تحت شعار "لنعش المغرب الثقافي"، تحتضن مدينة الدارالبيضاء من 13 إلى 23 فبراير الجاري، الدورة 20 لمعرض الكتاب والنشر بالدارالبيضاء، بمشاركة أزيد من 950 ناشرا من 50 دولة، وحضور 14 وزيرا للثقافة من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي اختارها المنظمون ضيف هذه السنة في إطار الاحتفاء بالثقافة الإفريقية. إقبال واضح على معرض الكتاب في إحدى دوراته قال وزير الثقافة في كلمة له عن دورة 2014 "إن المعرض المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، سيحتفي بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المكونة من 15 دولة ترتبط جميعها بعلاقات حيوية وممتازة مع المغرب الوفي والمثمن لعمقه الإفريقي، والحريص طبقا للرؤية الملكية السديدة، القائمة على توسيع وتثمين مختلف روابط التعاون مع هذه البلدان، التي سنسعد باستضافتها ثقافيا/ مثلما سيسعد القراء والمثقفون باللقاء المباشر مع بعض ابرز رموزها الفكرية والإبداعية". وتتميز فعاليات المعرض، حسب البرنامج العام، الذي أعلنت عنه وزارة الثقافة، بتوزيع جوائز المغرب للكتاب وتنظيم لقاءات مع الفائزين بها. وتسليم جائزة "الأركانة" للشعر التي ينظمها "بيت الشعر" بالمغرب للشاعر الفرنسي إيف بونفوا. وتكريسا لثقافة الاعتراف، ستستعيد الدورة أرواح عدد من المفكرين والمبدعين، الذين فقدرتهم الساحة الثقافية بالمغرب أمثال المفكر سلام يفوت، والشاعر محمد الصباغ، والكاتب محمد الصباري، والباحث الطاهر واعزيز. كما تحتفي الدورة بتجارب أدبية رائدة من خلال استضافة أسماء بارزة مثل الطاهر بن جلون، ومحمد برادة، والكاتب الكويتي سعود السنعوسي المتوج بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) في دورتها السادسة للعام 2013 من خلال روايته "ساق البامبو". وتنفتح الدورة أيضا، على أصوات أدبية جديدة في القصة والرواية والشعر، مع توقيع تقديم إصدارات جديدة، وإحياء أمسيات شعرية، وتنظيم ندوات حول مختلف من القضايا الراهنة. احتفاء خاص بالثقافة الإفريقية حينما اختار المغرب الثقافي، ممثلا في وزارة الثقافة، دول الغرب الإفريقي ضيف شرف الدورة 20، فإن رهانه كان منصبا، بالأساس، نحو تجديد عرى الأخوة والصداقة والمصير المشترك الذي يربط المملكة المغربية بامتدادها وعمقها الإفريقيين. كما كان طموحا يستحضر كل ما يساهم في تثمين وتمتين هذه العلائق التي شكلت في الماضي، وما تزال تشكل في الحاضر كما في المستقبل، مدخلا نحو خلق مزيد من سبل التعاون والتكامل والارتقاء بشعوب القارة السمراء. واليوم، إذ يستضيف المغرب إخوانه وأشقاءه الأفارقة في هذا المحفل الثقافي المهم، فلكي يجدد تأكيده، إذا كان الأمر بحاجة إلى تأكيد فعلي، على أن قوة القارة الإفريقية ومستقبلها رهين بتقوية وتكامل جبهاتها الثقافية، باعتبارها مدخلا مهما لمجابهة إشكالات التنمية. وحسب مدير الكتاب بوزارة الثقافة ومندوب المعرض، حسن الوزاني، فإن الدورة العشرين اختارت استضافة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي تضم 15 دولة (بنين، وبوركينا فاسو، والرأس الأخضر، وكوت ديفوار، وغامبيا، وغانا، وغينيا بيساو، وليبيريا، ومالي، والنيجر، ونيجيريا، والسنغال، وسيراليون، والطوغو) في