ناقش فاعلون سياسيون وأكاديميون سبل إعادة الاعتبار للديمقراطية التمثيلية، ومدى ضمان احترام الشرعية الانتخابية وحقوق الناخب. واعتبر إلياس العماري، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، خلال مشاركته في ندوة المرصد الوطني لحقوق الناخب، حول "الديمقراطية التمثيلية والتقنوقراط، تكامل أم تنافس؟"، يوم الخميس المنصرم، بالرباط، أن علاقة الديمقراطية التمثيلية بالتقنوقراط تعد إشكالية نظرية وفكرية وسياسية، وقال "إذا كانت الديمقراطية الغربية وصلت إلى الجيل الرابع من الإصلاح، فإن الدول التي تسعى إلى الديمقراطية هي في الجيل الأول من الإصلاحات، كما طرحت في الحرب العالمية الثانية"، داعيا إلى المزيد من وضوح المشهد السياسي، ونبذ الأحكام المسبقة على الفاعلين السياسيين، وقبول الآخر في العمل السياسي. واعتبر العماري أن المغرب يعاني "استقالة النخب وفراغ الفضاءات الثقافية والسياسية، ما مهد الطريق لظهور نخب ظلامية في المجتمع"، موضحا أن "حضور التقنوقراط في الحكومة لا يحتاج إلى إجابة دستورية لأن المغرب محتاج إلى نخب فاعلة ومقتنعة ولها امتداد، كما هو محتاج للفاعلين السياسيين". أما عبد الله البقالي، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، فاعتبر أن وجود عدد من الوزراء التقنوقراط في الحكومة يشكل "خرقا فاضحا للدستور، ومخالفة لما ينص عليه من وجود حكومة سياسية تخضع للمحاسبة"، مبرزا أن الدستور يشجع مشاركة الفاعل السياسي، وينص على أن رئيس الحكومة يعين من الحزب السياسي الذي يتصدر الانتخابات التشريعية، وألحق عبد الله باها، وزير الدولة، بخانة التقنوقراط "لعدم تحمله أية حقيبة حكومية" متسائلا عن دوره فيها. وبحث المشاركون الأسباب التي فرضت التعديل الحكومي الأخير، متسائلين حول مغزى عودة التقنوقراط إلى واجهة المشهد السياسي وتضخم تمثيليتهم في النسخة الثانية للحكومة بنسبة تناهز ربع الحقائب الوزارية، ما أدى إلى بروز "تيار في المجتمع يميل إلى تحميل المسؤولية لرئيس الحكومة، ويعتبره تراجع عن مبدأ الانبثاق الديمقراطي للحكومة". وذهب آخرون إلى أن إلحاق بعض التقنوقراط بالحكومة مسألة عادية تفرضها حتمية التوافق بين الفاعلين السياسيين لإنجاح التجربة الانتقالية وتعزيز الأداء الحكومي في بعض القطاعات الحيوية، وبالتالي، فإن تضخم نسبة التقنوقراط هو إنذار للأحزاب السياسية وترجيح للكفاءة في التدبير على الشرعية الانتخابية أكثر منه تراجع عن المنهجية الديمقراطية، التي يمكن توطينها في المغرب بشكل متدرج، في مناخ إقليمي متسم بالتوتر السياسي وتنافس الشرعيات.