يمضي العدد متزايدا للركاب عند الباب الأمامي للحافلة لحجز التذكرة، السائق معني في هذه الأثناء باستخلاص ثمن تذاكر الركاب بموازاة السياقة. تقنية الأداء الجديدة خلقت اكتظاظ أمام الباب الأمامي للحافلة (سوري) إنه أسلوب جديد في تسيير النظام بالحافلات في الدارالبيضاء، ولو قاد هذا الأمر إلى الاكتظاظ والتدافع صوب السائق لنيل التذكرة، ثم الإسراع نحو المقاعد الشاغرة. فالاستعاضة عن القابض، بآلة إلكترونية تدفع بوريقات مسجل بها ثمن وتاريخ وتوقيت الرحلة، أعاق راحة السائق الملزم بالتركيز على السياقة دون تشويش من أحد، لكنه إجراء جديد حتم على السائق والركاب الخضوع له، على الأقل قبل تعميم البطاقة. بالحافلة رقم 35، كما هو الأمر بالنسبة لخطوط أخرى، لم يعد متاحا الصعود على عجل لأخذ مكان فيها، فالآلة الإلكترونية المرصودة للركاب تحتم التريث لحظات لتسلم التذكرة من السائق، ومع كل راكب هو ملزم باستلام النقود، ورد الباقي لمن تجاوزت نقوده 4 دراهم، ومع كل عملية ينشغل السائق بتوزيع التذاكر في موقف يعبر عن ارتجاله. بالمحطة الأولى لانطلاق الحافلة بمنطقة الألفة، يبذل السائق جهده في مد الركاب بالتذاكر على عجل، في حين هؤلاء يتدافعون نحو السائق دون انتظام للتسابق نحو المقاعد، لأن استلام التذكرة شرط أولي قبل الجلوس. يتحايل البعض على التدافع بالصعود من الباب الخلفي لحجز المقاعد بأغراض شخصية ثم استئناف الصعود من الباب الأمام وتسلم التذكرة، أو بتكليف آخرين بالنيابة عنهم في دفع ثمن التذكرة. كما لو أن السائق يسعى إلى فض الزحام من مدخل الحافلة كان يستعجل في تسلم النقود وتسليم التذاكر، لكن محاولته لم تكن لتشفع عند الكثيرين ممن أصروا على التدافع نحو الداخل قبل أن تمتلئ المقاعد. مهمة صعبة كان مشهد الركاب المتدافعين يعبر بوضوح أن النظام الجديد في حجز التذاكر لا يزيد الأمر إلا تعقيدا بالنسبة إليهم، فالضجة المحدثة في الحافلة لا تتوقف إلا بعد انطلاقها، ومع ذلك ففي كل محطة يجبر السائق على استقبال ركاب آخرين بالطريقة نفسها، وتمكين البعض من النزول من الباب الخلفي، وهكذا يصبح انتباه السائق موزعا على أكثر من مهمة. ولأن السائق وحده المتكفل بتسليم التذاكر يفضل أن يخلص هذه المهمة قبل الشروع في السياقة، ومن ثمة فمدة الوقوف بالمحطة الواحدة تمتد للحظات، يصاحبها تذمر الركاب الجالسين، اعتبارا إلى أن خط الرحلة طويل والمحطات كثيرة ونهج المنوال نفسه في نقل الركاب نحو وجهاتهم، أصبح مكلفا للوقت أكثر من النظام المعمول بها سابقا، حسب رأي بعض الركاب. إعفاء القابض أدرك الكثير من الركاب بعد اعتماد الآلة الإلكترونية، موقع القابض بالحافلة، فهذا الأخير الذي كان يندس بين الركاب في غمرة الزحام أو دونه، لتسليم التذاكر، لم يعد موجودا بالعديد من الحافلات، وفي إعفائه من هذه المهمة، على الركاب أن ينهجوا النظام المعتمد، وإن كان الكثير منهم يساهم في الازدحام، بالتدافع على نحو لا يساعد السائق على تمرير التذاكر بمرونة. كان القابض في السابق، يتنقل بين الركاب حرصا منه على تمكين الجميع من التذكرة، وفي ممر الحافلة الممتلئ في الغالب، يسعى جاهدا إلى اختزال الجهد عليهم في التقدم أو التأخر بداخل الحافلة، خاصة بعدما ينزوي كل واحد في مكان، لا يساعده الاكتظاظ على مفارقته إلا عند الوصول إلى الوجهة المطلوبة. الآلة الإلكترونية خصصت الآلة الإلكترونية لعصرنة النظام في استعمال الحافلات، غير أن البعض يرى العكس في ذلك، حيث إن تكفل السائق وحده بها، أربك مهمته في السياقة كما أربك وتيرة التنقل إلى الوجهات المحددة، بعدما أصبح لزاما على السائق أداء مهمتين في آن واحد. كان السائق يمضي مشرفا على جميع الطرقات والشوارع المؤدية إلى نهاية السير بساحة ماريشال، وفي أكثر من محطة اجتازها دون توقف، فعدد الركاب بقلب الحافلة تعدى سعتها ولم يعد ملائما بالنسبة