يعد الحي المحمدي بالداوديات بمراكش، من الأحياء التي استفادت من مراكز اجتماعية وتكوينية لفائدة النساء، كما شهد، في السنوات الأخيرة طفرة إنمائية، شملت مجالات اجتماعية منها، مواكبة لأوراش التنمية والإصلاح الكبرى، التي تشهدها كل جهات المملكة. ويعتبر مركز التربية والتكوين للنساء، الذي أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم الأربعاء المنصرم، على تدشينه، واحدا من بين 300 مركز، أحدثت في مختلف جهات المملكة، بفضل دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومكنت 85 في المائة من النساء والفتيات من الاستفادة من خدمات اجتماعية واقتصادية. ويشكل المركز، الذي يهدف إلى المساهمة في تأهيل النساء والفتيات عبر تقديم دروس في محو الأمية، وتعلم المهن التي تتيح لهن ولوج سوق الشغل، مثالا حيا لمشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية المنجزة بعمالة مراكش، الرامية إلى محاربة الفقر والإقصاء والتهميش، وتجليا بارزا للمكانة التي يوليها جلالته لتكوين العنصر البشري، تكوينا مؤهلا باعتباره المدخل الأساسي لولوج سوق الشغل. ويعكس إشراف جلالة الملك على تدشين المركز المذكور الحرص الملكي على التتبع الميداني لمختلف المشاريع الرامية إلى تعزيز كفاءة النساء وتمكينهن من تكوينات ملائمة. تقول سكينة إكرم، إحدى المستفيدات من المركز، في تصريح ل"المغربية"، إنها التحقت بهذه المؤسسة من أجل التعلم لمدة عامين، والحصول على دبلوم يخول لها الولوج إلى سوق الشغل، من أجل توفير مدخول قار للاستجابة لمتطلبات الحياة اليومية"، معربة عن سعادتها لأن هذا التكوين يفتح لها أفقا للولوج لسوق الشغل. وينسجم تشييد المركز، الذي يروم تمكين المستفيدات من استقرار اجتماعي أكبر واندماج اقتصادي ناجح، مع الأهداف المسطرة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية لفائدة النساء المتمثلة في تمكينهن من جميع الآليات التي تتيح لهن اندماجا اجتماعيا ومهنيا أفضل. ويتسع المشروع، التي رصد له غلاف مالي يناهز 3.6 ملايين درهم، ل130من النساء والفتيات، سيتمكنن من تعلم الأنشطة المدرة للدخل، وبالتالي تحقيق استقرار سوسيو اقتصادي.. تقول لكبيرة سناح مؤطرة، "أشرف على تعليم حوالي 14 فتاة لتقنيات الخياطة، والفصالة، وبعد إنهاء مدة التكوين المحددة في سنتين يمنح للمستفيدة دبلوم من أجل الولوج إلى سوق العمل". وأكدت المؤطرة، في حديثها ل"المغربية"، على أهمية إحداث المركز، باعتباره مبادرة مهمة تسعى إلى إدماج النساء والفتيات في المجال المهني بتمكينهن من التربية والتكوين خصوصا في عدد من المهن الجديدة. ويجسد المركز، الذي أنجز بشراكة بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وجمعية الأطلس الكبير، على مساحة إجمالية تقدر ب 1659 مترا مربعا، الأولوية التي تحظى بها النساء ضمن المشاريع الاجتماعية المنجزة، التي تعمل على تكوين المستفيدات في مهن وأنشطة مختلفة، تمكنهن من سهولة الاندماج. وحسب عدد من نساء الحي، التقتهن "المغربية"، فإن المركز شكل بالنسبة لهن فضاء يستجيب لحاجيات ربات البيوت، يمكنه أن يكون دافعا لتطوير قدرات النساء والفتيات، وإتقان الحرف والمهارات، خاصة أن التكوين ينفتح على الفتيات، موفرا لهن تعليما نظريا وتطبيقيا في مهن تفتح المجال لولوج سوق الشغل أو خلق نشاط مدر للدخل. وقال محمد لكنيدري، رئيس جمعية الأطلس الكبير، إن المركز أحدث من أجل تكوين النساء في ميادين مختلفة، ومحاربة الأمية، والتربية الوظيفية، بالإضافة إلى الإعلاميات والحلاقة والتجميل والخياطة والفصالة، ويهدف إلى تطوير كفاءات المستفيدات بغية تحسين ظروفهن الاجتماعية والاقتصادية. وأضاف لكنيدري، في تصريح ل"المغربية"، أن المركز سيعمل على تكوين النساء تكوينا جيدا، وستمنح لهن شهادة التأهيل موقعة من طرف التعاون الوطني وجمعية الأطلس الكبير. حصيلة 8 سنوات من المبادرة الوطنية وصف القائمون على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية حصيلة المبادرة بعمالة مراكش، بالإيجابية جدا، فالمشاريع التي برمجت في إطار المبادرة، من حيث إحداث فرص الشغل وتعزيز الثقة بالنفس لدى المستفيدين، وضمان العيش الكريم لهم، كان لها الوقع الإيجابي على السكان. ووصل عدد المشاريع المنجزة في إطار المبادرة، مند إطلاقها من طرف جلالة الملك محمد السادس في 18 ماي 2005 بعمالة مراكش، إلى 446 مشروعا، ضمنها المشاريع المدرة للدخل، وتندرج هذه المشاريع، التي رصدت لها استثمارات