قال مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، إن موضوع معالجة كفالة الأطفال المهملين بالمغرب عرف محطات عدة، انتهت على مستوى القوانين بصدور قانون 15.01 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين، الذي تضمن الشروط الموضوعية لكفالة الطفل المهمل. وأضاف فارس، في افتتاح الندوة الوطنية حول "كفالة الأطفال المهملين بين تقوية الضمانات وتدليل الإكراهات"، المنظمة أول أمس الخميس من طرف محكمة النقض، أن القانون 15.01 نص على الإجراءات المسطرية، التي يتوجب اتباعها من طرف طالب الكفالة، والجهات المخول لها النظر في طلبه، وإسناد هذه الكفالة، وتتبع تنفيذها ومدى الوفاء بالالتزامات الناشئة عليها. وأوضح فارس، أنه مع الممارسة اليومية لنصوص هذا القانون، سواء من طرف طالبي الكفالة أو من طرف المتخصصين من قضاة ومحامين ومهتمين، بدأت تطفو على السطح مؤاخذات لبعض المقتضيات، على إثر اصطدام الممارسين بإشكاليات تعرقل مسار التكفل، مضيفا أن محور الندوة الوطنية هو استطلاع ما سبق إثارته من إشكالات التكفل بالمغرب واقتراح الحلول الرصينة التي تحفظ للأطفال المهملين إنسانيتهم، وكرامتهم وجميع مقومات هويتهم، مشيرا إلى أن هذه الإشكاليات تتلخص أولا في إشكاليات مرتبطة بالظروف الاجتماعية للأطفال موضوع الكفالة، ومؤسسات الاستقبال، وثانيا، في المرتبطة بالقصور التشريعي، وثالثا ، في المرتبطة بتفعيل المقتضيات القانونية وتطبيقها قضائيا. وأبرز الرئيس الأول لمحكمة النقض أن اختيار المحكمة "كفالة الأطفال المهملين بالمغرب" كموضوع لأولى ندواته الشهرية لسنة 2014، فرضه "واجب التفاعل مع النداءات المتواصلة، في الداخل كما في الخارج، لفتح النقاش حول الموضوع، وإيجاد الحلول الملائمة، للمكانة المتقدمة التي استطاع المغرب إحرازها، بفضل جهود صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وشرفاء هذا الوطن". وتابع قائلا إن "موقع محكمة النقض كقمة للهرم القضائي، الذي جعلها قبلة للمتتبعين وملاذا للمهتمين، هو ما أملى الوقوف في هذه المحطة عند مؤسسة الكفالة، التي كثيرا ما تحدثنا عنها إما بحس قانوني جامد، أو بنبرة نصية صارمة، تخلو، في الغالب، من التريث قليلا أمام المعني الأول والرئيس "بهذا النقاش وفيه"، وهو الطفل المتكفل به"، مستشهدا في ذلك بآيات قرآنية وأحاديث نبوية. واعتبر فارس أن المتمعن في النصوص القرآنية والأحاديث النبوية " لا يمكنه، وهو ينخرط في إعداد وتطوير استراتيجيات النهوض بحقوق الطفل في بلادنا، وفق ما تقتضيه مرجعياتنا الدينية والقانونية والحقوقية من جميع المواقع، أن يقف عند المقاربات القانونية الصرفة أو المنظورات الإيديولوجية العقيمة في معالجة وضعيات الأطفال المتخلى عنهم كفئة هشة في المجتمع، والذين يشكلون القاعدة الأساس لمساطر الكفالة، بل لابد من اعتماد مقاربات شمولية، تراعي المصلحة الفضلى لهذا الكائن حيثما وجدت، وتسخر لبلوغ هذا الهدف كافة الآليات الممكنة والتي لا تعوز بلدا أصيلا وحضاريا مثل بلدنا". وختم فارس كلمته قائلا "إذا كانت مبادرة محكمة النقض لتنظيم هذه التظاهرة العلمية تندرج في إطار دورها المحوري في تأمين الانسجام القضائي، وتوحيد الاجتهاد، ومراقبة مدى التزام محاكم الموضوع بأداء وظيفتها المحددة دستوريا، في حماية الحقوق والتطبيق العادل للقانون، فإنها، أيضا، تنسجم والسياسة المنفتحة لهذه المؤسسة، على كافة مكونات المجتمع المدني، في إطار ما تبرمجه من لقاءات دورية، تستهدف طرح الإشكاليات المرتبطة بالعمل القضائي للنقاش، وتقييم الأداء والاستفادة من التجاوبات والتفاعلات، من داخل هذه المؤسسة وخارجها، في مناخ تطبعه الصراحة والشفافية والموضوعية والاحترام المتبادل".