إطار تأسيس سوق إفريقية للكتاب وترسخ تقاليد التواصل البناء بين الناشرين والكتاب الأفارقة والمغاربة والعرب. ويوضح الوزاني أن استضافة المعرض لدول غرب إفريقيا، تندرج في إطار التعريف بالثقافة الإفريقية وإبراز تنوعها وثرائها لدى زوار المعرض من القراء والمثقفين والإعلاميين، من خلال الموائد المستديرة المهمة التي سيبلغ عددها 16 لقاء سيشارك فيها حوالي 42 كاتبا و40 ناشرا إفريقيا، مشيرا إلى أن الندوات المخصصة لضيف المعرض ستتمحور حول الثقافة والأدب والكتاب والنشر في إفريقيا. أزيد من 100 نشاط ثقافي تكتسي ندوات هذه الفقرة أهمية قصوى، باعتبارها تعيد طرح عدد من القضايا والإشكاليات التي تعنى بالحاضر في علاقته بالمستقبل. ذلك أن مواضيع مرتبطة باللغة والنوع والفكر والثقافة والإبداع والجمال وغيرها من المحاور والحقول المتنوعة، التي ستحظى بنصيب من النقاش في ندوات هذه الدورة، ليست ترفا معرفيا، وإنما هي مداخل وأسئلة آنية وملحة تروم البحث عن أجوبة لعدد من الأسئلة المرتبطة بواقعنا الوطني المحلي في علاقته بمحيطه الإقليمي والجهوي والدولي. إنها فرصة لتحيين السؤال وتنويع المقاربات، بما يجعل من هذه المناسبة فرصة لإيجاد حلول لبعض مشاكلنا الآنية. ويتضمن البرنامج العام للمعرض، أزيد من 100 نشاط ثقافي موزع على فضاءات (قاعة محمد العيادي، وقاعة محمد الصباغ، وقاعة محمد بن الطيب الروداني)، وتتضمن موائد مستديرة ومحاضرات وندوات موضوعاتية وقراءات وتوقيع إصدارات جديدة. تجارب في الكتابة تحتفي فقرات هذا البرنامج بعدد من الأسماء الإبداعية الوطنية والعربية وفي حقول مختلفة. أسماء كرست نفسها من خلال منتوج إبداعي لاقى حضورا لافتا وإقبالا كبيرا على امتداد الوطن العربي. إنها مناسبة راقية للوقوف على مشاغل وطموحات ومشاريع مبدعينا المغاربة والعرب، وهي أيضا مناسبة لتجديد الصلة بهم، في لقاءات مفتوحة تتخللها نقاشات صريحة، يكتشف فيها القراء وزوار هذه الدورة بعض مناطق الظل في حياة الكتاب ضيوف هذه اللقاءات. لقاءات مع الفائزين بجائزة المغرب للكتاب أمست جائزة المغرب للكتاب، بعد ثماني وأربعين سنة على إحداثها، محطة ثقافية سنوية مهمة لتشخيص المتن المكتوب ببلادنا في مختلف الأجناس والتخصصات الإبداعية والنقدية والبحثية واللغوية، كما صارت بمثابة مقياس لحيوية الجسم الثقافي المغربي. سيلتقي جمهور زوار المعرض، في فقرات هذا المحور، مع الكتاب والنقاد والباحثين والمبدعين الذين حازوا جائزة المغرب للكتاب لموسم 2014 . وسيكون ذلك مناسبة للقاء المباشر مع المتوجين، في حوار مباشر ومفتوح عن الكتابة وشؤونها. وتشتمل جائزة المغرب للكتاب على ستة أصناف هي جائزة المغرب للعلوم الإنسانية، وجائزة المغرب للعلوم الاجتماعية، وجائزة المغرب للدراسات الأدبية والفنية واللغوية، وجائزة المغرب للشعر، وجائزة المغرب للسرديات والمحكيات (رواية، قصة، مسرحية...)