تقدر بأزيد من مليار درهم، في إطار البرامج الأربعة للمبادرة، وهي برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري، ومحاربة الفقر بالوسط القروي، وبرنامج محاربة الهشاشة، والبرنامج الأفقي. واعتمدت اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بعمالة مراكش، مخططات عمل ملائمة وطموحة تتوخى إنجاز العديد من المشاريع السوسيو- اقتصادية التي من شأنها تحسين الإطار المعيشي للسكان المحليين، الذين يوجدون في وضعية اجتماعية صعبة، إضافة إلى وضع مخطط على مدى ثلاث سنوات في إطار تفعيل مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بجهة مراكش تانسيفت الحوز لمعالجة إشكالية الفقر والقضاء على البناء العشوائي ودور الصفيح والمباني الآيلة للسقوط، من خلال بلورة المشاريع المدرجة من قبل اللجنة الإقليمية المختصة وفق مقاربة واقعية وتشاركية تقوم على التعاون والتنسيق مع جميع الفرقاء والفعاليات المعنية بالتنمية البشرية، وتستند إلى تشخيص دقيق للأوضاع الاجتماعية المحلية بهدف حصر المشاريع ذات الأولوية التي تستجيب للحاجيات الملحة للفئات الاجتماعية المستهدفة. وبلغ عدد الأشخاص الموجودين في وضعية صعبة الذين استفادوا من مشاريع المبادرة الوطنية على صعيد عمالة مراكش في إطار برنامج محاربة الهشاشة 10 آلاف مستفيد بتكلفة مالية إجمالية بلغت 36.104.000 درهم، في حين استهدف برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي في المجال الحضري لمدينة مراكش منذ إطلاق ورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أزيد من 20 حيا تتركز بها بعض جيوب الفقر بخلق مشاريع اجتماعية ساهمت في تحسين ظروف وجودة العيش لدى سكان هذه الأحياء المستهدفة، بقيمة مالية قدرت ب 124.622.000 درهم. وعرفت الفترة الممتدة ما بين 2005 و2013 برمجة 511 مشروعا، ومن بين أحد أهم المشاريع المنجزة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على مستوى عمالة مراكش، برنامج تعميم الولوج للماء الشروب والكهرباء والربط بشبكة التطهير السائل، الذي جرى إطلاقه في 2007، ومكن هذا البرنامج (513 مليون درهم) الذي يستهدف 15 حيا حضريا و49 دوارا، من رفع نسبة الولوج للماء الصالح للشرب (98 في المائة)، والكهرباء (99,5 في المائة)، والتطهير السائل (94 في المائة). في المقابل، استفاد من برنامج إعادة تأهيل وترميم الفنادق العتيقة المخصصة للصناعة التقليدية التي يقع معظمها بمحيط ساحة جامع الفنا، والأحياء القديمة والممرات السياحية لمدينة مراكش، حوالي 3344 صانعا تقليديا في إطار شراكة بين المستفيدين والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بتكلفة مالية قدرت ب 21100000.00 درهم، بلغت فيها مساهمة المبادرة الوطنية 17950000.00 درهم، ما ساهم في الرفع من معدل الدخل الشهري للصانع التقليدي، ومكنه من الانتقال من التسويق غير المباشر إلى التسويق المباشر، والرفع من نسبة عدد زوار هذه الفنادق التي يرجع تاريخها إلى عهد الموحدين بنسبة 30 في المائة. مراكش الحاضرة المتجددة تحولت مدينة مراكش، إلى أوراش كبيرة في عهد جلالة الملك محمد السادس، من خلال إطلاق مشاريع سياحية واقتصادية واجتماعية وترفيهية بعاصمة النخيل، عندما ترأس جلالته، بمنطقة المحاميد، حفل إطلاق مشروع "مراكش.. الحاضرة المتجددة"، وهو برنامج طموح يعكس إرادة جلالة الملك القوية في ضمان تطور متوازن ومندمج ومستدام للمدينة الحمراء. ويندرج هذا المشروع، في إطار تصور جديد يولي أهمية خاصة للتنمية المستدامة، كما يقوم على مقاربة شمولية تسعى إلى حماية البيئة والنظام الإيكولوجي بالمنطقة وترشيد استهلاك الماء والطاقة، تنفيذا للسياسة الرشيدة لجلالة الملك المبنية على القرب والحكامة الجيدة والمرتكزة على تعبئة كل الطاقات والموارد للنهوض بالتنمية البشرية وترسيخ ديمقراطية المشاركة. ويروم هذا المشروع المهيكل، الذي يقوم على مقاربة مجددة وخلاقة في ما يتعلق بأفقية واندماج وتناسق التدخلات العمومية، مواكبة النمو الحضري والديموغرافي، الذي تشهده المدينة وتعزيز جاذبيتها الاقتصادية، ودعم مكانتها كقطب سياحي عالمي، وتحسين بنياتها التحتية السوسيو- ثقافية والرياضية، وتطوير مؤشرات التنمية البشرية بها. ويتمحور هذا البرنامج، الذي رصدت له اعتمادات مالية تبلغ 6,3 ملايير درهم، حول خمسة محاور رئيسية، هي تثمين الموروث الثقافي، وتحسين التنقل الحضري، والاندماج الحضري، وترسيخ الحكامة الجيدة، والمحافظة على البيئة.