إليه، خاصة بالشوارع المزدحمة بالمواصلات، استقبال أعداد أخرى بكل محطة، ثم اعتماد الطريقة ذاتها في حجز التذاكر. مشهد الحافلة وهي تعبر وجهتها دون توقف، طمأن الركاب على أن السائق يحاول تدارك الوقت، الذي ضاع في حجز التذاكر بمحطات سابقة، وهنا يفوت على مواطنين آخرين استعمال الحافلة والوصول إلى وجهاتهم في الموعد المقرر لديهم. بالإمكان إدراك قنوط الركاب من اضطرار السائق لتسليم التذاكر عند كل محطة، قبل استئناف رحلة الحافلة، فالمهمة والتأفف اللذان يعبران به عن تضايقهم من التوقف الطويل، لن يلغيا إكراه الوقت الذي فرضته الآلة الإلكترونية. إجبارية البطاقة صرح مولاي يوسف الودغيري الإدريسي، مدير الرأسمال البشري بشركة نقل المدينة ل"المغربية" حول اضطرار السائق إلى مد الركاب بالتذكرة، خلال هذه الفترة، أن الإجراء مؤقت وزائل، في انتظار تعميم بطاقة الحافلة في الآجال القريبة، موضحا أن اعتماد التذاكر الإلكترونية سيسهل على الجميع استعمال الحافلة في ظروف يسيرة، ولهذا فالجميع مجبر لاحقا على اقتناء البطاقة للانخراط في النظام الجديد للحافلات، حيث إن التذاكر الحالية هي مؤقتة، إلى حين توعية المواطنين بضرورة الحصول على البطاقات المعتمدة. وذكر الودغيري أن عدد القابضين في الحافلة تقلص إلى 1200 قابض موزع على 866 حافلة التي تشكل الأسطول، وجرى تكليف القابضين الآخرين بمهام جديدة تتجلى في العمل ب 16 وكالة تجارية متنقلة على شكل حافلات، سيرتفع عددها في الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن جميع الحافلات اليوم هي مجهزة بالآلة الإلكترونية، منها ما هو قيد العمل في غياب القابض. كاميرات للمراقبة في السياق ذاته، أوضح الودغيري أن اعتماد التذاكر الإلكترونية في الحافلات جاء بناء على دراسات عميقة منذ سنوات، تهدف إلى تعزيز الإجراءات السلسلة في استعمال الحافلات في ظروف سهلة ومتمدنة، تخول للمواطنين أجواء مريحة وآمنة. وفي هذا الصدد قال الودغيري، إن هناك حوالي 400 وكيل تجاري موزعين لاستقبال الزبناء وتوعيتهم بفوائد استعمال البطاقة من أجل تحسين ظروف تنقلهم عبر الحافلات، مضيفا أن هذه الأخيرة أصبحت مجهزة بأربع كاميرات بكل حافلة، إذ أصبح من الممكن المراقبة والمتابعة الآنية للمجريات والمواقف بالحافلة، تحسبا لأي طارئ قد يشوش على راحة وسلامة وأمن الركاب، خاصة أن الكاميرات تتوفر على إمكانية حفظ تسجيلات لمدة 15 يوما. حافلات مجهزة أكد الودغيري أن الآلة الإلكترونية لا تعيق فاعلية النظام بالحافلة، بقدر ما تسهله، غير أنه خلال هذه الفترة على المواطنين الانخراط أكثر في الحصول على البطاقات لتسهيل الأهداف، التي أنشئت من أجلها التذاكر الإلكترونية. وفي الإطار ذاته، أفاد الودغيري أن شركة نقل المدينة فعلت، منذ فترة، نظام التذاكر الإلكترونية، الذي من شأنه المساعدة على تحقيق اندماج التسعيرة وخلق مبدأ "الشبكة الموحدة" وتنظيم المراسلات مع التراموي. كما تم تجهيز أسطول حافلات نقل المدينة المكون من 866 حافلة بآليات التأشير بالبطاقات الذكية المسبقة الدفع ونشر آليات خاصة بإنشاء وإعادة تعبئة بطاقات "مدينة موف" على مستوى الشبكة التجارية. كما عمدت شركة نقل المدينة إلى تجهيز حظيرة حافلاتها بنظام للمراقبة عن طريق الكاميرات وأجهزة الاتصال اللاسلكي والتتبع عبر الأقمار الصناعية، وتقوية عدد المراقبين، بالمساهمة والدعم الضروريين للأمن الوطني، إذ من شأن هذه الإجراءات الحد من معدل الاعتداءات على متن الحافلات، بعدما سيتيح النظام التدخل الفوري وضبط محكم لمجريات الخدمة. اقتناء حافلات جديدة تطرق مجلس المدينة في ندوات سابقة إلى أن هناك مساعي حثيثة للرفع من جودة الخدمات التي يقدمها قطاع النقل بالدارلبيضاء، ومن المنتظر أن يخصص غلاف بقيمة 200 مليون درهم لاقتناء حافلات جديدة للنقل العمومي، لفك معضلة الاكتظاظ بشوارع المدينة.