رغم أن أسود الأطلس حزموا حقائبهم وودعوا روسيا عائدين مبكرا إلى أرض الوطن، إلا أن الكل أجمع على أنهم خرجوا من المونديال مرفوعي الرأس، بعد مباراة كبيرة أمام أبطال العالم لدورة 2010 بجنوب إفريقيا، المنتخب الإسباني، وتفوقهم باستحقاق، لولا أن "تقنية الفيديو"، أو بشكل أصح "مهزلة الفيديو"، منحت للإسبان هدف التعادل، في الوقت بدل الضائع من المباراة، وهم الذين كانوا متخلفين في النتيجة. حينما نعود إلى الأرقام، يبرز التفوق الإسباني واضحا بشكل كبير، علما أنهم اعتادوا دوما على أن يكونوا أصحاب النسبة العالية من الاستحواذ على الكرة، وأصحاب التمريرات، والتسديدات من بعيد، والزوايا، والضربات الحرة، وهلم جراء من الأرقام التي لم تكن كافية لهز شباك الحارس الدولي المغربي منير المحمدي، سوى مرة واحدة، بعد هجوم منسق، لا ينكر أيا كان بأنه توج بشكل رائع من طرف مهاجم ريال مدريد، إيسكو. بالمقابل، ورغم أنه صاحب نسبة محدودة من الاستحواذ على الكرة، وأنه كان وراء محاولات هجومية محدودة، إضافة إلى عدد قليل من الضربات الحرة، والزوايا، إلا أن المنتخب المغربي كان واقفا بشكل جيد، على حد تعبير الكثير من التقنيين، الذين أكدوا أنه لم يسرق التفوق في النتيجة، لولا "مهزلة الفيديو". وعكس المباراتين الأوليين أمام إيرانوالبرتغال، كان خط الهجوم المغربي فعالا هذه المرة، وتمكن من زيارة شباك حارس نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي، دي خيا، مرتين، الأولى عبر قلب الهجوم، خالد بوطيب، الذي استفاد من خطأ يتحمل مسؤوليته الثنائي إينييستا وراموس، والثاني م للاعب يوسف النصيري، الذي لقن راموس درسا مفيدا في فن الارتقاء الجيد. ومرة أخرى تأكد أن الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" عندما يتبنى تطبيق أي نظام جديد، فإنما يقوم بذلك حماية للاعبين الكبار، وللمنتخبات والفرق الكبيرة، وتأكد ذلك بعد تطبيق نظام تقنية حكم الفيديو، إذ أن المستفيدين لحد الساعة من طينة خاصة، ومطلقا لم يلق الحكام ولا أعضاء اللجنة الساهرين على النظام الجديد بالا لاحتجاجات المظلومين الحقيقيين. فبعد ما وقع في مباراة البرتغال، وبعد حرمان المنتخب المغربي من ضربة جزاء واحدة على الأقل، رفض حكم المباراة ضد إسبانيا، الأوزبكي رافشان إيرماتوف، أن يستمع لشكاوي العناصر المغربية، سواء عندما اعتدى المدافع بيكي بيكي على حكيم زياش، واستحق ورقة صفراء، أو عندما لمس الكرة مرتين بيده، إحداهما داخل مربع العمليات دون أن يحرك الحكم ساكنا، ودون أن يتدخل حكم الفيديو إنصاف الفريق المظلوم. والغريب أنه مع أول حركة احتجاج للإسبان استجاب الحكام، ولجأوا إلى "مهزلة الفيديو"، وكانت النتيجة إلغاء قرار الشرود، وإعلان هدف التعادل الذي أحرزه البديل، أسباس. لا بد من الإشارة أيضا إلى أن الحكم كان سخيا مع اللاعبين المغاربة، بخصوص الأوراق الصفراء، مع أن بعضهم لا يستحقها، ما أثار غضب العميد امبارك بوصوفة، الذي فقد صوابه، وأزبد وأرعد، وهو تصرف غير مألوف، لكن يبدو أنه كان ضروريا للحد من مهزلة التحكيم. عموما ودع أسود الأطلس مونديال روسيا برصيد نقطة وحدية، وهدفين في مرمى واحد من أكبر حراس هذه المحطة، ومما لا شك فيه أن الكثير من التساؤلات تفرض نفسها وبإلحاح كبير، وأغلبها ستوجه للناخب الوطني، هيرفي رونار، الذي يتحمل مسؤولية اختياراته التكتيكية والبشرية، ثم أيضا رئيس جامعة الكرة، فوزي لقجع، الذي يفترض فيه تحمل مسؤولية كل ما يروج داخل ميدان الكرة.