، وجائزة المغرب للترجمة. جائزة الأركانة أصبحت جائزة الأركانة للشعر، التي ينظمها بيت الشعر في المغرب، تكتسح جغرافيات شعرية جديدة، كما باتت تحتل مكانة مرموقة في مصاف الجوائز الراقية التي تحتفي بالشعر والشعراء في نقاط معلومة من العالم. جائزة أراد لها القائمون عليها أن تكون ضمير الإنسانية الحي الرافض لكل أشكال العبث بالقيم الإنسانية النبيلة، قيم الخير والجمال وتقارب الشعوب والحضارات. فبعد الشاعر الإسباني أنطونيو غامونيدا، تعود "أركانة" في دورتها الثامنة إلى الشاعر الفرنسي إيف بونفوا. وآلت جائزة "أركانة" العالمية للشعر للعام 2013، بإجماع أعضاء لجنة التحكيم، إلى الشاعر الفرنسي إيف بونفوا "الذي منح الإنسانية، من خلال تجربته الفريدة، شعرا ذا بعد إنساني عميق". وتعد الجائزة، حسب القائمين على "بيت الشعر" احتفاء بإيف بونفوا شاعر الحكمة والتجديد، الذي "تمكن عبر أعماله الشعرية والنقدية، منذ انضمامه إلى السورياليين الفرنسيين إلى اليوم، من تجسيد صورة الشاعر الحقيقي المهووس بكتابة لا تخلو من المخاطر والتحديات". وتابع بيت الشعر في عرض حيثيات منح الجائزة للشاعر الفرنسي، أن إيف بونفوا "اشتغل بجهد كبير على اللغة كمادة ليخلق منها شعرا يمنحه تفردا وعمقا خاصين. فرغم الانبهار باللامرئي فهو لا يتغاضى عن دينامية الحسي كما تتجلى في آنية وبساطة الأشياء. إنه شاعر الحضور بامتياز، فهو يعبر بشعره عن ذاته بالقرب من الكائن والأشياء. وبعد مراحل من الارتياب والعراك، ومن التخلي والقبول، فإنه يحتفي اليوم ببيان القول". وأثنى بيت الشعر على تجربة هذا الشاعر الذي أصر دوما على قياس قوته و ضعفه كإنسان. أكثر من ذلك، فهو أثبت قدرته على أن يجعل من كل كلمة حدثا، بل وجودا له. وخلص بيت الشعر إلى أن درس الأمل الذي يقدمه إيف بونفوا، دون قصد أو عن دراية، في شكل أشبه باحتفالية الهبة والعطاء، هو أن "الشعر هو الذي ينقذ الإرث الإنساني من الضياع، إذ بدونه فهو منذور حتما للضياع". ساعة مع كاتب هي سلسلة من اللقاءات المفتوحة التي تجمع كتابا مرموقين مع قرائهم الأوفياء. وهي إلى ذلك لحظة مكاشفة مفتوحة وحوار صريح يراهن من خلاله برنامج المعرض، منذ دورات سابقة، على تكسير حاجز المسافات بين ذات كاتبة ومتلق شغوف بمعرفة أدق تفاصيل كاتبه المفضل. إنها لحظة إنسانية رفيعة، تتيح لكتاب مكرسين سماع صوت قرائهم المحتملين، تلقي عتابهم واستفساراتهم ومؤاخذاتهم في شأن مشاريعهم الإبداعية، ومواقفهم وآرائهم في هذه القضية أو تلك، دون اشتراطات قبلية، ماعدا الانحياز لنباهة السؤال، وما يتطلبه من حسن الإنصات العميق والمتبادل. ذاكرة إنها فقرة للذكرى ضدا عن كل احتمالات النسيان. ذكرى أسماء وأصوات وتجارب راهن أصحابها، ذات حياة وذات حضور إبداعي راق ونبيل، على صناعة بعض ملامح صوتنا الثقافي الجمعي المشترك، بما يقتضيه ذلك من صفاء السريرة ونبل الاختيار. أسماء انحاز أصحابها لقضايا المجتمع ومشاغل البسطاء، عبر الكلمة الصادقة والخيال الجامح الذي ينفذ إلى عمق الوجدان. وسواء تعلق الأمر بالشعر أو السرد أو الفكر أو الجمال، فإن المسعى ظل واحدا، البحث عن موقع قلم في عالم لم يكن، في كثير من الأحيان، يؤمن بجدوى الكتابة وبجدوى الإبداع. ومن ثم، ينبع شرف وسمو هذا التذكر الذي ينبغي أن يستمر في الحياة. أصوات جديدة في الكتابة إن قدر أية أمة ومستقبلها الإبداعي والثقافي لا ينبغي أن يبقى مرهونا بفئة واحدة ووحيدة من أبنائها، أي فئة الواصلين إلى المجد الكلمة وسموها، وإنما ينبغي أن