه شخصية تمثل عامل استقرار في منطقة تمثل فيها ليبيا مخاطر الفوضى بعد ثلاث سنوات من إنهاء حكم العقيد معمر القذافي، الذي استمر 42 عاما.