في اليوم الرابع لأشغال المؤتمر السنوي 61 للاتحاد الدولي للقضاة بمراكش، نظمت الندوة الدولية حول موضوع "استقلال القضاء وارساء الوضعية الكونية للقضاة". وقال مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال افتتاح هذه الندوة، اليوم الأربعاء، إن إعداد وإخراج الميثاق العالمي للقاضي من طرف الاتحاد "وثيقة تاريخية مرجعية تشكل نتاج تراكمات ناضل من أجلها القضاة عبر العالم وتحمل الكثير من الطموح والانتظارات "، معتبرا أنه "وعي كبير بالضمانات الواجب توفيرها لممارسة سليمة للمهنة والارتقاء بها إلى سلطة حقيقية تحقق العدل الذي يصون الأمن للجميع". واستعرض فارس في الكلمة التي ألقاها بالنيابة عنه عبد الحق العياسي، رئيس الودادية الحسنية للقضاة، المنظمة لهذا المؤتمر بتنسيق مع الاتحاد الدولي، (استعرض) مسار تكريس استقلال السلطة القضائية بالمملكة منطلقا من محددات أربع لملامح هذه التجربة أولها "وجود إرادة ملكية عليا واضحة في العديد من المحطات والمناسبات من اجل تكريس وتعزيز هذا الاستقلال كخيار استراتيجي لا مجال للتراجع عنه في ظل مخطط إصلاحي شمولي لإصلاح منظومة العدالة"، مضيفا انها "إرادة منبثقة من صريح الدستور الذي ينص على أن الملك هو الضامن دستوريا لاستقلال القضاء ويرأس المجلس الأعلى للسلطة القضائية" . وابرز فارس ان الحديث عن استقلال القضاء هو في عمقه طرح لسؤال أولي بسيط هو "من يملك اليوم السلطة أو القدرة للتأثير على القضاء والقضاة؟ " واجاب قائلا "الأكيد أن عناصر الجواب يمكن تحديدها في الجهات التالية وهي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وباقي السلط الشديدة التأثير : سلطة المال المغرية بالارتشاء، سلطة الإعلام"، معتبرا ان "أية مقاربة حقيقية وشمولية وعميقة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار هذه الجهات المؤثرة التي يمكن أن نضيف إليها أيضا التأثيرات الصادرة من داخل الجهاز القضائي نفسه". واكد فارس ان" المتفق عليه من خلال تراكم التجارب الدستورية والتشريعية والقضائية والرصيد الكبير للاتفاقيات والإعلانات والمواثيق الدولية والقارية والإقليمية والجهوية أن هناك قواسم وشروط مشتركة لابد منها للارتقاء بالقضاء كسلطة وهي مناخ ديموقراطي حر ، حركة قانونية شاملة تبدأ من القوانين التأسيسية وتصل إلى كل ما له علاقة بالنظام القانوني". واعتبر الرئيس المنتدب للسلطة القضائية أن الأخيرة "ممارسة عملية ملموسة تقر بأن السلطة القضائية ليست فرعا من أصل وإنما هي أصل قائم بذاته، مع ما يرتبط بذلك من إشراك مختلف الفاعلين في قطاع العدالة في إنجاح هذا الورش الإصلاحي الشمولي". وقال ايضا "لا شك أن هذه المقتضيات الدستورية الهامة شكلت إطارا مؤسسيا هاما لتفعيل حقيقي لمفهوم استقلال القضاء وحلقة أساسية ضمن مسلسل إصلاح السلطة القضائية ، مشددا على التعبير عن روح هذه المقتضيات في القوانين التنظيمية المتعلقة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة اللذان تمت المصادقة عليها من طرف المحكمة الدستورية. وبخصوص الندوة الدولية، أكد فارس أنها ستخول فرصا جديدة لتطوير تجربتة المغرب ورؤيته مشددا على عزم المغرب بذل الجهود لتفعيل أمثل للميثاق العالمي للقاضي نصا وروحا.