يكون منفتحا على أصواتها الجديدة، نساء ورجالا، ممن يراهنون على تسطير أسمائهم في مدونة الكتابة الضامنة للاستمرارية وللبقاء. إن رعاية هؤلاء الوافدين الجدد وتيسير سبل ترقيهم لسلم الوجود الفاعل والفعال في المجال الثقافي يظل مشروطا بمدى إيماننا العميق بحقهم في الحضور، وبمقدرتهم على إضافة الجديد لصوتنا الإبداعي في مشتل الحياة الإبداعية، بما هو تربة خصبة قد تسع إضافة الجميع. وفي ذلك فليتنافس المبدعون. أمسيات أدبية تطمح هذه الفقرة إلى تجسير المسافة بين ثلة من المبدعين وجمهور القراء من زوار هذه الدورة، من خلال تقديم طبق متنوع وغني، يساهم فيه شعراء وقصاصون وزجالون مغاربة، عرب وأجانب، يمثلون تجارب وأعمار ولغات كتابة متنوعة ومن كلا الجنسين. إنها لحظة رفيعة تتطلب قدرا من الإنصات العميق والتفاعل الإيجابي والراقي، بما يخلق متعة مضاعفة؛ متعة القراءة والبوح الصادق، ومتعة السماع المسكون بروح الاكتشاف والرغبة في اكتشاف مجاهل الكتابة وفك مغاليق النصوص الإبداعية المقترحة في هذه الأمسيات الأدبية المفتوحة. أصوات من العالم هي رحلات ثقافية تعكس تمثل الآخر لهذا المغرب الحضاري، المتنوع والغني. إنه تمثل ينطلق من عمق القارة الأمريكية في شطرها اللاتيني، هذا الجزء من الخيال الإنساني المجبول على سحر الحكي. تجارب تحكي عن المغرب بلغة أخرى وبتمثل مغاير. وسواء تعلق الأمر بترجمة الإبداع المغربي، شعرا ونثرا، إلى اللغة الإسبانية، أو برصد الحياة المغربية السيارة من قبل أقلام لاتينية، فالأمر سيان، إنه نافذة تجسر المسافات الجغرافية التي تفصل قارتنا الإفريقية عن باقي قارات العالم، وهي إلى ذلك لحظة اكتشاف الذات المغربية من منظور الآخر، المختلف ثقافيا وإبداعيا وجماليا. ومن ثم أهمية هذا الاقتراح الذي يأتينا عبر أصوات أخرى من العالم. تقديم كتب على غرار الدورات السابقة، تحتفي هذه الدورة من المعرض الدولي للنشر والكتاب بعدد من الكتب والمنشورات الجديدة لكتاب ومبدعين مكرسين وشباب. كتب ارتأى مؤلفوها أن يكون أول ظهور لها ضمن فقرات هذه الدورة، فيما يعتبرونه امتيازا إن لمنتوجهم الإبداعي والفكري والثقافي، أو لجمهور القراء من الباحثين عن الجديد الذي يطرح لأول مرة أمامهم. دورة بعد أخرى، أصبحت هذه الفقرة تشكل لحظة رفيعة من لحظات هذا الموعد الثقافي السنوي المهم، لحظة تتنافس فيها دور النشر الوطنية والعربية والأجنبية لتقديم أفضل ما لديها، ضمانا لجودة المنتوج ولتوسيع دائرة زبنائها من عشاق الكتاب ومقتنيه من القراء المحتملين. آفاق مهنية تكتسي هذه الفقرة أهمية كبرى من حيث محتواها ورهاناتها. فمن جهة تعتبر مناسبة سانحة ستتيح للمهنيين المنشغلين بالكتاب وبصناعته وترويجه إمكانية مناقشة السبل الكفيلة بتجويد هذا القطاع وجعله يتبوأ المكانة اللائقة به. ومن جهة ثانية، سيكون فرصة للتداول وللحوار في مختلف القضايا والمشاكل التي تعترض انتشار صناعة الكتاب بين صفوف كافة شرائح المجتمع. وهي إلى ذلك، لحظة ستقرب جمهور القراء وزوار هذه الدورة من المشاركة في هذا النقاش المفتوح، الذي يروم الرفع من نسبة المقروئية وتداول الكتاب على نطاق واسع، في أفق الإسهام في خلق مجتمع قارئ وشغوف باقتناء المنتوج الورقي.